«سلة قمح الامبراطورية الرومانية» كان هذا اللقب يطلق على منطقة الساحل الشمالي المصري الممتدة من الاسكندرية الى مرسى مطروح، وربما السلوم ايضا، لان هذه المنطقة الخصبة كانت تزرع قمحا، قبل ان تزرعها اطراف الحرب العالمية الثانية ألغاما تعطل الزرع، وتقتل الضرع، وتوقف التنمية، وتقطع اطراف السكان،.. ثم يرفضوا حصاد ما زرعوا!! كان جيش الامبراطورية الرومانية يعتمد على هذه المنطقة لانتاج القمح بشكل اساسي، قبل اكثر من 2100 عام،.. ولماذا نضرب بعيدا في عمق التاريخ،.. فحتى ما قبل ثورة يوليو 1952، وفي عهد الملك فاروق كانت مصر توزع القمح كجزء من المنح والعطايا والمعونات لدول اخرى، قبل ان نتحول في عهد الحكومات المتعاقبة المجيدة الى أكبر مستورد للقمح في العالم بما يزيد على 9 مليارات دولار سنويا، حيث تستورد مصر القمح من روسيا وأمريكا واستراليا وفرنسا والارجنتين ورومانيا وكازاخستان!! ولان من لا يملك رغيفه، لا يملك قراره، بدأت امريكا في تصدير القمح الى مصر «مجانا» أوائل السبعينيات، حتى تخرج مصر من المعسكر الاشتراكي – وقتها – وترتبط بواشنطن، ثم شيئا فشيئا تحولت واردات القمح الامريكي من بند المساعدات المجانية، الى قائمة الصادرات التجارية التي تقوم بها شركات تجارية امريكية، ووكلاء مصريون، ومن وقتها دخلت مصر ازمات رغيف الخبز المتعاقبة.. وحتى اليوم. نعود الى ساحل مصر الشمالي الذي يمتد جغرافيا من رفح شرقا وحتى السلوم على الحدود الليبية بطول 1050 كيلومتراً، وما اتحدث عنه هو الجزء الممتد من الاسكندرية الى مرسى مطروح، بطول اكثر من 300 كيلومتر، والذي تحولت شواطئه الى قرى اسمنتية – عفوا سياحية – لا ترابط بينها ولا خطة تنموية... ما علينا فلهذه القرى ودرة عقدها «مارينا».. مقال آخر، ما يهمني هو الجزء الذي يسمى الآن بالظهير الصحراوي للطريق الساحلي الدولي، والذي يعوق تنميته 22 مليون لغم من مخلفات الحرب العالمية الثانية – وهو ما شرحناه في مقال الأمس «حدائق الشيطان» - وعقب نشر المقال اطلعت على دراسة مهمة للعالم الدكتور رأفت رمضان علي، الأستاذ المساعد بقسم الأراضي واستغلال المياه بالمركز القومي للبحوث، يؤكد فيه «انه يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح عن طريق (رية) واحدة لاراضي الساحل الشمالي ومن خلال استغلال مياه الامطار فقط، في حال صعوبة وصول مياه نهر النيل اليها». ولان الرجل متخصص واجرى بحوثا مع بروفيسور اسباني في ري وتقييم الاراضي يدعى دييجو دي لاروسا، فسنأخذ تصريحه على اقصى محامل الجد وهو يقول: «ان عمل خزانات لتخزين مياه الامطار على الساحل الشمالي، وتمديد أنبوب من نهر النيل سيؤدي الى زراعة ما يقرب من 100 الف فدان في الساحل الشمالي، يصل اجمالي انتاجها الى 200 مليون كيلو جرام من القمح تغطي احتياجات 14 مليون مواطن يستهلك الواحد منهم 145 كيلو جراماً سنويا». واعتقد ان لدينا العشرات من العلماء المخلصين امثال د.رأفت رمضان، فقط نريد رئيسا لا تكون اجابته عندما يسأله رئيس السودان لماذا لا تزرعون قمحكم عندنا؟ فيرد: «عشان أمريكا تزعل مننا»!!. حسام فتحي [email protected] twitter@hossamfathy66 كلمة في أذن القارئ: كعادته لخص أمس أستاذنا الكبير أحمد رجب في عموده الشهير 1⁄2 كلمة الوضع.. وأعيد نشره اليوم.. ربما تكون في الاعادة افادة: «متى نلتفت الى حاضرنا ومستقبلنا ونترك الماضي للقانون والقضاء؟ متى ندرك اننا اهدرنا اربعة شهور عبثا منذ قيام الثورة دون ان نشعر بكارثة ما لحقنا من خسائر فادحة وما فاتنا من كسب كبير؟ متى ندفع بالشباب والدم الجديد الى شرايين الدولة في الوزارة ورئاسة الوزارة والجمهورية ايضا؟؟ متى تنتفض الدولة لتحمي هيبتها التي اهدرها البلطجية وصنّاع الفوضى بلا عقاب؟ متى نتفهم ان فتنة امبابة وحدها الغت كل حجوزات السياحة للصيف؟ متى نتصدى للبلطجية المعروفين بالاسم عند كبار رجال الداخلية لانهم بلطجية انتخابات الحزب الوطني؟ متى نفيق من هذه الغيبوبة»؟