وكأن مرسى يثور على مرسى، وياليته يفعل فنحن جميعاً كمصريين وإياه فى احتياجٍ إلى مراجعات ذاتية، ولكن لا أفهم معنى أن تحتشد جماعة الإخوان المسلمين فى الميادين أو حتى أى فصيل إسلامى، من أجل الضغط على الرئيس «الإسلامى» لكى يُطهر القضاء وأن يحقق أهداف الثورة عموماً التى لم تتحقق، وكأن مرسى يطالب مرسى! هذا عجزٌ وغياب للنهج العلمى تماماً، أقصد ما تنحى إليه جماعة الإخوان المسلمين، من نهجٍ يخلو من تفكر وتدبر معتبرين، الآن ولم ينقطع هذا النهج منذ 11 فبراير 2011!.. من يريد من القوى الإسلامية أن يحقق لمصر ما تستحقه، وخاصةً بعد أن غاب العلمانيون تماماً عن أى عمل يحقق نفعاً لمصر بل ونحوا لتخريب ولتعويق الوطن، فعليه ابتداءً أن يصوغ رؤيته الشاملة فى هذا الشأن، وخاصة أن الرئيس فشل فى تحقيق ما تسعون أيها الإسلاميون للضغط عليه من أجل تحقيقه. أفهم أن تصوغوا مشروعاً متكاملاً للنهوض بالقضاء، شاملاً فى طياته تحقيق استقلال القضاء ونزاهته، وكذلك ضبط معايير الالتحاق بالهيئات القضائية كلها، بل وإنشاء أكاديمية للبحوث والدراسات القانونية والقضائية ولإعداد الملتحقين الجدد كذلك، وأيضاً «تحسين أوضاع القضاة المادية والاجتماعية كما ورد فى مشروع حزب الوسط» فمن أفضل الاستثمارات عندى الآن هى تلك التى تؤدى إلى «الاستقرار»، ولديكم من أجل سن هذا التشريع، مجلس الشورى وهو القائم على التشريع فى هذه المرحلة، وتملكون أغلبيته كإسلاميين! أنا لو من قادة التيار الإسلامى، لاستثمرت بيان ما يسمى بشباب القضاة «الذين حاصروا النائب العام يوماً ما»، والذى تحدث بيانهم عن ثغرات القوانين، أقول لأخذت طرف الخيط منهم ولاستثمرت هذا البيان من أجل القيام بثورة تشريعية علمية ورشيدة، أو حتى لبدأت ببعض التشريعات التمهيدية فى هذه الرحلة «الثورية» المستحقة. والثورية الحقيقية المستحقة الآن هى «حراسة الشرعية» وإرساء دعائم سيادة القانون ومن ثم استعادة «الهيبة»، أما أنك تريد أن تثور أو أن تتظاهر فى الميادين على أعداء الثورة، بينما لديك رئيس منتخب، وينتمى لنفس توجهك، فتلك كوميديا تنتمى للا معقول، أكتب هذه الكلمات وأنا أضحك ضحكاً أقرب إلى البكاء. أهداف الثورة كلها وبدون استثناء، وفى هذه الآونة تحديداً وفى هذه الظروف، من العيب ومن الضعف ومن العجز، أن تتحق بعيداً عن العلم والفكر والقانون، والجدية والحسم كذلك، وهو ما يعنى أننا فى احتياج لتحقيق ذلك بل ولتحقيق كل غاياتنا المصرية، إلى «الإدارة العلمية»، وإالتى من شأنها أن تفضح الأقلية العاجزة أمام الشعب، حال اعتراضها على تحقيق هدف من أهداف الثورة، كإعادة هيكلة القضاء مثلاً.
الإخوان المسلمون يدفعون اليوم ضريبة ضيق الأفق والعشوائية والانغلاق على كل ما ينفعهم، والانغماس فى الهواجس المرضية، والاستغراق فى الأمانى الزائفة، بينما ينتمون فى الظاهر إلى الدين الخاتم «الأشمل». بدأت الأقلية العاجزة مبكراً، هجومها على جماعة الإخوان منذ نهاية فبراير 2011، متهمة الإخوان بأنهم يسعون إلى الشعبية، وهو اتهام يعكس غباء وعجز هذه الأقلية وانتفاء تأثيرها على الشارع، وليس حرصاً منها على أهداف الثورة، فكل ما كان يعنيها وقتها ومازال دستور «علمانى» فلقد كانت فاقدة تماماً لأى فرص سياسية، وأرجو أن تظل كذلك ولكن «هذا موضوع آخر ويحتاج لشغل غير شغل الإخوان الغلابة»، وفى المقابل وقتها كان على الإخوان والإسلاميين عموماً، أن يعملوا على التوازى، وأن ينفضوا أيديهم من هذه الأقلية وأن يقولوا لها أن لا وقت لدينا لنضيعه معكم بعيداً عن مصالح مصر وشعبها، وهكذا ظللنا ندعو الإخوان أن يستمعوا إلى النصائح العديدة والمتكررة، وكان أبرزها نصائح ثلاث، الأولى متعلقة بموضوع «الخروج الآمن»، والأخرى كانت فى صيغة السؤال «كيف تصنع قيادة لثورة بلا قيادة؟» وأجبنا بأن تصوغ أهداف الثورة الممكنة وتعلنها على الناس، وممرراً إياها وأنت وسط الحشود، فتضغط مع الجموع لتحقيقها، فتحققها، وكان المجلس العسكرى وقتها، يعمل ألف حساب للاحتشاد الإسلامى، أما ثالث أبرز النصائح، فالتعاطى مع عصام شرف وتوجيهه فى الاقتصاد والخدمات، وتحقيق بنية مأمولة لحكومة قادمة منتخبة. تلك هى النصائح الثلاث الأبرز ضمن العديد من النصائح التى كنا نلح على الإخوان عبر تواصل مباشر ومتكرر لكى يأخذوا بها، لكنهم كانوا ومازالوا «أكبر منها» هههههه، ضحك كالبكاء!.. لا أدرى إن كان هذا المقال سيدرك الجمعة، ومع ذلك سأتصل بكم قبلها، فالمأساة مأساتنا جميعاً، وهذا قدرنا، أن يكون رباط حذائنا مربوطاً فى رباط حذائكم، فإن لم نسير معاً، وقعنا كلنا. مشكلتكم أنكم لا تنظرون إلا لغدٍ الجمعة، بينما نحن نجتهد فى النظر إلى السبت وما بعده بشهور وسنين، هكذا كنا بتوفيق الله مستشرفين فاجتهدنا معكم وألححنا عليكم فى 2011، وندعوه سبحانه أن يديمه علينا فتضغط عليكم الآن، حتى تنفتحوا أنتم أيضاً، على ما ينفع مصر. عندما تخطط ليوم (ألف)، يجب أن تجيب على السؤال، ما هى الآثار الإيجابية والسلبية كذلك، التى تتوقع حصادها فى اليوم التالى (باء)، بل وربما أثناء أو عند ختام اليوم ألف والأيام التالية له؟ وإلا تبقى العملية شُغل «كفتجية». أو على الأقل كيف يسبق احتشاد الجمعة الذى أتحفظ عليه، ثم يصاحبه كذلك ويتلوه، فكرُ وعملُ، حتى تتحقق الغايات بالفعل؟ وهل آن للإخوان ولنا جميعاً، أن نجنح إلى النهج العلمى؟ محسن صلاح عبدالرحمن [email protected]