حادث إطلاق الشرطة النار على أنصار مرشح الإخوان بدائرة "كرموز" بالإسكندرية، وإعلان جمال مبارك عبر "مصر النهاردة" بالتليفزيون المصري بأن ما حدث عام 2005 لن يحدث في انتخابات عام 2010.. لا يمكن بحال فصله عن حملة الإرهاب الرسمية للصحفيين المستقلين وللقنوات الفضائية التي أُغلقت مؤخرا ووضع وسائل الإعلام تحت التهديد المستمر منذ ما يقرب من ثلاثة شهور مضت. معالم الصورة بمضي الوقت بدأ في التشكل على النحو الذي يجعلنا نستشرف حقيقة الأجواء التي ستجري فيها الانتخابات التشريعية في آواخر الشهر الجاري. حادث "كرموز" كان بروفة على تلك الأجواء.. وكلام جمال مبارك جاء ليقطع الشك باليقين.. وليرسم ملامح الصورة وتفاصيل المشاهد الانتخابية المتوقعة وأبرزها أن عنفا غير مسبوق بدأت السلطات المصرية الاستعداد له وعقد النية على استخدامه ومعايشته حتى لا تتكرر نتائج انتخابات عام 2005، وكما قطع بذلك أمين سياسات الحزب الوطني. القرار قديم.. ويبدو أنه اتخذ منذ أشهر.. ويبدو أن فك المنظومة الإعلامية وإعادة تركيبها من جديد واشهار العصا الغليظة في وجهها واتباع سياسة "ضرب المربوط" لإخافة الآخرين.. والتضييق على تصاريح البث المباشر من الشارع.. جاء استعدادا لأحداث عنف دموية قد تصنعها الدولة ذاتها حال جاءت الرياح على غير ما تشتهي. النخبة تعاملت بخفة شديدة مع مسألة اغلاق الفضائيات وتشديد القيود على تصاريح البث.. ولم تنتبه إلى ما تخفيه هذه الإجراءات وإلى أن ثمة نية لاستعمال العنف بشكل قد يكون فضائحيا ولا تريد الدولة أن تطلع عليه وسائل الاعلام المحلية الدولية .. تريد الاستفراد بالبلد في الظلام وبعيدا عن النور. من يتابع برامح ال"توك شو" على الفضائيات هذه الأيام.. سيلحظ أن حالها يرثى له، وبدأت تتحول إلى ما يشبه برامج "المنوعات" و"التسالي" والأخبار ال"لايت".. تحولت إلى مساحة بث مكتظة بالكلام الفارغ والتافه واستضافة أهل الفن والفنانين والتافهين.. بات بعضها "مسخرة" حقيقية.. بعد أن وصلتهم الرسالة خاصة وأن كل ملاكها ممن أثروا بالتقلب في أحضان السلطة. إغلاق الفضائيات.. وحادث "كرموز" وكلام جمال مبارك.. رسائل واضحة ولا تحتمل اللبس ولا يجوز التعامل معها بخفة.. فالأمر جد جلل وانتخابات عام 2010 هي أخطر انتخابات تشريعية تشهدها البلاد منذ ثلاثة عقود.. وأن الدولة تخوضها بمنطق "تكسير عظام" حقيقي لا "هزار" فيه.. والمسألة بالنسبة لها مسألة حياة أو موت.. لأنها في واقع الحال معركة على مقعد الرئاسة وليست على بضع مقاعد بمجلس الشعب. [email protected]