أصبح اقتصاد أوزبكستان اليوم جزءًا لا يتجزأ من النظام الاقتصادي العالمي . حيث تزاداد تدريجيا إمكانية الدولة للتصدير ، وتتحول هيكلة الصادرات إلى الأسواق الخارجية من الخامات إلى المنتجات الجاهزة ذات التقنية العالية . ومع ذلك ، كما تثبت الخبرة الدولية ، لا يمكن التكامل مع الاقتصاد الدولي وكسب ثقة المستثمرين الأجانب بدون توفير الظروف القانونية الملائمة . لقد قامت جمهورية أوزبكستان خلال سنوات التطور المستقل بوضع وتطوير قاعدة تشريعية في جميع مجالات الحياة ، وأرست أسسا قانونية متينة لإقامة وتعزيز وتوسيع علاقات ثنائية ومتعددة الأطراف مع مختلف الجهات الدولية الفاعلة ، وشهدت البلاد تحولات إيجابية كبيرة ، وقد ساهمت في صناعة هذه التحولات شركات وممثليات أجنبية تعمل في أوزبكستان في قطاعات الإنتاج والمالية والإستثمار والبناء والتجارة والصيدلة والتعليم . حيث تولي قيادة البلاد إهتماما كبيراً بجذب الرأسمال الأجنبي وتوسيع المناخ الملائم للشراكة الإقتصادية . إن إندماج دولة فتية في الأسرة الدولية ودخولها في السوق العالمية هما عمليتان صعبتان للغاية تتطلبان بذل جهود مكثفة و دؤوبة ودقيقة وحذرة لسنوات طويلة . وإن البحث عن مكان تحت الشمس لا يمكن أن ينجح إلا بعد دراسة إستقصائية متأنية ووافية وعميقة حول مجالات تجارية وإقتصادية ومالية وإستثمارية وسياسية يريد المرء تحقيق قدراته فيها وبعد إكتساب معارف وخبرات لممارسة أعمال وتحرير صحيح لنصوص إتفاقيات ومعاهدات خاصة مع أشخاص طبيعيين ومعنويين . وكل هذا يمكنه من العمل في مجال مختار من المجالات المذكورة آنفا على قدم وساق . وإلا فإن جهوده تضيع سدي . خلال سنوات القليلة بعد استقلال أوزبكستان تم اتخاذ العديد من الإجراءات العملية الملحوظة في مجال تكوين المناخ الملائم لجذب الاستثمارات ، وإرساء النظام الواسع لضمانات الحقوق والتسهيلات للمستثمرين الأجانب ، لما تساهم به الإستثمارات الأجنبية من جلب تقنيات متقدمة الى وسائل الإنتاج وتوفير فرص عمل جديدة بما يساهم في تنمية الإقتصاد الوطني ، ولذلك تم إعداد النظام المتكامل لتشجيع نشاط المؤسسات ذات الاستثمارات الأجنبية . حيث يعتبر نظام الاستثمار في أوزبكستان أحد أهم الأنظمة المتقدمة بين اتحاد كومنولث الدول المستقلة ، بما يشمله من نظم متوافقة مع النظام الأساسي للقانون الدولي . وأصبحت قرارات القيادة في أوزبكستان بشأن الإجراءات الإضافية حول تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادر في 10 أبريل 2012 خطوة هامة في تكوين مناخ أكثر ملائمة للمستثمرين لتنفيذ المشاريع للتحديث والتجديد الفني والتقني للإنتاج ، وكذلك القضاء على العراقل البيروقراطية الموجودة في العمل مع الشركاء الأجانب ، وعدم السماح للتدخل غير الشرعي للجهات الحكومية والرقابية إلى أنشطة المؤسسات . لقد أظهرت الخبرات العملية أن هناك شريحتان من المستثمرين الأجانب : الشريحة الأولى : هم الذين يعاملون شركاءهم في الدولة التي يوظفون فيها إستثماراتهم معاملة قائمة علي احترام القوانين والنظم السائدة . ناهيك عن تتطلعاتهم الى تحقيق خططهم طويلة الأمد في الحياة وتوسيع مجالات التعاون . الشريحة الثانية : هم رجال أعمال ومستثمرون يسعون الى جني أكبر قدر من الأرباح ولو عن طريق مخالفة قوانين البلاد ، وإستغلال الفرص التي توفرها الدولة للمستثمرين أسوأ استغلال . ورغم كل ما تقدمه أوزبكستان من تيسيرات وتسهيلات للمستثمرين ، إلا أن شأنها كشأن أي دولة أخرى غير محصنة من دخول بعض رجال الأعمال ذوي النوايا السيئة الذين لا يراعون الأنظمة المعمول بها في البلاد التي يدخلونها لأجل كسب المال بأكبر قدر ممكن . ومن الطبيعي ، أن لا تظل أعمالهم المخالفة للأنظمة والقوانين خافية ومستترة لفترة طويلة . وهم بتلك الأعمال يسيئون لسمعة البلاد علي الساحة الدولية ، ويؤثرون سلباً على التعاون بين الدول . قام المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار فى الولاياتالمتحدةالأمريكية بالنظر فى دعوى الشركة الاسرائيلية " ميتال تيتش ليميتد " Metal-Тесh Ltd المقامة ضد جمهورية أوزبكستان . وضمت عريضة الدعوى زعما يدعى بأن الجانب الأوزبكى خرق تعهداته الخاصة بحماية الاستثمارات الأجنبية ، تلك التعهدات المنبثقة من اتفاقية التشجيع والحماية المشتركة للاستثمارت بين حكومة جمهورية أوزبكستان وحكومة اسرائيل ، الموقعة فى عام 1994. كان قد بدأ التعاون الذى انتهت محصلته إلى ساحة القضاء ، فى عام 2000 ، وذلك عند قيام شركة " ميتال تيتش ليميتد " بالاشتراك مع مجمع " ألماليك " للتعدين والمجمع الأوزبكى للمعادن المقاومة للصهر والحرارة ، فى تأسيس شركة مشتركة " أوزميتال تكنولوجى " لإعداد المنتج الصناعى " موليبدينوم " ، وطبقا للقوانين المعمول بها فى أوزبكستان حول الاستثمارات الأجنبية ، وحول الضمانات والمعايير الخاصة بحماية حقوق المستثمرين الأجانب ، وكذلك لعدد من قرارات رئيس جمهورية أوزبكستان وحكومة البلاد ، فقد تم تقديم كافة التسهيلات المناسبة لشركة " ميتال تيتش ليميتد " ، وتعهد رجال الأعمال الاسرائيليون بدورهم بالوفاء بالالتزامات الاستثمارية ، بما فيها إدخال تقنيات حديثة لمعالجة منتج الموليبدينوم الصناعي وتصنيع المنتجات الخاصة التي تتمتع بأهمية للإقتصاد الوطني ، لكنها على إمتداد عملها في أوزبكستان لم تفي بتعهداتها وذلك بالرغم من أن الجانب الأوزبكي قد منحها تفضيلات ملحوظة . غير أنه فى سياق العمل المشترك ، لم تقم الشركة الاسرائيلية بالوفاء بتعهداتها فى إدخال أية معدات تقنية للمجمع الأوزبكى للمعادن المقاومة للصهر والحرارة ، ولم تلتزم بتوريد الكمية المطلوبة من خام الموليبدينوم للمجمع الأوزبكى ، مما أدى إلى عدم تحقيق المُستهدف فى إنتاج ذلك المُنتج . ونتيجة للنهج غير النزيه من قِبل المؤسسين الأجانب للشركة المشتركة ، فقد جرت الانتهاكات الكبيرة لتشريعات جمهورية أوزبكستان فى مجال التسوية المالية والجمركية والنظام الضرائبي ، فلم تلتزم الشركة ببيع منتجاتها بالعملة الصعبة ، وقامت بالمبالغة فى تقدير القيمة الجمركية على السلع المستوردة على نحو غير مبرر ، وكذلك التقليل من سعر المنتجات الخاصة بشركة " أوزميتال تكنولوجى " مقارنة بالأسعار الموازية لها فى الأسواق العالمية . ونتيجة لتقليل أسعار المُنتجات المُصدرة ، فقد بلغت خسائر الشركة خلال فترة عملها ، حوالى 4 مليارات و680 مليون سوم ، بالإضافة إلى ذلك ، فإن تخفيض أسعار المنتجات الخاصة بالشركة ، قد أدى إلى فقدان الموازنة الحكومية لأكثر من ثلاثة مليارات سوم من الضرائب وغيرها من المدفوعات الإلزامية الأخرى ، فقد كان واضحاً أن شركة " ميتال تيتش ليميتد " ليست لديها خططاً طويلة المدى بالنسبة لأعمالها في أوزبكستان ، كما أنها لم تكن مهتمة بتوسيع أعمالها ، بل تهدف إلى مطامع مغرضة لكسب المال بطرق غير شرعية من خلال العمليات الفسادية المختلفة . وبغية التعويض عن هذه الخسائر رفع الجانب الأوزبكي دعوى قضائية الى المحكمة الإقتصادية ضد شركة " ميتال تيتش ليميتد " الإسرائيلية ، وقد تم الاستجابة للطلب الذى تقدم به المؤسسون الأوزبك إلى المحكمة الاقتصادية لتحصيل حصة الأرباح المستحقة لهم ، والتى لم يحصلو عليها نتيجة للأفعال غير القانونية التى قامت بها الشركة الاسرائيلية . ولم توافق " ميتال تيتش ليميتد " على هذا القرار ، وتقدمت برفع الدعوى ضد أوزبكستان إلى المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار ، وعلى منصة التحكيم للمركز الدولى ، وفى الجلسة المنعقدة فى واشنطن ، أعلن قراره الذى خلص إلى أن الدعوى المنظورة لمطالب الشركة الاسرائيلية لا تدخل ضمن نطاقه القانونى ، رافضا تلبية مطالبها . لم يوافق رجال الأعمال الإسرائيليون مع حكم المحكمة الاقتصادية لصالح المؤسس الأوزبكي وقدموا دعوى غير مبررة ضد جمهورية أوزبكستان إلى المركز الدولي لتسوية النزاعات الاستثمارية ، فأصدر قراراً عادلاً بعد أن نظرت في الدعوى ، بأن هذا النزاع ليس في إطار صلاحيتها ورفضت جميع طلبات شركة " ميتال تيتش ليمتد " ، وأخذت المحكمة الدولية عند إصدار الحكم بعين الاعتبار أن استثمارات الشركة الإسرائيلية أجريت بخلاف لأنظمة جمهورية أوزبكستان ، وكان لأعمال هذه الشركة طابع فسادي من البداية ، وأكد قرار المحكمة الدولية صحة القرارات التي اتخذتها الأجهزة الحكومية للبلاد وأثبتت أنه لا أساس لدعاوي الشريك الأجنبي ، وبذلك أكدت على أن مطالب الجانب الأوزبكي كانت عادلة ومشروعة .
كاتب وباحث في الشئون الآسيوية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.