في سياق الحديث عن حقوق الإنسان يتجاهل بعض المتلاعبين بالعقول شيئين هامين الاول أن مواثيق حقوق الانسان عندما صيغت روعي فيها خصوصيات الشعوب حيث جاء بأكثر من نص بالاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية أن "وعلى ذلك يجوز اخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة ان تكون محددة بنص القانون وان تكون ضرورية لاحترام حقوق الاخرين او سمعتهم ، ولحماية الامن القومي او النظام العام او الصحة العامة او الاداب العامة " فحتى واضعوا مواثيق حقوق الانسان على الرغم من اختلاف انتمائاتهم الا انهم كانوا اكثر موضوعية وواقعية وعقلانية من لاهثي ولاعقي حقوق الانسان في بلادنا حيث يريدون حقوقا للانسان بغير قيد او شرط ومعزولة عن الخصائص التاريخية والاجتماعية لمنطقتنا يريدونها عوجا لتحصيل شهواتهم في العمالة للثقافة المضادة لثقافتنا والشئ الثاني الذي تناساه هؤلاء العملاء هو ان النظم المدنية للدولة الحديثة التي ينادون بها زورا وبهتانا ان السلطة الشرعية والدستورية التي اختصها القانون بالتصديق على اتفاقات حقوق الانسان ، تلك السلطة صدقت عليها مع شرط التحفظ بعدم الاخلال باحكام الشريعة الاسلامية وجاء ذلك من تلك السلطة مسلكا يراعي خصائص الواقع ويحافظ على هوية البلاد والعباد ودائما ما عمد عملاء الثقافة المضادة الى التزييف والتزوير –فهذا ديدنهم – فربطوا بين اعتبار المرأة كائن فعال في المجتمع له كافة الحقوق في التعليم والثقافة والعمل المشاركة السياسية وبين تعرية جسدها فالمرأة التي ترتدي النقاب في تصويرهم المزيف يعني انها محرومة من كينونتها وحقوقها ورد على زيفهم الواقع فرأينا المنتقبة الطبيبة والمحامية والمعلمة والمهندسة والاستاذة بالجامعة . لقد بلغ بهؤلاء الانحطاط والارتداد حتى عن قيمهم وقالوا لا حق للمنتقبة في الحرية الكاملة ثم تحدثوا عن التواصل مع المجتمع كيف يكون من وراء نقاب لم تأت تحفظات هؤلاء على حق المجتمع في التثبت من الشخصية او حق المجتمع في الثقة وضمان الحقوق في التعرف على هوية من يتعاملون معه ، فلو كان هؤلاء تلك تحفظاتهم لعرضوا وضع تصور يضمن للطرفين حقوقهم .... المنتقبة والمجتمع على السواء في آن واحد لقد اصدرت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الادارية العليا المشكلة من اكبر عدد من القضاة وهو 11 قاض ومن اقدم قضاة مجلس الدولة اكدت فيه ان النقاب لايجوز حظره احتراما للشريعة الاسلامية والدستور والقانون والحريات وحقوق الانسان ولو قرأه هؤلاء بعين الحياد لما ذهبوا الى ما ذهبوا اليه ولقد زخرت كتب الفقهاء بآراء عن كشف المرأة وجهها في الشهادة امام القاضي ولدى الطبيب وغير ذلك مما يؤكد مرونة الفقه في تفعيل التعامل الاجتماعي على وجه صحيح ان مفاهيم الحرية والمساواة ليست على اطلاقها بل هي مقننة لصالح ثقافة المجتمع ومقيدة بقيمه وهذا ما اكده القضاء في احكامه حيث قالت محكمة القضاء الاداري " من حيث إن المستفاد مما تقدم أن الدستور المصري مسايرا في ذلك الاتفاقيات الدولية المقررة لحقوق الإنسان قد كفل حرية التعبير بمدلوله العام ، وفى مجالاته المختلفة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية . وبجميع وسائل التعبير ، وضمانا من الدستور لحرية التعبير والتمكين من عرضها ونشرها بأي وسلية علي نحو ما جاء بالمادة (47) سالفة الذكر التي تقرر أن الحرية هي الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا فى نطاقها ، وعلي ذلك هذه الحرية لا تنفصل عن الديمقراطية ، وعلى ذلك فإن ما توخاه الدستور من ضمان حرية التعبير هو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها إليه غير مقيد بالحدود الإقليمية على اختلافها ، ولا تنحصر فى مصادر بذواتها بل قصد أن تترامى آفاقها ، وأن تتعدد مواردها و أدواتها معصوما من ثمة إعلان أو قيود إلا تلك التي تفرزها تقاليد المجتمع وقيمة وثوابته _بحسبان أن الحريات و الحقوق العامة التي كفلها الدستور ليست حريات وحقوقا مطلقة _ وإنما مقيدة بالحفاظ علي الطابع الأصيل للأسرة التي هي أساس المجتمع والتي قوامها الدين والأخلاق والوطنية ، والتزام الدولة والمجتمع بمراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية و القيم الخلقية والوطنية ،و التراث التاريخي للشعب والحقائق العلمية والآداب العامة " لو كان هؤلاء يعرفون لله ألوهية ما قالوا قولتهم لانهم الان يعترضون على الله الذي قال في كتابه "واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب " فهم يعترضون على الله وتشريعه قائلين كيف يتحقق التواصل والاتصال بين سائل المتاع وبين نساء النبي فمن حق سائل المتاع ان يثق ويعرف مع من يتعامل وعلى نساء النبي ان يكتشفن عليه فبدا هؤلاء مسوخ بلا هوية فلا هم احترموا قيم ثقافة حقوق الانسان التي قضت محاكمها الدولية بحق مسلمة اوزبكية ضد دولتها في ارتداء النقاب ولاهم احترموا ثقافة الدولة المدنية الحديثة التي راعت خصائص المجتمع ووضعت التقيد بشرط عدم الاخلال باحكام الشريعة الاسلامية في قبول اتفاقيات حقوق الانسان ولاهم احترموا ثقافة بيئتهم العربية والاسلامية ان اختلاق حالة من التلازم بين حصول المرأة على حقوقها و بين كشف المرأة بدنها او ستره هي حالة من الافك المبين هدفها شيوع الفاحشة وتحصيل نفع من وراء ذلك هذا المقال رفضت جريدة الشروق نشره (نزار ..)