بعد نجاح ثورة الشعب بقيادة شبابه في اجبار الرئيس السابق حسني مبارك علي التخلي عن السلطة.. ومع سقوط النظام انهارت معظم اركانه «مازالت بعض بقايا النظام السابق وجيوبه تحاول لملمة نفسها والالتفاف علي الثورة» فقد تواترت الانباء عن محاولة بعض المنتمين إلي الحزب المسمي بالحزب الوطني وهو الحزب الذي أفسد الحياة السياسية في مصر علي مدار الثلاثين عاماً الماضية التسلل إلي بعض مجموعات من شباب الثورة ومحاولة اقناعهم بالانضمام إلي الحزب المنهار ولم تفلح هذه المحاولات حتي الآن!. عقب سقوط النظام انفجرت مواسير فساده! وعندما بدأ رفع الغطاء عن بلاعاته بدأ الشعب المصري يعرف ويقرأ ويسمع عن الارقام الخيالية والتي تقدر بالمليارات وكيف نهبت ثروات هذا البلد علي مدار الثلاثين عاما الماضية واذا كان نجاح الثورة قد كشف النقاب ورفع الغطاء عن النهب المنظم لثروة مصر من جانب الرءوس الكبيرة والاذناب الصغيرة! فإنه اتاح الفرصة إلي بعض العقول المصرية من العلماء في مختلف المجالات من العودة إلي وطنهم لتقديم خلاصة فكرهم وخبراتهم من أجل اعادة بناء مصر.. لقد عاد إلي مصر علماء أفذاذ مثل الدكتور فاروق الباز والدكتور أحمد زويل.. وسأركز في حديثي علي الدكتور فاروق الباز الذي عاد ليطرح مشروعه الكبير للتنمية.. هذا العالم الفاضل ليس له غرض سياسي! مشروع الدكتور الباز المعروف باسم ممر التنمية الذي يغطي صحراء مصر الغربية من البحر المتوسط شمالا وحتي حدود مصر الجنوبية مع السودان.. هذا المشروع الكبير اذا قدر وكتب له النجاح. فسوف يعيد توزيع الخريطة السكانية الذين يتركز 97% منهم علي اقل من 7% من مساحة مصر!.. ما يقرب من 95% من مساحة مصر غير مستغلة زراعياً أو صناعياً! ومن المعروف ان هذين العنصرين هما الاعمدة الاساسية لاي تنمية حقيقية في اي مجتمع!.. لقد كتبت من قبل عشرات المرات اطالب بأن يكون لمصر مشروع أوهدف قومي تسعي إلي تحقيقه! لقد كتبت من قبل تحت عنوان «قمح سيدنا يوسف» أشرت فيه إلي ان مصر يمكنها الاكتفاء ذاتياً من القمح ان سعت لزراعة ما يقرب فيه من مليون فدان صالحة لزراعة هذا المحصول الحيوي وغيره من المحاصيل وهذه المساحة موجودة في محافظة مرسي مطروح وحدها! وقلت ايضاً ، ان هذه المنطقة كانت في يوم من الايام سلة غذاء الامبراطورية الرومانية! فما بالنا ان آلاف الافدنة الاخري موجودة في الوادي الجديد ومحافظات الصعيد واسوان وشرق خليج السويسوسيناء! وهذه المساحات الشاسعة من الاراضي الصالحة للزراعة فإنها في نفس الوقت تخفي في باطنها الكثير من الكنوز المتمثلة في البترول والثروات المعدنية الاخري التي يمكن أن تجعل مصر من أغني دول العالم وليس المنطقة العربية أو الشرق الاوسط وحدهما! قلنا هذا الكلام وكتبنا ايضاً ان ستمائة الف فدان تمتد من العامرية وحتي السلوم مزروعة بالغام الحرب العالمية الثانية! وان هذه المساحة المتروكة منذ أكثر من ستين عاماً بدون استغلال تحتوي علي مليارات المترات المكعبة من البترول والغاز والثروات المعدنية الاخري! وطالبنا ان تتحرك الدولة المصرية في مطالبة اطراف الحرب العالمية الثانية المساهمة في نزع الالغام التي زرعوها! ولكن لاحياة لمن تنادي! فقد كان المسئولون عن الدولة ورموز حزبهم واتباعهم واذنابهم غير مبالين بما يكتب لان الشاغل الوحيد لهم هو جمع المزيد من الثروات عن طريق بيع أرض مصر وتحصيل العمولات من استيراد القمح وخلافه! قلنا وكتبنا اننا لسنا اقل من دولة مثل البرازيل والذي استطاع رئيسها لولادي سيلفا ان يحول منطقة غابات السافانا في بلاده والتي كانت مهملة لعقود طويلة إلي منطقة لزراعة الحبوب واهمها القمح واستطاع في خلال عشر سنوات فقط ان تتحول البرازيل من دولة مستوردة للقمح إلي دولة مصدرة له ومن يريد أن يعرف الحقيقة عليه أن يسأل الدكتورة فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي التي تعرف كل تفاصيل هذا الملف! كنا نكتب هذا الكلام وكان المسئول الأول عن الزراعة في مصر يصدر قراراً بزيادة نسبة البناء في طريق مصر الاسكندرية الصحراوي من 3% إلي 7% وكان ينوي زيادتها إلي 14%! وكان يخصص آلاف الافدنة من الاراضي الزراعية في سيناء لاحد اصدقائه باسعار رمزية والذي كان يعيد بيعها للاجانب واغلبهم يهود بمبالغ خيالية! ليتكرر سيناريو اهدار ونهب اهم ثروات مصر وهي الارض! مرة أخري اتمني ان يكون مشروع دكتور فاروق الباز باكورة المشروعات القومية التي يمكن ان نعتبرها هدفاً نسعي اليه وأتمني ألا تكون الاستجابة من قبل الدولة لهذا المشروع مجرد استجابة للمرحلة الثورية التي تمر بها مصر.. ثم سرعان ما يهدأ الحماس ويخفت ثم يتلاشي! واتمني ايضاً من الصديق الدكتور عمرو عزت سلامة وزير الدولة للبحث العلمي الذي عاد إلي منصبه القديم ان يفرج عن الخمسين مشروعاً تكنولوجياً والتي كان متحمساً لها ومعه الدكتور فوزي الرفاعي رئيس اكادمية البحث العلمي قبل ان يغادر الأول ويخرج الثاني إلي المعاش. نجاح الصاوي