لا يخفى على أحد أهمية إنجاز الدستور بعد ثورة مصر المنتظر تأثيرها إقليميًا وعالميًا, الحرب على الجمعية التأسيسية وكتابة الدستور وصلت لدرجة الاستقواء بالخارج حيث ادعى البعض أن الدستور ليس بالقضية الداخلية فقط, لقد كان الإصرار على أن "الدستور أولا" قبل البرلمان والآن لا يوجد برلمان ومطلوب إنجاز الدستور أولاً لكن لا حياة لمن تنادى!!,, لقد تجاوزنا تمامًا موضوع تشكيل الجمعية التأسيسية ونحن الآن فى انتظار المنتج الذى يخرج من الجمعية ومازال هناك مَن ينتقد تشكيل الجمعية, من يريد هدم هذه التأسيسية لابد أن يمتلك البديل الأفضل الذى يحوز على التوافق وإلا يكون الانتقاد مجرد إعاقة للمسار الديمقراطى حتى لا يفوز الإسلاميون بالحكم من خلال الانتخابات,, نحن نريد تعددية وتنوعًا سياسيًا لكن للأسف يبدو أن هناك طرفاً يعمل ويكافح ويتواصل مع الجماهير, يصيب ويخطئ, والطرف الآخر لا يعمل ولا يتواصل بل فقط يحاول إعاقة الطرف الذى يعمل ولا يجد سبيلاً لذلك إلا إعاقة المسار الديمقراطى. -أى نظام حكم سياسى لابد له من ثقافة ومبادئ راسخة مجتمعيًا تنطلق من هوية الشعب ومرجعيته الحضارية، وبالتالى لابد أن يؤسس الدستور لهذه المرجعية من خلال علاقة شرعية بين نظام الحكم والدولة وبين المجتمع, هذه بدهيات منطقية وليست توجهات فكرية, ذلك لأن السياسة فى مجملها ليست إلا وسيلة لتحقيق حياة أفضل للمواطنين والمجتمع, -إذا كان هناك تنسيق وتكامل وتحالف واضح بين الأطراف التى تريد إعاقة التأسيسية الحالية فيبدو أنه تحالف ذهب إلى مدى بعيد وخطير لدرجة التحالف مع رموز الثورة المضادة والنظام البائد,, فأين الوطنية والثورية والمدنية التى صدعونا بها, الأمر الذى يستلزم بالضرورة, كفريضة شرعية وحتمية دنيوية, تحالف القوى التى تريد إنجاز الدستور (وفقا للهوية الإسلامية الشعبية) ودون مزيد من التأخير وبشرط الدعم الواضح للشريعة بالدستور وفقا لرؤية الشعب من خلال الاستفتاء على بند محدد منفصل على المادة الثانية (مكمن الخلاف, هل الشريعة؟ أم مبادئ الشريعة؟ هى المصدر الرئيسى للتشريع) حتى تظهر النتيجة مثل الشمس, هناك ضرورة لمحاولة الوصول للتوافق بين الجميع بالتأسيسية لكن أليس البديهى أيضًا أن يتم استفتاء الشعب على البنود المستحيل التوافق عليها بالتأسيسية؟ لماذا يخاف البعض دائمًا من الرجوع للشعب صاحب الحق الأصيل فى حسم أى خلاف؟ -لابد من التحالف بين التيارات الإسلامية وإلا بالفعل "تكن فتنة فى الأرض" فنحن لا نريد خلافاً بين هذه التيارات والحركات بشأن توجيه أتباعهم بخصوص عملية التصويت فى الاستفتاء على الدستور, هذه القضية تمثل اختبارًا هامًا للتوافق المطلوب فى المراحل القادمة. -كل الأزمات والصراعات التى حدثت بعد خلع المخلوع وستحدث لاحقاً, هى بسبب الخلاف على نمط الحياة فى "مصر أم الدنيا" بعد الثورة التى يتابعها كل العالم بل تتدخل فيها القوى الكبرى, خصوصًا أمريكا وإسرائيل, من خلال القلة المقتنعين فى مصر بالرؤية الغربية ومن خلال التمويل والإعلام للتأثير على المسار الديمقراطى حتى ينتج قوى حاكمة تنحاز لنمط الحياة الغربية التى تفصل الدين عن توجيه مختلف مجالات الحياة فى حين أن الأغلبية الكاسحة للشعب المصرى ترى, العكس, أن الإسلام منهج شامل لتوجيه الحياة, والشاهد أنه قبل الثورة كان الشعب إسلاميًا، وكذلك الدستور (بشكل إجمالى) لكن التطبيق كان ضد ذلك تمامًا خصوصًا فى الأمور العامة المنظمة للمجتمع مثل (الاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام والعلاقة مع الغرب), ولكن بعد الثورة الشعب إسلامى كما هو والدستور أيضًا سيؤسس للمرجعية الإسلامية (لأنها الشعبية) لكن التطبيق, طالما أننا فى مناخ الحرية, لابد أن يتماشى مع الدستور، ولذلك هناك أهتمام وقلق بالغ من القوى الغربية بالتأثير على المسار الديمقراطى فى "أم الدنيا". -والملاحظ هو زيادة التأكيد الشعبى على الهوية الإسلامية ليس فقط من خلال الانتخابات والاستفتاءات بل أيضًا من خلال, - مثلا وليس حصرًا-, صيام معظم الشعب للعشر الأوائل من شهر الحج بزيادة لافتة مقارنة بالعام السابق، كما أن الإحصائيات تشير لزيادة كبيرة أيضًا فى ذبح الأضاحى, فماذا يفعل الشعب أكثر من ذلك؟ كان الشعب واضحًا فى المحطات الديمقراطية التى كانت حضارية باعتراف العالم بداية من 25 يناير ثم الاستفتاء ثم الانتخابات البرلمانية ثم رفض كل دعاوى الاعتصام المدنى ثم الانتخابات الرئاسية, لقد أكد الشعب مرارًا إعطاء الأولوية لبناء المؤسسات التى تأتى بالانتخابات, برغم التمويل الضخم والإعلام الكاسح الذى حاول هدم الديمقراطية, أفلا يستحق هذا الشعب وهذه "أم الدنيا" أن تتكاتف التيارات التى تمثل هوية الشعب حتى يتم بناء النظام الجديد, دستور وبرلمان, وحتى لا تكن فتنة فى الأرض. [email protected]