مشاكلنا فى مصر كلها ومنذ عقود، سلطة ومعارضة كذلك ومع اختلاف المواقع وتغيرها، مشكلة «فكر»، أن كيف ينبغى لنا أن نفكر، كيف تتسع رؤيتنا وتشمل وتغوص فتستخلص؟ ماذا نريد؟ وكيف يكون ما نريده عظيماً، دون شطط بالتأكيد؟ ومن ثم كيف نتخير الفكرة والكبيرة تحديداً، وسياستها وبرنامجها التنفيذى أيضاً، والكادر البشرى كذلك؟ يعنى كيف نتخير الفكرة الأشمل والولادة كذلك، وكيف نتخير ابتداءً المدير المبدع؟ هكذا الأمر مع الاقتصاد وفى «التمكين» أيضاً، وفى الأخونة «المشروعة» إن أردنا، وفى كل شأنٍ وأمرٍ كذلك. والسؤال الذى يفرض نفسه علينا بعد هذه المقدمة، هل فعلنا ما تقدم؟ بالتأكيد لم نفعل، حتى لو حققنا بعض الأعمال الجزئية. حسناً، وماذا علينا أن نفعله الآن، من أجل التدارك؟ هذا ما سنجتهد أن نجيب عليه معاً، فى نهاية هذه الفقرة، ولكن علينا الآن أن نستكمل ما بدأناه فى المقدمة فنقول: لا يكفيك أن تمتلك سلطة لكى «تتمكن»، كما لا يكفيك أن تمتلك العضلات لكى تنتصر، وثورة يناير شاهدة علينا، فلقد منحنا الله سبحانه وتعالى منحة عظيمة، ولم نكن على «المستوى» وما زلنا. أفضل وسيلة إعلامية إسلامية، هى تلك التى تستضيف أعتى عتاة العلمانية، وفى مقابله ضيف إسلامى، هادئ وسهل ممتنع، لتنتهى الحلقة وقد تعرى العلمانى أمام المشاهدين، بعد أن فند الإسلامى كل أباطيله، ودون أن يمنحه أى فرصة ليضرب «كرسى فى الكلوب»، أو أن يهرب نتيجة لعجزه قبل انتهاء الحلقة، هكذا فى الدين وفى السياسة كذلك، فاختراق وجدان الناس، لا يكون إلا باستدعاء كل المثار فى الشارع، حتى لو ضد الإسلاميين، وتفنيده. من المشروعات التى تحقق الشمول والتوليد، والتى يمكن من خلالها أيضاً، أن نطبق النهج الرفيع الذى نأمله، شريطة أن نسعى بإخلاصٍ إلى الاهتداء إلى أسباب العقل والعلم والعمل الرفيع المبدع، مدينة جديدة شاملة، غرب الدلتا وامتداداً إلى الشمال، بخلاف المشروع العظيم «شرق التفريعة». هناك نطاقات فى عمل أى حكومة منتخبة فى الدنيا، يجب أن تُستثنى من احتكار السلطة فى القرار المنفرد بشأنها، ومن هذه الشئون المصرية التى يجب أن يُطبق عليها هذا المبدأ، مشروع شرق التفريعة، لا أطالب بإشراك الآخرين فى اتخاذ القرار، ولكنى أطالب بالانفتاح عليهم قبل اتخاذ القرار والتعرف على رؤاهم، وهو ما سيمثل فوائد جمة للحكومة، ولمصر كذلك. نأتى إلى السؤال الذى قدمناه وأخرنا الإجابة عليه، وهو ماذا علينا أن نفعله الآن، من أجل التدارك؟ ليس عليك أيها المسؤول، أى مسؤول فى أى منظومة، إلا أن تشكل خلية إستراتيچية، تضع الأسس، وسبل الانطلاق كذلك، ولكن تبقى مشكلتنا فى ذلك المسؤول، صاحب القرار وصاحب الاختيار، وأن ندعو الله أن يكون على المستوى إن كان قدرنا إلى حين وأن ننصحه أيضاً وندعمه، أو أن نحسن اختياره وفق «معايير»، إن كان اختياره متاحاً لنا الآن، أما فيما يخص رئيس الجمهورية، فلا نملك حياله إلا النصيحة ودعاء المولى عز وجل، أن يهديه إلى سواء السبيل. العمل عبر «المساعدين» هى سمة رئيسة فى المدير الواثق والمدير المنجز. وبعد أن تحدثنا عن مشكلتنا الرئيسية كمصريين، ننتقل إلى الحديث عن العجزة المفلسين السُذج، ولماذا ننعتهم منذ عامين وإلى الآن بهذه النعوت؟ اتهموا مبكراً المجلس العسكرى بالموالاة لجماعة الإخوان وأن صفقة سياسية عُقدت بينهما، واستمروا على هذا المنوال وإعلام مضلل وكذاب فى رفقتهم. ونادوا لمدة عام أو أكثر، بسقوط حكم العسكر وانتقدوا الإخوان لعدم مشاركتهم لهم، فى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء. بينما نحن قرأنا مبكراً، أن الجيش لا يوالى أحداً من الساسة، وإن كان شأنه شأن أغلب قطاعات الدولة فى حقبة مبارك بل ومن قبلها، كان يحمل موقفاً سلبياً من الجماعات الإسلامية عموماً، بل ومن تيار الإسلام السياسى كذلك، كما كانت لنا أيضاً قراءة مبكرة موازية، وتحديداً منذ 28 يناير 2011، أن الجيش لا يريد أن ينشغل أو أن يُستهلك بعيداً عن تحدياته الاستراتيچية التاريخية، كما لا يمكن له بحكم تاريخه الوطنى أن يقف فى مواجهة مع الشعب، ثم وحتى «نظرياً» لا يمكن أن يجابه شعب ال 85 مليونًا وقاهرة ال 15 مليونًا، بينما هذه الأقلية العاجزة غارقة من جراء عجزها هذا، فى الأمانى النظرية الزائفة، وتريد أن يعوض نقصها وفلسها وعجزها، الجيش!.. لذلك، فلا يجب أن يندهش أو يستغرب أحدٌ، صدمة وارتباك هذه الأقلية، بالتصريح الأخير البديهى للقيادة العامة للقوات المسلحة. وأخيراً نداءٌ واجب، لفصيل من الإسلاميين أخطأ برعونة منذ أكثر من عام فى «العباسية»، وإن كنا وقد آلمنا كثيراً تصرف الجيش معه وجهاز البلطجية كذلك، وقد شجبنا ما تعرض له وقتها، إلا أننا نرجو هذا الفصيل الآن، أن يرشد تصريحاته، ليعطى القدوة للعجزة، شأنه فى ذلك شأن بقية الفصائل الإسلامية، التى تعى الدور الأسمى والمهام الجسام للجيش، والمكانة التى يجب أن نحفظها له، لأنه جديرٌ بها مصرياً وعلى مستوى الإقليم، بل وفى نظر العالم كله، أو هكذا يجب ونأمل أن يكون. الإسلاميون لهم هيبة لدى الجميع، فليسوا فى حاجة للتظاهر، بل يكفيهم إعلان عند اللزوم، لذلك فإن ندائى لعموم الإسلاميين، أن يقظة إلى الثقة فى الله ثم فى قدراتكم، وأن تحرروا من الهواجس المرضية، وتحروا أسباب مسبب الأسباب سبحانه وتعالى، عقل وفكر، إدارة علمية إجمالاً. وأختم مقالى بالعجزة مرة أخرى، الذين أعلنوا عن ثورة ثانية ثم عن ثالثة، ثم عما أسموه بالموجة الثورية الأولى و.....، ثم عن توكيلات للجيش، ثم مع الفشل احتضنوا ورخصوا لإجرام البلطجية والفلول، وأخيراً «التمرد» الطفولى على الصندوق، ولم يُدهشنى اشتراك شيوخ المراهقين فى ذلك، ولن نستغرب أى جديد منهم تحت مسميات مراهقة أخرى وعاجزة، أقول لهم لا ثورة أبداً فى مصر بإذن الله، بدون الإسلاميين، فذلك ألف باء القراءة السياسية التى لا يجهلها إلا الأغبياء العجزة، بل وإجمالاً ألف باء قراءة مصر المحروسة بإذن الله. محسن صلاح عبدالرحمن [email protected]