تناقلت بعض المواقع على الإنترنت خبرا يقول إن أجهزة الأمن اعتقلت الشيخ عبدالمنعم الشحات أحد رموز الدعوة السلفية في الأسكندرية منذ مساء الخامس من ديسمبر. اقتادوه ليلا من منزله في منطقة "الساعة" إلى جهة غير معلومة. المصادر السلفية التي تحدثت إلى هذه المواقع أرجعت الأسباب إلى مقالات الشيخ التي ينشرها وتتناقلها المواقع والمنتديات الإسلامية، ونشاطه الدعوي، والتفاف الشباب حوله. لا يوجد سبب واحد منها يصلح لأن يتذرع به صاحب قرار اعتقال إنسان ونزع حريته وتركه تحت رحمة قانون الطوارئ، لا يعرف متى يعود وإلى من يشكو ومن يدافع عنه. الخبر يقول إنه تم أيضا اعتقال مؤذن مسجد "عباد الرحمن" الذي يلقي فيه الشحات خطبه، لكن أطلق سراحه في اليوم التالي. في أوروبا والدول المتقدمة – على رأي الراحل علاء ولي الدين – في فيلم "الإرهاب والكباب" لا يعتقل الناس من بيوتهم لأنهم يلقون دروسا دعوية أو يكتبون مقالات تتضمن "قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم". حتى في الدول المتخلفة لا يفعلون ذلك؟!.. ما يحيرني أن الشحات كان قد أعلن أن السلفيين لن يصوتوا للإخوان في الانتخابات الماضية أو لم يذهبوا إلى الانتخابات من الأصل لأنهم لا يرون فائدة منها، وقد انتقدته في مقال سابق على ذلك وطرحت أسبابي. الرجل آثر الابتعاد عن السياسة كشأن السلفيين في مصر مركزا على الدعوة وتربية الأجيال الذي يظن أنه الأفضل للمستقبل.. فما الذي ضايقهم منه؟! ثبت بعد التزوير الفاضح أنه كان أبعد نظرا وأقدر على قراءة الواقع، رغم أنني لا أوافقه على طرحه وأرى أنه لا يجب هجر الانتخابات أو تحريمها فهي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى السلطة والمشاركة في صناعة القرارات المؤثرة على المجتمع، حتى لو كانت هذه الوسيلة معطلة في بلادنا بفعل الحزب الوطني ومؤسسات القوة التي يسيطر عليها. فهل بعد أن فرغوا من التزوير وتملكوا السلطة التشريعية بدون منازع، صاروا يخشون من تأثيره الدعوى على مدى المستقبل الطويل؟! حقيقة أنا عاجز عن الإجابة.. فإذا كان مقال أو خطبة أزعجتهم من الشيخ عبدالمنعم الشحات، فما الذي أزعجهم من مؤذن المسجد؟! إذا كان سلوك السلطة تجاه الانتخابات خلف احتقانا هائلا في الصدور وجعل المعارضة غير قادرة على التنفس الطبيعي مما ينذر بنتائج كارثية، فإن التعامل الأمني بالاعتقال مع الشخصيات والحركات الدينية - خصوصا المعروف عنها طابعها الدعوي مثل السلفية - تجعل الوطن كله مادة شديدة الاشتعال. أتمنى أن يخرج هذا المقال وقد بات الشيخ عبدالمنعم الشحات في بيته بين أهله وبنيه وعاد لعمله وتركت له حريته في أن يكتب ويتكلم ويخطب ويتحرك. افعلوا هذا مع الشحات وغيره من أجل سلامة مصر، فإن كتم الأنفاس يخنق الجميع ولا يبقي أخضر أو يابسا. [email protected]