قلت فى مقالٍ سابق، أن الخصم السياسى للإسلاميين، أغبى من أن يستجيب لدعوة الرئيس الأخيرة للحوار، كما لا أتمنى بصفة شخصية أن يستجيب، وهاهو وقد وصلته رسالتى وقد حاول بعضهم أن يقنع أقرانه بالاستجابة وفشل، وقلنا أننا سنوضح غباءه، وغباءه تحديداً فى هذا الشأن ولكن بعد 30 يونيو بإذن الله. أما الآن فنكرر مناشدتنا لإخواننا قادة العمل الإسلامى، باجتناب الثلاثين من يونيو وأن يلتزم الإسلاميون كافة، منازلهم فى هذا اليوم «الموعود»، أما منطلقنا فى ذلك، فنوجزه فى التالى: أولاً: الإسلاميون هم الأحرص على درء الفتن، والأحرص على دماء المصريين كافة، وحب الوطن وصيانته والحفاظ عليه، طاعة لله عندهم وتضحية. ثانيا: منع كل «التلكيكات» والمزاعم الكاذبة، حال حدوث أى نوع من أنواع العنف والتخريب والإجرام عموماً، فى هذا اليوم، وهو ما من شأنه أن يكشف المخربين أمام الناس كافة. ثالثاً: أى نوع من الإجراءات الاستثنائية التى ينادى بها قطاع كبير من أهلنا الطيبين فى عموم مصر، مناشدين الرئيس أن يتخذها الآن حيال هؤلاء العجزة، أبداً لا أشجع عليها، بل أنصح وبشدة وبإلحاح بعدم للجوء إليها، لأساب عديدة وهامة، ليس بينها فقط، أن الشرطة والجيش الآن وفى تقديرى لا يميلون إليها. لذلك فعلى الرئاسة أن تنأَ تماماً عن اللجوء إلى ذلك العمل الاستثنائى، صيانة لنفسها من أخطاءٍ جديدة. رابعاً: وفى المقابل لما تقدم، ورداً على الوهم النظرى «المستحيل» لخلع الرئيس بعيداً عن صندوق الانتخاب، فإن الجيش تحديداً، وللأسباب تنطلق عنده من وعيه الاستراتيچى والذى لا يتأثر مطلقاً بالتوجهات الأيديولوچية المكنونة بداخل أفراده، يرسخ فى وجدانه تماماً أمرٌ بالغ الأهمية، وهو أن ما تستهدفه هذه الأقلية العاجزة من هدفٍ نظرىٍّ مستحيل، إنما يؤدى إلى اقتتالٍٍ أهلىٍّ لا قدر الله، ومن ثم فحفاظ الجيش تحديداً على الشرعية الدستورية، هو أمرٌ يقينىٌّ وحتمىٌّ لا فكاك منه، لارتباطاتٍ عدة، يأتى على رأسها عدم انجراره إلى استهلاكٍ بعيدٍ عن تحدياته الجسام، فضلاً عن خطورته البالغة على أمن مصر بشموله، ولا أزيد فالأمرُ جلىٌّ، إلا على هؤلاءِ الواهمين. خامساً: ولذلك فالجيش تحديدا، ثم الشرطة «اضطرارياً» وخاصة بعد اجتناب الإسلاميين لهذا اليوم، أقول ستضطر الشرطة للقيام بالدور المناط إليها، بغض النظر عن أى ميل شخصى لبعض أفرادها، وخاصة أن التزام الإسلاميين بيوتهم، سيضع الشرطة «المسلط عليها الأضواء والشهود» أمام مسؤوليتها، وقد أعلنت بالفعل منذ أيامٍ، ما مفاده أنها ستحتفظ بمسافة بعيدة «نسبياً» عن المتظاهرين، ولكنها مناسبة أيضاً للتدخل «القانونى» حال الضرورة. سادساً: التزام الإسلاميين بيوتهم، سييسر على الحرس الجمهرى أن يقوم بدوره، والذى لن يسمح فقط بعدم اختراق قصر الرئاسة، بل وعدم الاقتراب منه البتة، بل ولمسافة تختلف عن كل المسافات التى كانت فى مناسبات سابقة، وبحزمٍ وبصرامة واضحة هذه المرة. سابعاً: وجود هذا الفصيل السياسى فى الشارع وحده فى هذا اليوم، وبعد أن عبر عن نفسه، واستوعب أن هذا اليوم مثل أيامٍ سابقة لم تأتِ له بأوهامه، من شأن ذلك أن يضع ظهره إلى الحائط لو فكر فى تعويق مصر فى اليوم التالى، وخاصة أن الإسلاميين قد اجتنبوهم فى هذا اليوم، ولأن الدولة بعد أن وسع صدرها ومعها القطاع الأكبر من شعب مصر، الذى وإن حمل بعضه رأياً سلبياً فى الرئيس فإنه أيضاً لا يرى فى هؤلاء العجزة البديل، أقول أن الدولة وبكافة أجهزتها وبحزمٍ غير مسبوق وبحسمٍ كذلك، ومعها هذا الظهير الشعبى الرافض للتعويق تحديداً، وقد وسع صدر الجميع لهؤلاء فى يومٍ من أيام العمل وهو «الأحد» لن يسمحوا لهؤلاء أن يعوقوا معايشهم ليومٍ آخر تالٍ. ومع ذلك فلا مانع مطلقاً من بقائهم فى الشارع لمائة سنة قادمة، ولكن عليهم أن يعوا تماما أنه لن يُسمح لهم بعد الثلاثين من يونيو بأى تعويق لمعايش الناس. ثامناً: اجتناب الإسلاميين لهذا اليوم، سيضع إعلام الضلال، فى حالة من الارتباك الشديد، فضلاً عن وضعه «عرياناً» من أى غطاءٍ على الإطلاق وكذلك من أغطيته الساذجة المألوفة. وأخيراً: علينا أن نشتغل «علمياً» على هؤلاء، بدءاً من صبيحة الأول من يوليو، وإلى ما شاء الله لنا، مروراً بالانتخابات الپرلمانية.
تبقى رسالتان قصيرتان للرئس: أولاً: تخلفت يا سيادة الرئيس عن إجراءاتٍ واجبة، كان عليك أن تُقرنها بإجرائك الأشهر، يوم أن صرفت المجلس العسكرى، والآن ولحين أن تسمح الظروف بالتدارك، أطالبك بأن تراجع قانون التجنيد الإجبارى، بحيث يمكن إلحاق دفعة سنوية من المؤهلات العليا، للتجنيد بهيئة الشرطة وهو عمل بعيد عن «الأخونة» المزعومة، وفوائده عديدة لحين التمكن من إعادة هيكلة هذا الجهاز الهام. ذلك على سبيل المثال لا الحصر، ولن أزيد هنا. ثانيا: كان يكفيك أن تنجز لكى تتجاوز هذه الأقلية المعوقة، ولكنك تخلفت يا سيادة الرئيس عن إنجازاتٍ ممكنة وكبرى، وتخلفت وإخوانك عن الانفتاح على النصائح العلمية، بينما الأخطاء مازالت مستمرة. فالخلاصة أن الحالة المصرية بكلياتها، تفرض عليك مراجعة، ليست تكتيكية يا سيادة الرئيس، فمشكلتك وللأمانة ومعك الجماعة والحزب، أقسم بالله العظيم هى مشكلة استراتيچية، لذلك فالسلوك السياسى والعام به عوار شديد، منذ 11 فبراير 2011 إلى اليوم. أبداً لا أقنط من رحمة الله ومدده ودعمه، ولكن علينا بالسعى الذى يبدأ من العقل يا سيادة الرئيس بعد الوعى بشمولية الدين، والإخلاص المنطلق من هذا الشمول، ومن ثم الانفتاح على النصيحة وقبولها أيضاً بصدرٍ رحب، ومن ثم فيمكننا التدارك، ولكن عليك أن تدرك يا سيادة الرئيس أن الوقت يضيق ومعه الفرصة، أتحدث عن خدمة مصر وأهلها أولاً ثم عن الجهوزية لانتخاباتپرلمانية قادمة. يا سيادة الرئيس ويا أيها الإسلاميون كافة، من ضمن ما يجب أن يميزنا عن غيرنا وهو كثير، ممارستنا للنقد الذاتى، فضلاً عن كونها سمة من سمات الواثقين، بينما المكابرة رعونة وعجز.
رسالتى الأخيرة للعجزة الواهمين، تتعلق بألف باء قراءة الحالة المصرية وخريطتها، «بلاش ديه علشان يمكن صعبة شوية عليكم»، لنجعلها ألف باء القراءة فى السياسة. كيف لك، لن أقول أن تمسح بأستيكة القطاع الأكبر من الشعب الرافض لكم وحتى لو أن بعضه أيضاً رافض للرئيس ولكنه أيضاً رافض لتعويقكم والمهم أيضاً أنه رافض لرئيس جديد يأتى من عندكم، ولكنى أكتفى بالقول كيف لكم أن تمسحوا من مخيلتكم قطاعاً شعبياً مقدراً، يعكسه الإسلاميون، ثم ألا تدرون أن الجيش يعى تماماً الخريطة السياسية، وأبداً لا يمكن أن يُستدرج إلى ما تستهدفونه من اقتتالٍ أهلىٍّ، برعونتكم؟ رعونتكم ليس فقط فى التحليل السياسى، وليس فقط فى رسائلكم الإعلامية المغتاظة اليائسة، وليس فقط فى حركتكم العشوائية المبنية على الأوهام، فذلك كله نتائج، لرعونة الفكر أولاً ومن ثم الغفلة الذهنية. أبداً كإسلاميين لا ننفى عن أنفسنا أخطاء، بل وأخطاء عظمى وواضحة، ولكن ما قدمته بعاليه هو حقيقتكم أنتم والتى لا أتمنى لكم تغييرها، حتى تظلوا خصماً سياسيا ساذجاً والأهم «سهلاً». إلا أن يهديكم الله. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.