فى احدى مدارس السويس سألت المعلمة أحد التلاميذ بالفصل سؤالا فوقف فوقف يترنح . فقالت له " إيه إنت ما فطرتش " . فرد التلميذ " لا الدور ما كانش على النهارده " حيث تبين للمعلمه أنه بسبب فقر رب الأسره فقد قسم الفطور علي أولاده بالدور على الأيام . وجاءنى صديقى المسن صبرى عبد العال بعد طول غياب فسألته عن سبب انقطاعه الطويل . فأخذ يبكى بصوت مسموع . ولما سألته عن سبب البكاء قل إن لأخيه فى دمنهور جيران كانت أسرته تهديهم اللفت المملح ظنا منهم أنهم يستخدموه لفتح الشهيه على الطعام . لكنه تبين له أن هذا اللفت هو غموس الأسره إفطار وغداءا وعشاءا . ولأنها أسره عفيفه فقد زادت حيرته . لأنه لو أرسل إليهم طعاما لجرح كبرياءهم وعزة نفسهم . ولو سكت فإن ضميره يعذبه . وهكذا فقد تسبب الغلاء فى ارتفاع معدلات سوء التغذيه سواء بين التلاميذ أو بين العمال . حتى أن رجل الأعمال فريد خميس صرح أكثر من مره أن المشكلة الأولى التى تواجههم عند اختيار عمال جدد بمصانع العاشر من رمضان .هى تدهور المستوى الصحى للمتقدمين . ونفس الأمر أشار إليه قادة الكليات الحربيه عند تقديم الطلاب للالتحاق بكليتى الشرطة والحربيه . ولقد امتد الغلاء الى كل السلع سواء الخضر أو الفاكهه أوالخبز أو الأرز والدقيق والسكر والزيوت واللحوم والدواجن والأسماك . بحيث لم يعد هناك مجالا لترك سلعة والإتجاه الى سلعه بديله . والغريب الذى أستطيع الجزم به من خلال متابعتى لأداء الجهات المعنيه بالغذاء فى البلاد . أنه لاتوجد خطة مدروسه لمواجهة المشكله . وكل مايحدث هو مسكنات من خلال التوسع للاستيراد لتهدئة الأسواق . والتى ماتلبث أن تعود الى أن تشتعل أسعارها مره اخرى وهكذا دون حل جذرى للمشكله . والقاهدة الأزليه المعروفه هى توازن العرص والطلب . فإذا زاد الطلب على السلع فلابد من زيادة العرض . وهم بالفعل يزيدون العرض ولكن من خلال الاستيراد . أو من خلال الدعم لبعض السلع . إلا أن هذه حلول مؤقته ينتهى مفعولها سريعا . والحل الجذرى هو زيادة الانتاج المحلى . لكن هذا الطريق لا نسلكه بالمره بل ان هناك حرب على المنتجين وليس تشجيعا لهم . فحوافز الاستثمار تتجه الى الاستثمار المالى . فاذا اتجه احدنا الى ايداع أمواله بالبنوك فانه معفى من الضرائب . واذا استثمرها بالبورصة التى لاتضيف انتاجا فانه أيضا معفى من الضرائب . لكنه اذا اتجه لأى نوع من الاستثمار السلعى أو الخدمى فانه مطالب بالعديد من الرسوم والضرائب مما يؤدى لخروج الكثيرين من سوق الانتاج . وعلى الجانب الآخر تزداد قوة المستوردين خاصة المحتكرين لاستيراد السلع الرئيسيه كالقمح والزيوت واللحوم . بل إن هناك نظره دونيه لبعض المنتجين خاصة الفلاحين والحرفيين . بينما هناك احترام لكثير من الأنشطه الطفيليه كالسمسره . كما أن السلوك المجتمعى لايشجع على الانتاج بداية من الببروقراطيه والفساد فى أجهزة منح التراخيص . والأجهزه الرقابيه على النواحى الصحيه والعماله والتأمينات ومعدات الأمن الصناعى وغيرها . وأسعار المرافق المرتفعه . وحياة السهر الى ما بعد منتصف الليل . وضعف المستوى المهارى للعماله . والفهلوه وعدم الاهتمام بالجوده . وسوء حالة الطرق وكثرة الحوادث وارتفاع تكاليف النقل . وعندما نشاهد الرئيي الفرنسى ساركوزى رئيس أكبر خامس دوله بالعالم من حيث الاقتصاد يزور مصنع للجبن الرومى . او يتجول فى معرض فرنسى غذائى ويتم إلتقاط الصور معه مع الأبقار الفرنسية ذات الأوزان الثقيله كدعاية لأبقار الفرنسيه فى دول العالم . ونقارنه بما لدينا . سنجد أنه فى ظل ارتفاع أسعار الطماطم كسلعة رئيسيه بالبيت المصرى ومكون رئيسى بساندونتش الفول الى تسع جنيهات للكيلو . فقد إلتقى رئيسنا فى نفس التوقيت بالفنان طلعت زكريا ووعده بإعادة عيد الفن . وبعد ثمانى أيام من ذلك اللقاء إلتقى بمجموعة من الممثلين والممثلات لمدة أربع ساعات لبحث مشاكل الممثلين مثل إنشاء مسشفى خاص بهم وحق الأداء العلنى لرفع دخولهم . وهذا ليس بجديد . ففى عنفوان أزمة طوابير الخبز منذ أكثر من عام التقى الرئيس بلاعبى الكوره . وخلال اللقاء أوصى رئيس اتحاد الكره بسرعة حل مشكلة اللاعب عصام الحضرى مع الأهلى . وهكذا تتضح الأولويات فى مجتمعنا . ومن الطبيعى أن من عاش 29 عاما فى القصر وقبلها ست سنوات كنائب للرئيس سصبح بعيدا عن البسطاء . حتى قريته كفر المصيلحة لم يزرها طوال فترة رئاسته سوى لساعات إتجه خلالها الى سرادق الحفل ومنه عائدا الى القصر الرئاسى . ويصبح الحل المتاح لارتفاع الأسعار هو اتهام التجار بالجشع والهروف من المواجهه الحقيقيه للمشكله التى تأخرت 29 عاما . زاد خلالها العجز الميزان التجارى حتى زادت قيمة العجز عن قيمة الصادرات . لذا مطلوب من المجتمع الأهلى والجهات البحثيه والجامعات والنقابات والتعاونيات والاتحادات العالميه . أن تتعاون لإيجاد حلول لقضية الانتاج كل فى مجاله . لنأخذ خطوات على طريق الاكتفاء الذاتى من الأصناف الأساسيه حيث نستورد 90 % من احتياجاتنا من زيت الطعام . و98 % من العدس و67 % من الفول وهكذا فى القمح والذره واللحوم والأسماك حتى البيض نستورد جانبا من استهلاكنا منه . أيضا مسألة الفاقد المرتفع بالحاصلات الزراعيه خلال عمليات الزراعه والنقل . والتقاوى التى تتحمل درجات الحراره المرتفعه . والتقاوى ذات الانتاجيه العاليه . وتوفير الآلات الزراعية المصنعه محليا . والتمويل الزراعى . فليس من المعقول ونحن فى عام 2010 أن نظل نستخدم الشادوف لرفع المياه والذى نستعمله منذ أيام الفراعنه . وليكن المنتجين هم نجوم المجتمع فى وسائل الاعلام . ومن الناخيه الغذائيه فإن الأم التى تعانى من سوء التغذيه سينتقل مرض سوء التغذيه الى طفلها . والطفل الذى لم يأكل جيدا لن يستوعب شيئا فى فى مدرسته . والعامل الذى لم يأكل جيدا لن ينتج انتاجا جيدا . والشاب المصاب بسوء التغذيه لن يكون جنديا مثاليا . واذا كنا نتكلم ان الآثار الغذائيه للغلاء فهناك آثار أخرى نفسيه وعصبيه . وانزلاق الى الرشوة . وإنحراف أخلاقى للكثيرات لتدبير ثمن الطعام للأطفال خاصة بين الأرامل . حتى من تتقاضى معاش الضمان الاجتماعى فان الحد الأقصى له للأسرة المكونه من أربعه أشخاص فأكثر هو 160 جنيها للأسره وهو ما لا يكفيها عيش وفول مدمس . أو عيش وطعميه . وهكذا سيظل قطار الأسعار مستمرا بلا توقف . إلا عندما نؤسس محطة الانتاج فهى وحدها الكفيله بتوقفه واستقرار الأسعار لبعض الوقت . وها هى أمريكا رغم تفوقها التكنولوجى والخدمى فانها من الدول المصدره للقمح ونفس الشىء لفرنسا وألمانبا وانجلترا . فبدون قضية الانتاج الغائبه عن الفعل اليومى فى مهام الوزراء والمحافظين فلا يتوقع أن يتوقف قطار الأسعار السريع . [email protected]