بعض المصريين يحرق مصر، إجرام وتخريب خرج عن حدود العمل السياسى واختلاف الرؤى والمعارضة، فى مواجهة رئيس غير قادر على فرض مهابة المنصب على الناس، فترك مصر بغير كبير تلتف حوله، وقد يكون المشهد مختلفا من حيث يراه هو، إلا أن هناك أمورًا يصعب الاختلاف بشأنها، أولها تطبيق القانون بقوة وحزم على من يقتل أو يحرق أو يسرق، أو يقطع الطريق، وهم أشكالهم معروفة، بل وبعض أسمائهم وأماكنهم محددة، ثم لماذا لا يوضح الرئيس الصورة للجميع، فيعلن بالأسماء والأحداث ما يجري، فيضع كل فرد فى أى تيار سياسى مكشوفاً أمام الناس، فيحاسبهم الناس، وللناس قدرة أكثر على الحساب. إن الذى يجرى هو العكس تقريبًا، فأولئك المخربون وأولئك السادة المعارضون، الداعمون للتخريب بالسلب وبالإيجاب – قادرون على حصار الرئيس ووضعه فى مواجهة الشعب، والرئيس لا يرد ولا يوضح ولا يفسر، لا هو يفسر عمله وعمل حكومته، ولا هو يفسر ما يجرى فى مصر من تخريب، ومهما يكن من يقومون بالتخريب ومن يوفرون لهم الظرف والمناخ والغطاء السياسي، مهما كانوا واضحين مفضوحين، فهذا شيء، وكون الرئيس مسئولاً عن حفظ الأمن واستقرار البلاد شيء آخر، لا يمكن تجاوزه. لا يستطيع الرئيس أن يقول إنه يحاول من غير أن يوضح ما يحاوله، ولا أن يتهم أحدًا بالتخريب ثم لا يتخذ الإجراء المناسب، إنه لا يستطيع ألا يفعل، ينتظر الناس جميعًا منه الفعل المؤثر المؤدى إلى نتيجة، وبغير ذلك تكون حجة المخربين أقوى، وأى شيء يقولونه مؤثرًا حتى الكذب والتدليس، ولا يستطيع المصريون احتمال المزيد من ضنك العيش، إلا أن يكون هناك أمل ملموس، وفى مثل هذه الأوضاع يكون التمرد ورفض السلطة القائمة هو رد الفعل، الذى يسهل تبريره وتسويقه. ويستطيع الرئيس أن يهزم أعداءه إن هو عرض بالتفصيل كل أعماله خلال الشهور السبعة الماضية، فليعرض ما تم، وما بدأ، وما لم يبدأ، وما هو مخطط، بالأرقام والتفصيلات لا العناوين والتمنيات، وليفسر كل الأعمال والأهداف ومستويات الأداء وأسباب القرارات، فإن يفعل فإنه أولاً يرد على مطلب انتشر بقوة بين المصريين مؤخرًا، وإن لم يفعل الرئيس ذلك، فإنه يفقد ثقة الناس، ويدعم بشكل مباشر التمرد الحادث عليه ويوفر بنفسه المناخ المواتى لمن يوفرون الغطاء السياسى للمخربين بأنواعهم. وهؤلاء ليسوا سياسيين ومعارضين، ولكن انتهازيون وفتانون، فالسياسى حقاً يعلن بوضوح براءته من العنف وممن يمارسونه، بينما سياسيونا: السادة رموز المعارضة ودعاة إنقاذ مصر بزعمهم، ورؤساء الأحزاب وزعماء التيارات والمنظمات، يتصيدون فى الماء العكر، وكلما زاد إجرام المخربين تجدهم يجتمعون ويتزاحمون للتصوير، ليطالبوا وينذروا وهددوا ويتوعدوا، ولو أخلصوا النية من أجل مصر لامتنعوا عن أى عمل يسمح للمخرب بنشاطه، فلا تظاهر ولا اعتصام ولا احتجاج طالما سمح للمخربين بالحرق والتخريب والقتل، بل ولحاربوا المخربين بأنفسهم، ولوقفوا بجانب الرئيس الشرعى ضد من يحرق مصر، حتى تتوقف الحرائق ثم يحاربونه كما شاءوا بعدها، ولكنهم اختاروا جانب من يحرق فى مصر، ربما متصورون أنهم يستغلونه، وهم فى الحقيقة مطيته المركوبة. [email protected]