بات من المؤكد أن مملكة البحرين ستحوذ منصب الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي بالتزكية في اجتماعات المجلس في شهر ديسمبر القادم. ويحظى مرشح البحرين محمد إبراهيم المطوع مستشار رئيس الوزراء للشئون الثقافية بدعم خليجي شبه كامل لأن دولة قطر مازالت تحاول أن تحصل على تزكية أعضاء المجلس في الإبقاء على الأمين الحالي القطري الجنسية لمدة عام آخر. ولكن كل المؤشرات تؤكد أن المطوع هو الأمين القادم ليكون بذلك أول بحريني يشغل هذا المنصب منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي عام 1981م. والمطوع الذي تخرج من جامعة الإسكندرية حيث درس الفلسفة بكلية الآداب في مرحلة الستينيات يعد من أهم الشخصيات السياسية التي شاركت في صناعة وصياغة الدولة المدنية الحديثة في البحرين وتطوير الجهاز الإداري والإعلامي بالدولة، وهو يتمتع بصفات شخصية وعملية تؤهله لإحداث نقلة كبيرة في علاقات مجلس التعاون ببقية التكتلات والتجمعات العربية والعالمية. ومن المؤكد أن محمد المطوع سيكون قادرا على مد جسور جديدة من التفاهم والتقارب بين مجلس التعاون والمواطن العربي العادي بما لدى المطوع من قدرات خاصة على الخطابة والإقناع والحوار.. وأهم ما يميز الأمين العام الجديد هو تواضعه وتمسكه الكامل بالثقافة العربية وحرصه على البعد العروبي ورفضه لكل أشكال التطبيع مع إسرائيل إلى أن يتم تحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط وحل المشكلة الفلسطينية. ولكن الطريق لن يكون سهلا أمام العديد من الملفات الشائكة والحساسة التي تمر بها المنطقة، فهناك قضايا خارجية مثل علاقة دول المجلس مع إيران والملف النووي الإيراني، وعلاقة دول المجلس مع اليمن التي ترغب في الانضمام لدول المجلس والتي تعاني من أوضاع داخلية ومشاكل اجتماعية واقتصادية تجعل النسيج اليمني غير متوافقًا أو ملائمًا للإندماج في قالب واحد مع بقية دول المجلس. غير أن أهم التحديات التي ستواجه محمد المطوع من خلال موقعه الجديد كأمين للمجلس هي تلك المتعلقة بالأوضاع الداخلية في دول مجلس التعاون وما يمكن أن تثير الدعوات التحررية الجديدة من مشاكل وأزمات على غرار ما يحدث في المملكة العربية السعودية وما نجم عنه من حوادث عنف وإرهاب، وما يحدث في البحرين من مطالبات واحتجاجات سياسية متكررة ناجمة عن خلافات وانقسامات طائفية حادة. ونحن نأمل ونتمنى كل النجاح لمحمد المطوع الذي يتمتع بعلاقات عديدة متنوعة بين المثقفين والسياسيين المصريين والذي يحمل إعجابًا وتقديرًا خاصًا لمصر حيث يكرر في كل مناسبة أن القاهرة هي الأساس في أي تحولات عربية وأن أي تغيير حقيقي في العالم العربي لا يمكن أن يمر إلا عبر مصر. ومن المؤكد أن محمد المطوع سيكون قادرًا على كسر كثير من الحواجز النفسية المقترنة بالشخصية الخليجية لأن يمثل وجهًا جديدًا مختلفًا سيحدث قدرًا كبيرًا من الإندهاش والإعجاب لدى المواطن العربي وهذه هي أهمية اختيار شخصية خليجية على هذا النحو لتكون واجهة جذابة لمجلس تعاون خليجي يريد الانفتاح والاندماج مع بقية العالم العربي. [email protected]