ان اعلاء قيمة لإخاء بين الافراد والجماعات فى أى مجتمع ما , يرسخ نوعا من التلاحم والتناغم والمحبة والشعور بأواصر الروابط المتينة التى تعلو فوق الانتماءات العائلية أو القبلية أو القطرية ,بحيث يصبح الكل يخضع للميزان الذى وضعه المولى جلت قدرته فى محكم تنزيله لينظم به العلاقة بين المواطن وأخيه المواطن وبين الاسرة والاسرة الاخرى وبين الشعب والدولة ليعيش الجميع فى كنف هذه المبادئ اخوة متحابين تحت الرعاية والعناية الالهية . ولقد دستر القران الكريم منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرنا من الزمان هذه العلاقة الاخوية بين المؤمنين جميعا وبين أبناء الوطن الواحد فى قوله تعالى :" انما المؤمنون اخوة "" وهذا يعنى أن القران الكريم قد دستر القيم التى ينبغى أن يسير عليها أبناء المجتمع الواحد على وجه الخصوص والامة بأكملها على وجه العموم, وهل هناك دستور أعظم من الدستور الالهى الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" . وقد عرض القران الحكيم لكثير من معانى الاخوة ومضامينها, وفى السنة النبوية الشريفة ووقائعها, فهما أصل الاصول, ومصادر النور, ليس وراء حجتهما حجة, ولا مع دليلهما دليل, فنصهما هو القاطع, وقولهما هو الفصل,.فهما أحق بالتدبروبالاتباع , والحق أحق أن يتبع من المؤمنين بهذا الرسالة المحمدية الخالدة. ان الأخوة فى الاسلام تقوم على حقوق وواجبات لا ينهض بها الا النذر اليسير من الناس ,علما بأن هذه الاخوة هى التى تنبنى عليها المجتمعات , وتصنع من أبناءالوطن الواحد جسدا ونسيجا واحدا متلائما متسقا متناسقا ومتناغما,اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالوقوف الى جانبه والتلطيف مما حل أو نزل به , ومواساته,ليبقى جسم أبناء الوطن الواحد قويا متلاحما يعضد بعضه بعضا,ليقوم بدوره فى تحقيق المصالح العاجلة والاجلة للفرد والجماعات والامة . لا بأس أن نذكر وأن نشير الى أن أول عمل قام به نبى الاسلام بعد هجرته من مكة الى المدينة,أن أخى وألف بين المهاجرين والانصار حتى بلغ ذالك حد التوارث بينهما كما يروى, وقد ألغى هذا التوارث بينها فيما بعد, وبقيت أواصر المحبة والاخوة والتناصر والتضامن تجمع وتوحد بينهما فى حركة سيرهما فى الحياة وهو ذالك الموقف الذى سجله القران الكريم وبلغ به درجة الاثيار. ولان المجتمع المسلم الحضارى الذى صنعه الرسول الاعظم محمد ابن عبد الله على عينيه,يقتضى أن يستع للجميع,لابناء الوطن الواحد,ولابناء الامة الواحدة,ولغير أبناء الامة الواحدة,يحمى الجميع ,يلجأ اليه الجميع, يحنوا على الجميع,يأوى اليه الغريب ويحتضنه,يصبح ملاذا امنا لكل من استجاره,وطلب حمايته,يخلوا من الاحقاد والاضغان ينصهر الجميع فى بوتقته ,تعلوا مصلحة الاوطان على مصلحة الافراد الزائلة,يجتمع فيه الجميع من أجل اعلاء راية الوطن,التى فى ظلها ينعم الافراد بالامن والاستقرار.يتننافس أهله فى الاحسان الى بعضهم البعض,فى ظل طوارئ الحياة وتقلباتها.وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم فى حياته الشريفة بين ظهرانى أصحابه,يعلمهم ويوجهم ويرشدهم الى هذه المبادئ العليا السامسة ,ويأخذ بيدهم الى واقع السلوك والعمل,فكانوا بذالك وبحق دعاة الخير والبناء ورسل الهداية والاخوة. ولتدعيم الأخوة بين المسلمين عموما والمواطنين خصوصا ينبغى على المواطن اعتماد النهج الذى يساعد ويرسخ وشائج الاخوة وتفعيلها : - تفعيل التواصل بين أبناء المجتمع الواحد والامة ايضا على اختلاف مشاربهم وانتمائاتهم وافكراهم ,وقال صلى الله عيله وسلم "" من أكرم أخاه المؤمن فانما يكرم الله "" واكرام المؤمن التواصل معه واحترامه وزيارته والسؤال عنه لوجه الله لا يريد من ذالك جزاء ولا شكورا. - احياء السلوك الاسلامى الغائب أو على الاقل كاد أن يندثر من حياتنا العملية , احياء لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , واستحبابة لذالك ,وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضيلة زيارة الاخوان . - العمل على تأليف القلوب وتليينها , بالتقريب بين الاخوان والخصوم تأليفا للقلوب,واحياء للمحبة القرانية ,وادخال السرور والمحبة والود على أخيه المؤمن والمواطن ,وقد قال النبى الاكرم ""....وان مثل المؤمن كمثل الكفين تغسل احداهما الاخرى , لا بد لها منها "" رابعا: اخلاص النية لله فيما يقوم به ويرنو اليه من الاصلاح والتقريب بين الخصوم وأبناء الوطن الواحد .لعل الله أن يوفقه فيما يصبو اليه , وتسخير النفس لخدمة المجتمع والاطان . خامسا : تقديم النصح عطاء وأخدا رجاء محبة الله ,واستنصاح أخيه المؤمن أو أخيه المواطن فيما يعينه على شؤون حياته الدينية والدنيوية وحفظ الاوطان . ان الاخاء يقتضى من المواطن الايجابى أن يحرص على قدسية حياة أخيه , وكرامته,ومكانته, وأحاسيسه وشعوره وأن يحزن لحزنه,وان يفرح لفرحه,ينبغى أن يتقاسم أبناء المجتمع الواحد وشائج الاخاء والمحبة,يتقاسمها المؤمنون والمواطنون فيما بينهم مناصرة وتعاضدا,وارتفاقا,فلا يكمل ايمان المؤمن الا اذا جعل من هذا الحب الاخوى ميزانا لا تميل احدى كفتيه الى جانب واحد . وحينئذ يرتفع من البين, "أنا" "وانت", "ولى ولك",ويحل محلهما أنا, وانت فى الامال والاحلام,فى البناء والتشييد, فى الحكم والتسيير, فى الرخاء والشدة, فى اليسر والعسر, فى الرحمة والمودة, فى العطف والرفق, ,فى الحياة والتعمير, ضد الهدم والتدمير والتخريب, نعم معا جميعا لنبنى الحياة لبناء مصرالعروبة العظيمة,لتصبح كما كانت على مدى التاريخ ,موئلا للمستجيرين,ومأوى للغرباء , والمظلومين, وتحرير المضطهدين والمقهورين, ,ووأد زحف المستعمرين, فمصر كانت المأوى والمستقر,فالمؤمن فى هذا المجتمع أخو المؤمن فى الدين والمصيروالانسانية . معاجميعا لنشيد مجتمع المحبة والسلام فى عالمنا العربى ,لا يعرف الكراهية والتغالب ,ينبذ الحقد والتباغض,والتظالم والتهالك,معا لنقيم مجتمع العدل والعفو والصفح,ومقابلة الاسائة بالاحسان,ننهج نهج الحق والخير والهدى والنور, ومعا لنبنى قلوبا تفهم وتفقه الحق,وتعرف الخير, وبناء العقول التى تعقل والقلوب التى تفقه,وابصارا ترى نور الهداية ,وتفرق بين ظلمة الليل وضياء الشمس,والتطلع الى بناء مجتمع ينمو فيه الحب والصفاء, والتطلع الى جو نقى وتغيير مجرى الحياة. ان مجتمعاتنا تحتاج الى أواصر الاخوة الايمانية, وسياسة متنأنية,واصلاحه يتطلب الايمان, والايمان قوة روحية عارمة, والتعقل والحكمة والرفق, والحزم.ومعالجة الامور بالتى هى أحسن وأقوم,يذهب الجميع وتبقى الاوطان . هذه المؤاخاة بين أبناء الوطن, أو بين ابناء الانسانية شريعة من لدن حكيم عليم عموم الرسالة الاسلامية زمانا ومكانا وجيلا,ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير, ان التطبيق الواقعى لشرعة المؤاخاة فى الله, كما اشار اليها القران الحكيم, نقطة تحول فى حياة البشرية والمجتمعات وفى نفوس المواطنين والقادة, ومن بيدهم زمام الامور والمعنيين بالامر, وقد كان الحب الاخوى بين المؤمنين أساس المؤاخة والاخوة التكافلية والاجتماعية . ان الموروث الاسلامى حافل بصور مشرقة من معانى الاخوة الصادقة والمؤاخاة ان الاعتصام بمنهج الرسالة وبمنهج المؤاخاة كان أقوى عوامل القيادة فى غمرة الفتن الداخيلة والخارجية ما ظهر منها وما بطن,فعلينا أن نستفيد من موروثنا فى معالجة الامور,وفق هذه المبادئ التى كانت ولا تزال ملئ سمع الزمان فى مجال التطبيق الواقعى لعلها تساعد أو تسهم فى حلحلة الامور أو ما استعصى حله ومن يدرى لعل فيها الشفاء لكل داء, وما انزل الله داء الا وضع له دواء علمه من علمه وجهله من جهله . ان التأخى فى الاسلام -او فى الاخوة الانسانية العالمية - ينبغى أن يتحول الى التاخى فى الاحاسيس وفى المشاعر وفى التضامن وفى التكافل, وترجمة ذالك عمليا وعلى أرض الواقع المعيش.لكى لا تبقى هذه القيم والمبادئ حبرا على ورق .أو فى المصادر والمراجع المتراكمة , أو فى التنظير الدينى- فى الخطب وعلى المنابر- ,والفكرى والخطابى والاعلامى,بل علينا كمواطنين قدر المستطاع أن نحولها جميعا الى ترجمة عملية,لننتقل من القول الى العمل ومن التنظير الى التطبيق وأن تصبح ثقافة حضارية نعمل جيمعا كل فى موقعه وحقله وميدانه واهتماماته على غرسها فى النشئ والكبار معا . ان هذه المعانى الاخوية الرفيعة تعامل بها أسلافنا القدامى وأجدادنا الذين حرصوا كل الحرص على الالتزام بمنهج الاسلام فى الحياة, ,وبالاعتصام بحبل الله, لانه فيه الحياة والنجاة والملاذ لكل من اعتصم به"" ومن يعتصم بالله فقد هدى الى صراط مستقيم ",وبهذا المعانى خدموا دينهم ومجتمعاتهم وشعوبهم ,حتى صاروا نماذج يقتدى ويحتذى بهم فى دنيا الناس . ,ينبغى ان نعلم وأن نتيقن أن التاخى هو المخرج لما تعانى منه الاوطان والامة كل الامة ,وهو السبيل الوحيد لمجابهة التحديات والله من وراء القصد وهو الهادى الى صراط مستقيم وفى ذالك فليتنافس المتنافسون .