تعاطفت مع الممثلة إلهام شاهين عندما تطاول بعض أدعياء الدعوة الإسلامية عليها ووصفها بما لا يليق، وكتبت مدافعًا عن حقها كامرأة يجب التعامل معها بالاحترام الواجب وعفة اللسان التى يجب أن يحرص عليها كل مسلم عند حديثه عن أعراض النساء. واليوم أعلن عن أسفى وحزنى لما انحدرت إليه هذه الممثلة فى تصويرها للإسلاميين وشماتتها فيهم بعد عزل الرئيس السابق، ذلك أنها ترتكب الحماقة نفسها التى مورست ضدها، والتى رفضها كل أصحاب النفوس السوية والضمائر الحية فى مصر. ما أبدته إلهام شاهين من مظاهر شماتة فى الرئيس المعزول وبعض أنصاره فى حلقاتها مع المذيعة هالة سرحان أمر مؤسف للغاية، فنحن نختلف مع الرئيس مرسى فى أسلوب إدارته للدولة، وننتقده بكل موضوعية، ونعدد مظاهر إخفاقه، وندين إقصاءه للمخالفين له ولجماعته.. لكن أن نسخر منه ومن جماعته بهذا القدر من السفاهة، وأن نعبر عن شماتتنا فى تراجع أنصار التيار الإسلامى إلى الصفوف الخلفية بعد سقوطه وتكرار أخطاء جماعته، فهذا أمر يرفضه كل عقلاء الوطن الذين يحرصون على استقراره، والذين تتعالى أصواتهم الآن تطالب بمصالحة وطنية حقيقية يتم من خلالها القضاء على مظاهر الفرقة والانقسام بين المصريين. كل ما يؤدى إلى الاحتقان بين المصريين بكل توجهاتهم السياسية ومعتقداهم الدينية مرفوض ومدان، لذلك ينبغى أن نقف ضد مظاهر الإسفاف تجاه الإسلاميين فى الشوارع والميادين ووسائل الإعلام ومواقع وقنوات التواصل الاجتماعى، وكل من يمارس سخرية من فصيل سياسى يرتكب جريمة فى حق هذا الوطن لأنه يضاعف من حالة الاحتقان ويدفع الفصائل السياسية المصرية المختلفة والمتصارعة إلى ممارسة العنف للتعبير عن غضبها والتنفيس عن نفسها. ***** من حقنا جميعًا أن نرصد أخطاء وتجاوزات العام المنصرم من تاريخ مصر حتى يستفيد القائمون على شئون الوطن من تجارب السابقين، ولا يكررون الأخطاء نفسها ونظل ندور فى حلقة مفرغة، ومن حقنا أن نقيم تجربة جماعة الإخوان المسلمين التى استمرت عامًا كاملاً.. لكن ونحن نقوم بهذا التقييم ونمارس ذاك النقد لا ينبغى أبدًا أن ننجر إلى إسفاف أو أن نمارس وقاحة، أو أن ننحدر إلى مستنقع من الأخلاق الرديئة. الرئيس السابق بشر شأنه شأن كل البشر، يخطئ ويصيب، وكل عقلاء الوطن يعددون أخطاءه وتجاوزاته ليس تشفيًا فيه، ولكن لينيروا الطريق أمام من خلفه مؤقتًا ومن سيختاره الشعب ليقود البلاد خلال المرحلة القادمة.. وهنا ينبغى التمييز بين التحليل الموضوعى لأخطاء وتجاوزات سنة كاملة من عمر مصر، وبين شتائم وسباب ومظاهر شماتة فى الرئيس المعزول وجماعته والسخرية منهم فى برامج فضائية مسفة، كتلك التى صدمتنا بها هالة سرحان مع إلهام شاهين فى الأيام الأولى من الشهر الفضيل. الشعب المصرى الذى يبكى هذه الأيام دمًا على ضياع وحدته التى تمثلت فى الوقوف صفًا واحدًا ضد نظام مبارك فى ثورة يناير، والتى أسهمت فى الإطاحة به فى أيام معدودات، ينبغى أن يرفض ويدين كل صور ومظاهر الإسفاف ضد الإسلاميين، وكل من يتصور أن المشروع الإسلامى انهزم برحيل مرسى واهم، ففشل تجربة لا يعنى سقوط مشروع حضارى لو طبق تطبيقًا صحيحًا لحمل الخير، كل الخير، للجميع. لا ينبغى أن نظهر شماتة فى الذين يحملون فكرًا إسلاميًا، فالإسلام لن ينهزم على يد جماعة أو حزب أو فصيل يتحدث باسمه ويرفع شعاراته، الإسلام أعلى وأسمى من أن يكون محل اختبار، ولذلك لابد أن نكون على قناعة بأن الإسلام لم يهزم ولم يفشل كنظام حكم، لكن الفشل والإخفاق الذى لحق بجماعة الإخوان المسلمين كان بسبب الانحراف عن أصول الحكم الإسلامى القويم. ***** ينبغى على الإعلاميين المصريين أن يكونوا على قدر المسئولية خلال هذه الظروف العصيبة التى يمر بها الوطن، فحالة الانقسام الواضحة والمحزنة فى صفوف الشعب المصرى تفرض على كل الإعلاميين أن يبذلوا كل جهدهم لجمع الصفوف وإزالة حالة الاحتقان وتهيئة النفوس المشحونة بالغضب للحوار فى مناخ من التسامح والعفو. أهم واجبات الإعلام المصرى خلال الأيام القادمة هى إقناع المصريين بحرمة الدم وتذكيرهم بروح الأخوة وسياج المواطنة الذى يربطهم لكى يتغلبوا على ما لحق بهم من تعصب وتشتت وفرقة. وهنا يدخل فى باب التحريض الموجب للحساب الرادع كل ما من شأنه أن يحض على الكراهية ويؤدى إلى السخرية من فصيل من المصريين. منذ أيام عرضت إحدى الفضائيات لقطات للرئيس السابق كانت محل سخرية البعض، عندما كان رئيسًا وشاهدتها وقتها وتجاوبت معها، كنوع من التنفيس عن حالة الغضب من الرئيس، ولم أتحمل الآن مشاهدتها بعد أن رحل الرجل، ولم يعد صاحب سلطة ونفوذ وقرار. وهذا هو سلوك كل المصريين المحترمين الذين يرفضون مهاجمة شخص لا يستطيع الدفاع عن نفسه. كنت خلال الشهور الماضية أشاهد بعض لقطات من برنامج باسم يوسف وأضحك مثل معظم المصريين رغم تحفظى على تجاوزاته.. أما الآن فلا أتحمل مشاهدة لقطة واحدة من التى سخر فيها من الرئيس السابق.. وأنا على ثقة من أن معظم المصريين يشاركوننى هذا الشعور. ينبغى أن نسمو بأنفسنا فوق كل مظاهر الإسفاف ضد المخالفين لنا فى الرأى أو الفكر أو التوجه. ينبغى أن نختلف مع الآخرين برقى وتحضر، وأن نبقى على خيوط المودة قائمة، فنحن أولاً وأخيرًا أبناء وطن واحد، وما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وسوف نلتقى إن عاجلاً أو آجلاً حول كل ما يحقق التقدم والرقى والاستقرار والأمن لوطننا. على الجانب الآخر، ينبغى أن يتوقف أنصار الرئيس مرسى عن ممارسة الإسفاف ضد جيش مصر العظيم ورموزه، كما ينبغى أن يتوقفوا عن ممارسة الإسفاف ضد من يعارضونهم وينتقدون تصرفاتهم، حيث نرى ونسمع منهم – للأسف - كل ما لذ وطاب من الشتائم والسباب الذى يدينهم ويسىء إليهم دون أن يسىء إلى مخالفيهم ومعارضيهم. حالة الإخفاق التى تسيطر عليهم بعد عزل الرئيس مرسى لا ينبغى أبدًا أن تدفعهم إلى الإسفاف والرعونة والإساءة الى الآخرين بألفاظ لا تصدر إلا عن السوقة ومحترفى البلطجة وسيىء التربية. مع كل مقال هنا أو فى مطبوعة أخرى يحمل مصارحة للجماعة بالأخطاء الفادحة التى ارتكبتها خلال العام الذى تولت فيه حكم البلاد، أتلقى سبابًا لم أعهده إلا من هؤلاء الذين تربوا على سوء الأدب، وعديمى الأخلاق.. واستمرار هذا النهج الإخوانى فى التعامل مع الخصوم السياسيين والمنتقدين لتجاوزات أنصار الرئيس السابق سيضاعف من حالة الغضب ضد الجماعة وكل المنتمين لها.. وهذا ما لا نرضاه لجماعة شعارها "الإسلام هو الحل"، وتؤكد كل يوم أنها تعمل بالإسلام وللإسلام. الإسلام رقى وأدب وتحضر واحترام كامل للمخالفين. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.