التحقيقات تبرئ "مكى" و"جنينة" و"الخضيرى" و"دربالة" وقاضي التحقيق يصرّ على اتهامهم اعتمدت على تعليقات ومشاركات القضاة على "فيس بوك" و"تويتر" وأحد القضاة متهم بتولي منصب "محافظ" لائحة التحريات تم التلاعب بها وإضافة أسماء رموز قضائية لتصفية خلافات قديمة مصادر قضائية تؤكد: التحقيقات تتم بانتقائية ومكيالين والاتهامات زائفة وغير قانونية مصادرنا: لماذا لا يحاسب "الزند" وأنصاره على الاشتغال بالسياسة.. وشطب عضوية قضاة وحرمانهم من المشاركة بانتخابات ناديهم تؤكد حقيقة الصراع
أثارت التحقيقات التي يجريها المستشار محمد شيرين فهمي، قاضي التحقيق المنتدب، مع قضاة تيار الاستقلال وحركة قضاة من أجل مصر، حالة من الغضب والشحن المعنوي داخل الوسط القضائي، حيث اعتبر عدد من القضاة أنها تنذر بمذبحة حقيقية للقضاة في وقت تغيب فيه مؤسسات الدولة المنتخبة وتعاني على أثره من فراغ سياسي يربك المشهد برمته. كما أكد القضاة أن الساحة القضائية الآن تشهد أكبر أزمة في تاريخ العمل القضائي، وذلك بخلق مساحة كبيرة لتصفية الحسابات والإطاحة برموز قضائية على خلفية صراعات وسباقات انتخابية قديمة بين تيارين تنافسا سابقًا على مقاعد نادي القضاة، ما يجعل التيار المنتصر في موقع أقوى لذبح قضاة ينتمون أو يؤيدون ويناصرون تيار "الاستقلال" الأضعف حاليًا، وذلك بزعم انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما نفاه القضاة، مؤكدين أنه قول باطل جملة وتفصيلاً إذن، التيار تم تأسيسه منذ عام 2011 وكان يطالب باستقلال القضاء وإصلاحه وتطوير منظومة العدالة ولم ينشأ فقط خلال فترة حكم الجماعة، موضحين أن ما حدث هو أن الجماعة حاولت تزيين صورتها خلال فترة تولي الرئيس المعزول محمد مرسي رئاسة الجمهورية، والتقرب من القضاة الشرفاء بإسناد بعض المناصب القيادية لرموز التيار كي تنال رضا وثقة شعبيين. وقالت مصادر قضائية ل"المصريون"، إن هناك شواهد وأدلة عديدة تؤكد أن التحقيقات التي تجرى حاليًا مع قضاة تيار الاستقلال وحركة قضاة من أجل مصر لا تهدف لتحقيق عدالة أو إثبات حق، وإنما هي بالفعل لتصفية حسابات وإقصاء رموز قضائية لأهداف أخرى بعيدة عن المعلنة، وأهم هذه الشواهد اتهامهم جميعًا بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، في حين أن من بينهم من هاجمها وانتقدها وتخلى عنها وهو في موقع مسئولية مثل المستشار أحمد مكي الذي قدم استقالته من منصب وزير العدل بعد خروج أنصار الجماعة في مظاهرات تهين القضاء وتتهمه هو نفسه بالتقصير، وكذلك المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي أدان صراحة وعلانية تصرفات الجماعة وتأسيس حركة قضاة من أجل مصر باعتبارها خروجًا على الأعراف والتقاليد القضائية، إضافة إلى رفضه التوقيع على البيان الذي أصدره 75 قاضيًا من رابعة العدوية والذي يعتبر عزل مرسي خروجًا على الشرعية وانقلابًا عسكريًا. وأشارت المصادر إلى أن اتهام القضاة بالعمل السياسي من خلال إبداء الرأي والظهور على القنوات التليفزيونية وغيرها غير قانوني، ولا يوجد عقوبة قانونية بشأنه، حيث إن قانون السلطة القضائية لم ينص عليه، ولم يمنع سوى الانضمام للأحزاب والائتلافات السياسية والجبهات وتشكيل الحركات كما هو متوفر في الاتهام بتشكيل حركة "قضاة من أجل مصر"، وعدا ذلك يعتبر ما سبق مخالفة إدارية يجب فيها توقيع الجزاء الإداري على القاضي المخالف، أما مجرد إبداء الرأي القانوني والتعرض لشئون الوطن فلا يوجد عليه حظر قانوني، إذ أنه يندرج تحت بند حرية الرأي والتعبير المكفول دستوريًا، وأضافت المصادر أن هناك "انتقائية" و"كيل بمكيالين" في هذه النقطة، حيث يتم التحقيق بهذا الاتهام فقط مع قضاة دون غيرهم يعملون بالسياسة فعلاً ويمارسون نفس الحق بالظهور على شاشات التليفزيون. وأكدت المصادر أن لائحة التحريات التي قام بإعدادها أحد ضباط الأمن الوطني بخصوص حركة "قضاة من أجل مصر" وأعضاء الحركة المعروفون تمامًا بموجب البلاغ الذي تقدم به نادي القضاة ضدهم بعد إعلانهم نتيجة الانتخابات الرئاسية وعقد مؤتمر لتأييد الإعلان الدستوري والذي تم التحقيق على أثره وإحالة 8 أعضاء إلى لجنة الصلاحية تم التلاعب فيها، وإضافة أسماء رموز قضائية جديدة عليها، وهى لم تكن موجودة بالأصل، إذ أنهم لا ينتمون للحركة ولم يحضروا اجتماعاتها التي سجلت على أسطوانات مدمجة تبين الأعضاء الحقيقيين في الحركة ولم يكونوا بينهم، ورغم أن ذلك كافٍ لتبرئة هذه الرموز من الاتهام بالمشاركة في تأسيس حركة سياسية، إلا أن الاتهام ما زال قائمًا. وفيما يخص الاتهام بالانضمام للحركة فقد أكدت المصادر أن عددًا كبيرًا من القضاة الخاضعين للتحقيق الآن لا ينتمون إليها وتبرأوا منها صراحة وكانت لهم مواقف مضادة لرموزها مثل المستشار أحمد مكي الذي قام بإنهاء ندب المستشار وليد شرابي من وزارة العدل وأخضعه للتحقيقات، وكذلك المستشارين أحمد عبد الله، ومحمود مكي اللذين كانا معارين خارج البلاد أثناء إنشائها، ولم يتضامنا مع مواقفها، وكذلك المستشار الخضيرى الذي تقاعد قبل ثورة 25 يناير، ولم يكن في سلك القضاء وقتها، أسماء هؤلاء القضاة تمت إضافتها بعد إعداد لائحة التحريات وهو ما تؤكده أسطوانات الاجتماعات التي لم يظهر فيها أي منهم ويوضح التعارض الذي يهدر قيمتها تمامًا. ورغم أن هذا التلاعب باللائحة وما توضحه الأسطوانات من تعارض يهدر قيمتها تمامًا، إلا أنه تم الاستناد إليها في الحصول على إذن المجلس الأعلى للقضاء لسؤالهم، كما تم اتخاذ إجراءات عنيفة لم تؤثر على القضاة وحدهم بل على أسر كاملة مثل المنع من السفر وحرمانهم من المشاركة في الإشراف على الاستفتاء وتحويل عدد منهم إلى لجنة الصلاحية وما يترتب عليه من خصم جزء كبير من مستحقاتهم المادية. وأكدت المصادر أن الظهور بوسائل الإعلام كان يأتي لإبداء آراء قانونية مثل الدستور وقانون السلطة القضائية والخلاف بين البرلمان والقضاة وكلها أمور قانونية تتشابك مع الحياة العامة والسياسية، مشيرة إلى عدم اتهام المستشار الزند رئيس نادي القضاة الحالي بنفس الاتهام خصوصًا بعد تصريحه بشأن إعلان مجلس حرب وإرسال قوات عسكرية إلى قطر، إضافة إلى أن المؤتمر الذي عقد لتأييد الإعلان الدستوري قابله على الجانب الآخر مؤتمر بنادي القضاة لرفضه، ولكن لم يتم اعتباره عملاً بالسياسة ولم يحل من شارك فيه إلى التحقيق. في السياق نفسه، قالت المصادر إن القضاة تتم مساءلتهم بخصوص ظهورهم الإعلامي، في حين أن هناك من يقوم بتسريب إجراءات التحقيق معهم وتفاصيلها والقرارات لوسائل الإعلام قبل إصدارها رسميًا، مشيرة إلى أن المستشار هشام جنينة عندما قام بمخاصمة قاضي التحقيق بخصوص ذلك تم رفض المخاصمة وتغريمه، وهو الأمر الذي يضع علامات استفهام عديدة حول كيفية التعامل مع هذه القضية والتشهير الذي يتعرض له القضاة وما يترتب عليه من تشويه وإساءة لسمعتهم لا تطالهم وحدهم بل يعاني منها كل أفراد أسرهم. وأفادت المصادر أن من غرائب ما يتم خلال التحقيقات أن يتم مواجهة القضاة بما قاموا بكتابته من تعليقات أو آراء على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" وغيرها، في حين أنه لا يمكن اعتبار إبداء الرأي جريمة يعاقب عليها القاضي، وهو ما يمثّل ترهيبًا للقضاة، كذلك هناك بعض الاتهامات غير المنطقية التي يواجهها بعضهم مثل المستشار حسين النجار رئيس نادي قضاة الزقازيق، والذي تولى منصب محافظ الشرقية في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث يتم سؤاله عن سبب توليه هذا المنصب في حين لم يتم التحقيق مع غيره ممن تولوا مناصب خلال الفترة نفسها. وأضافت أن حرمان بعض مؤيدي تيار الاستقلال من خوض انتخابات نادي القضاة وإبلاغهم بشطب عضويتهم عند التقدم للترشح للحيلولة دون ممارستهم ذلك الحق القانوني والمنافسة على مقاعد النادي دون إرجاع الأمر للجمعية العمومية للناخبين لمنحهم الثقة أو رفضهم يؤكد أن ما يحدث هو تصفية حسابات بين تيارين بينهما خلافات وصراعات انتخابية باتهامات زائفة وغير حقيقية تنفيها الوقائع والأدلة، وعلى رأسها الانتماء للإخوان المسلمين والمشاركة في تأسيس حركة قضاة من أجل مصر. وقالت المصادر إن الإجراءات التي تم اتخاذها بشأن القضاة يجب أن يكون لها ما يبررها من أدلة كافية لرفع الإذن من المجلس الأعلى للقضاء، خاصة أن المفاجأة التي كشفت عنها التحقيقات من خلال سؤال بعض أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر" أن بعضهم أقروا بعدم عضوية هذه الرموز في الحركة وبالتالي فإن قائمة التحريات لا قيمة لها إطلاقًا أمام تلك الاعترافات وكان يتعين معها عدم اتخاذ تلك الإجراءات العنيفة في مواجهتهم.