كل عام وأنتم بخير.. اليوم نبدأ احتفالاتنا بعيد الأضحي المبارك.. عيد التضحية والفداء وصلة الرحم والعطف علي الفقراء والتواصل مع الأهل والأحباب.. في يوم الفداء والتضحية لابد أن نتناسي خلافاتنا وصراعاتنا ونحاسب أنفسنا علي ما ارتكبنا من جرائم وأخطاء في حق هذا الوطن لنتخلص من كل الضغائن والأحقاد ونعلن توبة صادقة عن كل الصراعات التي عصفت بوحدتنا وأضعفت قوتنا وأهدرت كل جهدنا في معارك كلامية بعد أن توقفنا عن العمل والإنتاج وانشغلنا بالمطامع المادية والأهواء الشخصية والزعامات السياسية الفارغة!! وإذا كان الإسلام قد جعل التضحية بالدم في أيام العيد سنة مؤكدة وفضيلة من الفضائل التي يتقرب الإنسان إلي خالقه فالتضحية الحقيقية في هذه الأيام المباركة ينبغي أن تكون بالخلافات والصراعات والأهواء ففي هذه الأيام ينبغي أن تصفي النفوس وترتقي المشاعر وتتوحد الصفوف ويلتف الجميع حول الوطن الذي أسأنا إليه وأهدرنا حقوقه.. علينا أن ندرك أن العيد شرع في الإسلام لراحة النفس والبدن وادخال السرور والبهجة علي الأسرة دون مخالفات أو تجاوزات شرعية فالإنسان مطالب شرعاً بأن يعيش هو وأسرته فرحة العيد فديننا دين بهجة وسعادة ولا يحرم الإنسان أبداً من أمر فيه فائدة حقيقية له. وأعياد المسلمين كلها منافع وفوائد للجميع من أغنياء وفقراء. ولو فهم المسلمون المقاصد الحقيقية من العيدين عيد الفطر وعيد الأضحي واحتفلوا بهما وفق الضوابط الشرعية والالتزام بالقيم والأخلاقيات الإسلامية لأدخلوا البهجة والسرور علي أنفسهم وكل المحيطين بهم دون تجاوزات أو مخالفات. واجبنا أن نتخذ من هذا العيد مناسبة أو فرصة لتجديد المحبة والمودة والتزاور والتلافي بين الأقارب والأصدقاء. علينا أن نجعل من العيد فرصة لمساعدة المحتاجين. وتفريج كرب المكروبين وإدخال السرور علي المحزونين ورسولنا الكريم يقول: "من نفس عن مسلم كربه من كرب الدنيا نفس الله عنه كربه من كرب يوم القيامة. ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"..وفي إجازة العيد فرصة لالتقاط الأنفاس ومراجعة النفس وهنا لابد أن يدرك المصريون أنهم بما يرتكبون من حماقات في حق الوطن وضد مؤسسات الدولة وضد بعضهم البعض يهدرون إنجازات ثورتهم التاريخية التي أشاد بها العالم. علي الجميع أن يدرك أننا نعيش فوضي عارمة لا علاقة لها بالثورة المصرية التي أذهلت العالم.. فالثوار الأحرار صنعوا ثورتهم ثم عادوا إلي أعمالهم ليتركونا بعد ذلك لأصحاب الهوي والمصالح الشخصية والزعامات الفارغة والشعارات الكاذبة.. الكل يسعي إلي تحقيق مصالحه وتنفيذ أجندته ولو علي جثة الوطن الذي تخلص من ظلم النظام السابق ليدخل في ظلم وجبروت أكبر وغباء وعناد فصائل من تجار الدين والسياسة. كل شعوب العالم التي ثارت ضد أنظمتها الفاسدة عجزت عن تحقيق عشر ما حققه المصريون في ثورتهم التاريخية ومع ذلك يصر بعض المصريين من معدومي الضمير علي التشكيك في كل شيء والاضرار بوطنهم والإساءة لثورتهم. والظهور أمام شعوب العالم بمظهر الشعب الهمجي الذي تفرغ لقطع الطرق والعدوان علي أقسام الشرطة واقتحام السجون لتهريب المجرمين وممارسة البلطجة بكل أشكالها وصورها.. كنا نعاني من بلطجة نظام زرع فينا الخوف والجبن فأصبحنا نعاني من بلطجة جماعات وفصائل وأحزاب لا يروق لها شيء داخل الوطن ولا هم لها إلا التشكيك في كل شيء. مازلنا نعيش علي حلم جميل بعد التخلص من الفاسدين والمجرمين الذين نهبوا الوطن وألحقوا الضرر البالغ به وجلبوا للمصريين المرض والفقر والجهل ولا ينبغي أن نعطي لأحد الفرصة لجماعة أو حزب لكي تعود بنا إلي الوراء وتحرمنا من حقوقنا.. عشنا نحلم بالحرية والديمقراطية الحقيقية التي تعطي لكل إنسان حرية التعبير عن رأيه ولا ينبغي أن نترك الفرصة لحزب أو جماعة للسيطرة علي وسائل الإعلام وتنصيب أو عزل رؤساء التحرير بأسلوب مهين للصحافة والصحفيين. عشنا نحلم بالازدهار الاقتصادي وتشغيل العاطلين وارتفاع مرتبات العاملين في الدولة بعد أن وفرنا ما كان ينهبه حرامية النظام السابق كل يوم ولا ينبغي أن نستسلم للناهبين الجدد الذين يحاولون مص ما تبقي من دمائنا تحت مسميات وشعارات خادعة. عشنا نحلم بوطن يرتقي فيه التعليم ليصبح إحدي أدوات التقدم وترتقي فيه سلوكيات المواطن ليصبح عنواناً لحضارة مصر التي نشرت كل القيم الحضارية والإنسانية في العالم العربي ولا ينبغي أن نترك الفرصة للمتطرفين والمتشددين الذي لا يشغلهم في مدارسنا إلا ارتداء التلميذات للنقاب أو الحجاب دون أن يقدموا علماً وفكراً وثقافة لأولادنا. ما يحدث في مصر الآن من فوضي لا ينبغي أن يشيع في نفوسنا الاحباط واليأس بل يفرض علي المصريين أن يتحركوا جميعاً لإنقاذ وطنهم قبل أن تنال منه قوي الشر..ما نشاهده يومياً من عنف وفوضي وإجرام وإسفاف في كل أرجاء الوطن يؤكد أن حال المصريين بعد الثورة تغير للأسوأ وأن مناخ الحرية الذي تعيشه مصر الآن يستغله البلطجية وتجار الشعارات السياسية الكاذبة ويستفيد منه المخربون ولا يستفيد منه المواطن الشريف الذي يتطلع إلي استقرار وطنه وتحسين أحواله وبناء مستقبله علي أساس سليم وهذا يفرض علي المصريين جميعاً انتفاضة كبري ضد كل ما يحيط بنا الآن من فوضي وعنف وغوغائية وخلط للأوراق يصب في صالح القوي المعادية للوطن. نحن في أيام بهجة وسعادة وفرحة بعيد الأضحي المبارك فلا تنسوا التأمل في أحوال البلاد والعباد وتذكروا أن للوطن عليكم حقوقاً وأن إنقاذ الوطن مما يعاني منه الآن هو مسئولية الجميع وليس مسئولية رئيس ولا جيش ولا شرطة. إنقاذ الوطن وحمايته من المخربين مسئولية كل المصريين.