لم يدرك الإسلاميون حتى الآن قيمة الإعلام وأدواته، ودوره الخطير فى المعركة الشرسة التى يتعرضون لها على جبهات عدة، وفى ظنى أن "المشايخ" القابعين فى المكاتب المكيفة لن يدركوا قيمة هذا السلاح الخطير الذى يرونه سحرًا ونفاقًا ورياءً، فى وقت يدك فيه مشروعهم ليلاً ونهارًا. المدفعية الليبرالية والعلمانية المتطرفة ضد كل ما هو إسلامى، تم تعزيزها مؤخرًا بصحيفة يومية جديدة أبعد ما تكون عن توجهات "الوطن" ومصالحه العليا، إذ تكرر فى نسخة جديدة وبغيضة تجربة "المصرى اليوم" لتشويه التيار الإسلامى بكل تياراته، والتصيد له فى الماء العكر، وتلفيق الاتهامات له، وتصوير جولة الإعادة الرئاسية أنها مواجهة بين شيخ وجنرال، ودولة دينية ومدنية. الغريب فى الأمر أن محمد الأمين رجل الأعمال الغامض الذى هبط على مصر ب"الباراشوت" بعد الثورة وفى جيبه مئات الملايين ليشترى إمبراطورية إعلامية تضم أكثر من 12 قناة وصحيفة، حاول كسب ود جماعة الإخوان خلال لقاء بالمرشد العام السابق محمد مهدى عاكف قبيل صدور "الوطن" زعم خلاله أنه سيقدم تجربة إعلامية مهنية تخدم مصر والمصريين، وتعبر عن الجميع دون إقصاء لأحد، ويأمل فى تعاون الإخوان معه. لكن الأغرب أن الصحيفة التى صدرت بدعم مالى ضخم يتردد أنه يبلغ 100 مليون جنيه، تسابق صحفًا أخرى فى الإساءة إلى الإسلاميين، بل وتكرار تجربة "المصرى اليوم" التى لفقت قضية "ميليشيات الأزهر" للإخوان، وراح ضحيتها خيرت الشاطر ونخبة من قيادات الجماعة خلف الأسوار حتى أفرجت عنهم الثورة. السؤال المنطقى الذى يطرح نفسه.. إذا كان هذا نهج الصحيفة فلماذا حاول "الأمين" كسب ود الإخوان؟ وهل كان ذلك مخططًا منه لتأمين إمبراطوريته فى حال جاء "مرسى" رئيسًا؟ وهل يوافق على السياسة التحريرية لصحيفة ترفع شعار "صحيفة يكتبها القارئ" وهو شعار تم تفريغه من مضمونه على يد "الجلاد" الذى نجح فى استنساخ تجربته الماضية وبشكل أكثر ضراوة تحت مسمى جديد؟ قد تختلف التأويلات.. لكن المرجح أن إمبراطورية "الأمين" المدججة بالعشرات من مدافع التوك شو وقذائف التشويه وصواريخ التضليل ستطارد المشروع الإسلامى برمته، وستتصيد للإسلاميين الهفوات والسقطات، وما يتردد عن دعم الإمبراطورية بأموال الفلول ليس مستبعدًا فى ظل توجهات قنواته وصحفه، وما يتم تداوله عن سعيه لشراء قنوات وصحف أخرى لولا تدخل جهات سيادية استشعرت خطورة سيطرته على الإعلام المصرى. رجل الأعمال محمد الأمين فى طريقه إلى السيطرة شبه الكاملة على الإعلام المصرى، حيث كان قد بدأ فى تكوين إمبراطورية إعلامية غير مسبوقة فى مصر عندما أصبح يمتلك فى ظرف شهور عبر شركته "فيوتشر"، كلاً من قنوات "مودرن" وشبكة قنوات "النهار" وشبكة قنوات "سى بى سى" ليصل بذلك عدد القنوات التى يسيطر عليها إلى 14 قناة من أهم القنوات المصرية. الخلاصة أن الدرس العلمانى والفلولى لم يستوعبه الإسلاميون بعد، وهو أن الإعلام سلاح فتاك قد يبدد مكاسبكم سريعًا كما حدث فى معركة التأسيسية، وفى حرب تشويه البرلمان، ومعركة الرئاسة، وغيرها من الوقائع التى تفرض على الإسلاميين امتلاك مدفعية توك شو قوية وبعيدة المدى، واحتكار حصة جيدة من الكعكة الإعلامية، والتمدد فى الوسط الصحفى؛ لمواجهة الكذاب والجلاد والمضلل وغير الأمين.