أزمة الإخوان ليست فى صدور تصريحات غير مسئولة من بعض قيادات الجماعة فحسب، أو اتخاذ قرارات ثبت عدم صحتها سياسيًا، فالأزمة لها شق آخر، يبدو الأكثر تأثيرًا وتشويشًا على الجماعة وحزبها ورئيسها. الجماعة تلعب سياسة، وتخوض المعارك الواحدة تلو الأخرى، وظهرها مكشوف، دون غطاء إعلامى يؤمن لها، وهى القوة الأكبر فى الشارع المصرى، زخمًا إعلاميًا يحيد على الأقل دفة الرأى العام تجاهها. الإخوان بدون "توك شو" حقيقى يخوض المعركة الإعلامية باحترافية ومهنية، وأحيانا بأدوات الخصم، لردع السفهاء والمضللين وكتيبة المارينز الممولة من شفيق ورجال النظام السابق. قلت سابقًا وما زلت أكرر إن وسائل الإعلام ذات التوجه الإسلامى يجب أن تصطف لدعم المشروع النهضوى الذى يتبناه الإسلاميون باختلاف تياراتهم، وصد الهجمة الليبرالية اليسارية المتطرفة بهجوم معاكس يكشف حجم الامتيازات والمكاسب التى حصلت عليها قنوات وصحف الفلول إبان عهد مبارك، وفضح علاقة البيزنس بالإعلام، وتعرية مافيا التوك شو التى تأكد أن أجندتها غير وطنية، ولن تعمل لصالح مصر والمصريين طالما أطاح بهم صندوق الاقتراع خارج حلبة المنافسة. "المصريون" و"الحرية والعدالة" و"النور" و"الرحمة" و"الفتح" مع أهمية تعزيزهم بإعادة إصدار صحيفة "الشعب"، وقنوات الناس والرحمة والحافظ والحكمة ومصر 25، يمكن أن تشكل آلة إعلامية قوية للإسلاميين، شريطة تعزيز قدراتها، ودعم إمكاناتها، لخوض معركة حقيقية ضد فلول الإعلام. مدفعية "توك شو" الإسلاميين، يجب أن تأخذ وضعية الهجوم، بدلاً من اعتماد سياسة التبرير والدفاع، فالهجوم خير وسيلة للدفاع، وفتح ملفات قروض ملاك القنوات، وبيزنس التوك شو، وصحفيى الفلول، وإعلام "ساويرس" و"موقعة الجمل"، يجب أن يتحول إلى قذائف للإسلاميين فى حال أرادوا كسب "موقعة الفضائيات"، التى تهدد مشروعهم. إزاء ذلك يمكن القول إن الإعلامى الشيخ خالد عبدالله نجح بقوة وبإمكانات بسيطة فى خوض معركة شديدة الوطيس مع فلول التوك شو، وتمكن كثيرًا من توجيه ضربات قوية ومزعجة لهم، بشكل أزعم معه أنه بات يمثل صداعًا لهم، يجب أن يتفاقم بتعزيز برنامجه، والتكاتف حوله، وبحث إمكانية توحيد البث فى أوقات معينة لمخاطبة أكبر شريحة من الجمهور، مع كسب إعلاميين جدد لتعزيز التوك شو الإخوانى والسلفى. وليس شرطًا أن يحال الأمر لحاملى لوجو الجماعة، أو ميزان حزبها، بل يمكن الاستعانة بوجوه محترفة غير مؤدلجة، تحترم التيار الإسلامى، وتدعم إرادة الشعب التى جاءت به إلى سدة الحكم، مع منحهم هامشًا جيدًا من الحرية والانفتاح، يحقق "توازن ردع" مع آلة إعلامية ثقيلة تشوه أية منجزات انتخابية تأتى بالإسلاميين. المحترمون كثيرون، لكنهم لا يطرقون أبواب أحد بحثًا عن غنيمة أو قربى، وأدوات النزال الإعلامى متوافرة، والسحر يا فضيلة المرشد لا يردعه إلا السحر، فيلقف ما يأفكون، كما فعلت عصا موسى مع سحرة فرعون. توك شو إخوانى بشكل محترف، يجنبكم الكثير من المعارك، ويؤمن ظهوركم من نيران المارينز، ويردع خصومكم إذا فكروا فى التمادى بتوجيه الإهانات والاتهامات دون سند أو دليل، شريطة ألا ترتكنوا إلى حجة قلة المال، فاكتتاب إخوانى سلفى بحصة مالية من اشتراكات أعضائكم شهريًا، كفيل بتدشين آلة إعلامية ثقيلة ستجنون من ثمارها الكثير، إذا وعيتم.