ضباب يزحف على سماء المحافظات، تحذير عاجل من الأرصاد بشأن الشبورة المائية    ضباب وشبورة كثيفة.. «الأرصاد» تحذر من الساعات المقبلة    قرار قضائي جديد بشأن المتهم بسرقة سيدة بالعجوزة    جدول مباريات اليوم حول العالم: مواجهات قوية في أوروبا وإفريقيا    البث المباشر لمباراة ليفربول ونوتنجهام فورست في الدوري الإنجليزي    بعد تصديق الرئيس.. تعديلات قانون الإجراءات الجنائية نقلة حقيقية في ملف حقوق الإنسان    أسعار الدواجن والكتاكيت والبيض في السوق المصرية    إدارة الطيران الأمريكية تحذر الطيارين من مخاطر التحليق فوق فنزويلا    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    برنامج «دولة التلاوة» يعيد لمة العيلة المصرية على شاشة واحدة    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    مباراة العار، اشتباكات بين متظاهرين لدعم غزة والشرطة الإيطالية خلال لقاء فيرتوس ومكابي تل أبيب (فيديو)    بيسكوف: مستوى اتصالات التسوية بين موسكو وواشنطن لم يحدد بعد    رئيس المدينة اكتشفه بالصدفة، هبوط أرضي مفاجئ أمام مستشفى ميت سلسيل بالدقهلية (صور)    ماذا حدث في ليلة ختام مهرجان القاهرة السينمائي؟.. التفاصيل الكاملة    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    صافي الأرباح يقفز 33%| بنك البركة – مصر يثبت قوته المالية    من 18 إلى 54 ألفًا.. زيادة تعجيزية تهدد مصدر رزق مزارعي بهادة بالقليوبية    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    حدد الموعد، رئيس الاتحاد الفرنسي يتحدث عن اقتراب زيدان لتدريب منتخب الديوك    «دولة التلاوة» تعيد الحياة لصوت أول قارئة للقرآن بالإذاعة المصرية    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    التوقعات السامة| خبيرة أسرية توضح كيف تحول الزواج لعبء على المرأة    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    مداهمة مفاجئة تكشف الإهمال.. جمعية زراعية مغلقة وقرارات حاسمة من وكيل الوزارة    محلل سياسي عن لقاء السيسي ورئيس كوريا: مصر مركز جذب جديد للاستثمارات    شيكو بانزا يوضح سبب تأخر عودته للزمالك    الصورة الأولى لعروس المنوفية التي لقيت مصرعها داخل سيارة سيارة الزفاف    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    مارسيليا يتصدر الدوري الفرنسي مؤقتا بفوز ساحق على نيس    ترامب: نعمل مع لبنان لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ونمارس ضغوطًا لنزع سلاح حماس    الجيزة: تعريفة ثابتة للسيارة بديلة التوك توك ولون موحد لكل حى ومدينة    محلل أداء الأهلى السابق: الفريق استقبل أهدافا كثيرة بسبب طريقة لعب ريبيرو    مسئول إسرائيلى: سنحصل على الشرعية لنزع سلاح حماس إذا لم ينجح الأمريكيون    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب: ممدانى رجل عقلانى جدا ونتفق فى الغاية وهو ليس جهاديا.. طوارئ فى فرنسا استعدادا لحرب محتملة مع روسيا.. وزيلينسكى عن الخطة الأمريكية للسلام: نواجه لحظة حاسمة    أخبار × 24 ساعة.. السياحة: 1.5 مليون سائح ألمانى زاروا مصر منذ بداية 2025    إعدام كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات غير الصالحة بالمنوفية    أحمد حسن يكشف أسباب عدم ضم حجازى والسعيد للمنتخب الثانى بكأس العرب    محمد أبو سعدة ل العاشرة: تجميل الطريق الدائري يرتقى بجودة حياة السكان    صلاح بيصار ل العاشرة: أحمد مرسي علامة كبرى في الفن والأدب السريالي    اكتشاف عجز 44 طن سكر داخل مضرب بكفر الشيخ.. وضبط أمين المخازن    رمضان صبحي أمام المحكمة في قضية التزوير| اليوم    بسبب ركن سيارة.. قرار هام في مشاجرة أكتوبر    11727 مستفيدًا في أسبوع سلامة الدواء بالمنوفية    نصر عبده: إعادة الانتخابات تصحح الصورة الدولية.. ومصر تأتي ببرلمان يريده الشعب    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    البابا تواضروس الثاني يلتقي مقرري اللجان المجمعية    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظم الجمهورية البائسة الدموية
نشر في المصريون يوم 28 - 05 - 2011

منذ سيطر حزب البعث على السلطة في سوريا بانقلاب عسكري عام 1963 ثم تكرر الانقلاب من داخل الانقلابيين عام 1970والنظام كغيره من النظم الجمهورية العربية يتبع سياسة القبضة الحديدية في الحكم. ومن المفارقات أن شعار الحزب " حرية، اشتراكية، وحدة " لا علاقة له بالواقع، فلا وحدة تحققت بل هو الحزب الذي أطاح بالوحدة المصرية السورية، والاشتراكية مجرد كلمة بلا معنى أو روح فالفقر يضرب الناس بعنف، أما الحرية فان نهر الدماء الذي يسيل في ميادين وشوارع سوريا للمطالبين بالحرية هو ابلغ رد على نوع الحرية التي يعتمدها الحزب، هى حرية النظام في أن يفعل ما يشاء بشعبه، وحرية الشعب في أن يقول "نعم" فقط لما يريده النظام والحزب القائد.
كان هذا هو أيضا مسلك "البعث" في العراق، فتجربته في الحكم منذ وصل للسلطة عبر انقلاب عسكري أيضا عام 1968 وحتى سقوطه بسقوط بغداد 2003 كانت شديدة المرارة والدموية. البعث السوري يترنح الآن، والعنف المفرط في مواجهة التظاهرات السلمية تؤكد أزمة النظام وحزبه الذي فشل بعد أكثر من 47 عاما من احتكار السلطة في إقناع المواطنين بأن سياساته قادرة على توفير حياة كريمة لهم. لم يصل البعث للسلطة في سوريا والعراق عبر انتخابات حرة إنما بانقلابات يبدأ بعدها القمع لإخضاع الشعب، فمثل هذه الأنظمة العسكرية لاتعرف الانتخابات وتكره كلمة الديمقراطية، هى اخترعت الاستفتاء على شخص واحد فقط هو الحاكم، والنتيجة ابتكرها نظام عبد الناصر وتم تعميمها عربيا وهى الخمس تسعات سيئة السمعة.
النظم الجمهورية تحكم بالقهر والإذلال ولا تقدم لشعوبها إلا الفقر والبطالة والفساد، فلا نظام واحدا حقق لشعبه حياة كريمة يمكن أن يستعيض بها عن غياب الحرية، وتونس التي كنا نتصور أنها حققت ازدهارا اقتصاديا أغنى شعبها عن المطالبة بالحرية ثبت أنها كانت خدعة كبيرة روج لها الإعلام الذي اشتراه نظام بن علي أو على الأقل لم تكن التنمية بالمستوى الرائع الذي كنا نسمع ونقرأ عنه. وبعد عقود من الديكتاتورية فقدت خلالها الشعوب الأمل في الإصلاح فإنها اضطرت للثورة السلمية للمطالبة بالتغيير، وبدل أن ينصت الحاكم لشعبه وينتبه إلى خطورة الأمر ويعالجه جذريا فإنه يلجا إلى العنف الذي لايعرف غيره فهو نفسه وصل للسلطة بالقوة وليس بالسياسة والانتخابات. من قبل كانت دماء الشعوب تسيل في مواجهة المستعمر الأجنبي، الآن تسيل على أيدي الحاكم الوطني.
هل هى مصادفة أن البلدان التي تشهد ثورات كلها ذات نظم حكم جمهورية، بدأت الشرارة في تونس وانتقلت لمصر والآن في ليبيا واليمن وسوريا.
والجزائر والسودان وغيرها ليست في مأمن، ولا أي نظام قمعي فاسد يستطيع القول إنه في أمان من الاحتجاجات. شرعية النظم في الجمهوريات قامت على الانقلابات ومهما حاولت أن تكون مدنية وان تغلف الطابع العسكري بوسائل مزيفة من الديمقراطية والانتخابات والبرلمانات الشكلية فان الشرعية مشكوك فيها لأنها ليست مستمدة من الشعوب صاحبة الحق الحصري في منح الشرعية أو حجبها، والحكام يعلمون أنهم غير مرغوبين من شعوبهم فلو كانت الشعوب اختارتهم وتؤيدهم لم تكن تثور عليهم وتطالب برحيلهم بل كانت انتظرت أقرب استحقاق انتخابي لتصرفهم من حيث أتوا ولو كان الحكام يدركون أنهم يخدمون شعوبهم لفترة معينة ثم يغادرون إلى الحياة العادية لما كانوا فكروا في استخدام العنف بأي درجة لقمع المتظاهرين.
بن علي في تونس بقي 23 عاما في الحكم، ومبارك في مصر 30 عاما، والقذافي يحكم ليبيا منذ 42 عاما، و صالح باليمن طوال 33 عاما، وبشار في سوريا أقلهم مدة 11 عاما، لكن حكمه مفتوح، ووالده قبله بقي 30 عاما، ماهذا..؟. هل منصب الرئيس في جمهورياتنا أصبح وظيفة بدون تقاعد أم انه منصب رفيع لخدمة الشعب له مدة محددة ثم يذهب شاغله ؟. الرئيس ليس موظفا إنما هو خادم لوطنه وشعبه يأتي لتنفيذ سياسات معينة ثم ينصرف, ويأتي آخر وهكذا حتى يتطور البلد بتنافس الرؤساء في تقديم أفضل ما لديهم لخدمة أوطانهم.
لم يكتف الرؤساء بالسنوات الطويلة التي قضوها في الحكم دون تحقيق طموحات شعوبهم في حياة محترمة إنما هم يقتلون الشعوب عندما تحتج على سوء الأوضاع، كل حاكم عربي في بلدان الثورات أياديه تلوثت بدماء شعبه ولذلك سقطت شرعياتهم المشكوك فيها أصلا، فمنهم من رحل ومنهم من يجاهد للبقاء إلى حين، لكنه في نظر شعبه سقط حتى لو بقى سنوات أخرى. كيف يحكم شعبه بعد أن أسَال دمه وبعد أن خرج الناس عليه وهتفوا برحيله، والذين ينافقون ويدعون أنهم مؤيدين يفعلون ذلك خوفا أو طمعا، ويوم يسقط فإنهم أول من يحتفلون، حدث ذلك في تونس ومصر، والأيام بيننا لنرى نفس المشهد من الفرح العام برحيل الآخرين.
الكارثة لم تعد في أولئك الحكام فقد كان ممكنا للشعوب أن تصبر عليهم سنوات أخرى حتى يأتي الرحيل الطبيعي لهم إلى الآخرة، لكنهم لايريدون للحكم أن يغادر أسرهم فابتدعوا توريث أبنائهم وهذا هو الذي فاقم الغضب الشعبي وجعل الناس تثور، صحيح أن البوعزيزي التونسي الذي حرق نفسه كان الشرارة في اندلاع الثورات إنما هناك أسباب متراكمة فجرتها ومن أهمها التوريث، ففي تونس كانت زوجة بن علي تخطط لتجلس هى أو زوج ابنتها مكانه، وفي مصر كان جمال مبارك قاب قوسين أو أدنى من القصر، وفي ليبيا كان سيف الإسلام القذافي يتجهز لخلافة والده، وفي اليمن احمد علي صالح، أما سوريا فان الحاكم هو أول وريث في الجمهوريات العربية، وهى السُنّة التي استنها النظام السوري وبدأ الآخرون يعجبون بها ويعملون على تنفيذها.
حتى الأوطان اختزلها الحكام في أسمائهم فأصبحنا نقرأ: زين تونس ، ومصر مبارك، وسوريا الأسد، والله وليبيا ومعمر وبس، وصالح اليمن، والى آخر هذه المساخر التي جعلت الأوطان مزارع خاصة للحكام.
لامقارنة إذن بين تلك النظم المتغطرسة القامعة لشعوبها تحت اسم خادع وهو الجمهوريات، وبين النظم الملكية - خصوصا في الخليج - التي تحكم وفق عقد اجتماعي ورضاء من شعوبها حيث وفرت للشعوب الحياة الإنسانية الكريمة بل الرفاهية وصانت حقوقهم الإنسانية وجعلتهم الأفضل على أشقائهم من شعوب الجمهوريات التعيسة البائسة.
خدِعت الشعوب طويلا وهاهي تستفيق أخيرا في ربيع الحرية الذي يستحق التضحية بالغالي والنفيس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.