لا شيء جديد فى مصر؛ فعندما انقلب العسكر على انتخابات تشريعية فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر بنسبة 82 في المائة، تم إلغاؤها بجرة قلم وتدخل الجيش واستولى على السلطة بدعم فرنسى. هذه مرحلة أولى، والثانية هى القبض على رموز الإسلاميين والزج بهم فى المعتقلات فانقضوا على قيادات الجبهة المنتصرة وقواعدها، وذهبوا بعشرات الآلاف في معتقلات جماعية في الصحارى سموها « مُحتشدات »، وبارك الغرب الجريمة. والمرحلة الثالثة هى عقاب جماعى للشعب واستهداف للأماكن والقرى التى أعطت أصواتها للإسلاميين فعاشت الجزائر العشرية الجهنمية التى يسمونها سنوات الجمر وقتلَ فيها أكثر من مائتى ألف جزائرى وكانوا يركزون على القرى التى ثبت فى الكشوف أنها رجحت كفة الإسلاميين فى الانتخابات لارتكاب المجازر التى كانوا يلصقونها بالإسلاميين لتشويه صورتهم، وثبت بعدها أنها كانت مدبرة وأن من قام بها قوى أمنية. وفي عام 2006 تكرر المشهد بمراحله الثلاث في الضفة الغربية وقطاع غزة، ففازت حركة حماس الإسلامية بثقة الناخبين في اقتراع حر نزيه شفاف شهد له العالم الحُر، لكن العالم كله، وليس الغرب وحده، رفض النتيجة، وانحاز إلى الصهيونية وأهوائها. حاول الرافضون ومن وراءهم الانقضاض على التجربة الديمقراطية، فبادرت حماس إلى إجهاض المكيدة، فما كان من المجتمع الدولى إلا القفز للمرحلة الثالثة بعد أن تولت إسرائيل المرحلة الثانية من استهداف للقيادات والرموز الحمساوية الشريفة فأردتهم واحدًا تلو الآخر؛ وبعدها قام المجتمع الدولى بمعاقبة الأحرار الغزاويين وضرب حصارًا خانقًا حول الضحايا عقابًا لهم على اختيارهم الديمقراطى - وتلك هى المرحلة الثالثة -. فى مصر.. تجاوزنا على ما يبدو خلال الشهر الفائت المرحلتين الأولى والثانية، وها نحن نعيش سيناريو المرحلة الثالثة، وفيها يتم عقاب الشعب الحُر على خياره الديمقراطى إذ كيف يُعطى صوته للإسلاميين! فهو شعب خائن غير أمين وغير شريف وليس له حقوق ويجب إهانته وإذلاله وقمعه وإبادته وضربه بالرصاص.. والسلطة الجديدة تجد سهولة فى العثور على من أعطى الإسلاميين صوته حيث يتجمعون من كل مكان من الجمهورية فى ميادين تأييد الشرعية. فهل يستسلم المصريون للذبح والخنق؟