من يصدق الرئيس مبارك عندما يقسم بالله العظيم أنه سيحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، وأنه سيحترم الدستور والقانون، وأنه سيرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأنه سيحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه.! أعضاء مجلسي الشعب والشورى الذين سيصفقون له طويلاً عقب أدائه اليمين الدستورية لولاية خامسة في وش العدو من منهم يصدق أن الرئيس الذي أقسم من قبل أربع مرات على الحفاظ على النظام الجمهوري لم يفكر في توريث الحكم لنجله الصغير! أي هؤلاء يصدق أن الرئيس الذي وعدهم في أوائل أيام حكمه بعدم التجديد إلا لفترة رئاسية واحدة، ثم يجدونه الآن وبعد مرور ربع قرن يحلف أمامهم اليمين قبل مباشرة مهامه لفترة رئاسية جديدة تجعله الأطول بقاءً في الحكم بعد مؤسس الأسرة العلوية في مصر! المصريون الذين سمعوا الرئيس يقول إن الكفن ليس له جيوب، من منهم يصدق أن الجيوب لم تتسع حتى كادت تحوى مصر كلها لتنقلها في إعلام الوراثة إلى الوريث المنتظر! هل يؤمن واحد من المصريين أن التحضيرات لتوريث الحكم للأستاذ جمال سياسات قد توقفت للحظة واحدة منذ ظهر نجل الرئيس في سماء السياسة المصرية نجماً لامعاً من أول يوم هلت علينا فيه طلعته البهية! من يصدق أهل الحكم حين يقولون إنه لا توريث مع فتح باب الانتخاب وغلق أبواب الاستفتاء، وكأن شيئا تغير غير اسم العملية التي يأتي بعدها مرشح الحكم إلى كرسي الرئاسة! هل يتصور أصحاب عملية التوريث التي تخطو كل يوم خطوة واسعة إلى الأمام أن هناك مصرياً واحداً ساذجاً أو عبيطاً إلى الدرجة التي يصدقهم فيها عندما ينفون أنه لا توجد أية نية للتوريث! هل هذا هو رأى النظام الحاكم وزبانيته في الشعب الذي يحكمونه بالحديد والنار قرابة ثلاثة عقود، أنه شعب من البلهاء والسذج والسفهاء الذين لا يفرقون بين التوريث وكوز الذرة! من يصدق الرئيس وهو يقسم بالله العظيم أن يحافظ على النظام الجمهوري وهذا ملف التوريث مفتوح على نهايات قد تؤدى بالبلاد إلى أوخم العواقب! من يصدق الرئيس إذا هو حلف بأغلظ الأيمان بأنه يريد الإصلاح وهو يكرس كل يوم دولة الحزب الواحد المتوحد مع السلطة، وهذا ملف احتكار الحزب الحاكم للسلطة واضح لكل عينين! من يصدق الرئيس إذا قال إنه يريد الإصلاح وهذا ملف التزوير تفوح منه روائح كريهة يشمها الشعب كله ويعرف القاصي قبل الداني تفاصيلها المريرة! من يصدق الرئيس عندما يقسم بالله العظيم أنه سيحترم الدستور والقانون رغم أن الدستور مرغت به الأوحال طيلة عهد الرئيس، ولم يحترم دستور البلاد الذي ينص على أن القطاع العام هو قائد عملية التنمية فإذا بالقطاع العام يباع بأبخس الأثمان، ولا يعرف أين ذهبت حصيلة البيع، وإذا هو يسلم قيادة عملية النهب المنظم لاقتصاد البلاد إلى الأفاقين وناهبي أموال الشعب! من يصدق الرئيس وهو يقسم بالله العظيم أنه سيرعى مصالح الشعب، وهذا ملف الفساد قد انتفخ ليشمل النظام كله، وبقى الفاسدون في مواقعهم وما زالوا يقبعون فوق تلالها حتى إشعار آخر يقرر فيه الشعب أنه لا فساد بعد اليوم! من يصدق الرئيس وهو يقسم بالله العظيم أنه سيحترم القانون وهذا ملف المعتقلين يئن بحالات يندى لها جبين مصر، وهذه أحكام القضاء بعشرات الألوف قد حكمت بالإفراج عن المعتقلين منذ مدد طويلة ورغم ذلك بقوا في السجون بدون مبرر غير المبررات الأمنية التي لا تحفظ للمواطن أمناً ولا هم لها غير الحفاظ على أمن النظام! من ناحيتي أضمن أن تشترك كل الحركات الساعية إلى التغيير والرافضة للتوريث في رصد جائزة مالية قيمة تحصل من جيوب الفاسدين للعبقري الفلكي الذي لم تلده ولادة ويمكن أن يصدق الرئيس! مدد رئاسية إذا لم يستطع المصريون أن يحصلوا على حصر مدة الرئاسة في دورتين من رئيس قضى في الحكم أربع دورات وغدا يحلف اليمين الدستورية للخامسة، فهل يمكنهم أن يحصلوا عليها من رئيس جديد يأتي بالتوريث، وأمامه حلمه في أن يحكمنا أربعين سنة أخري! حركة كفاية في ذكرى انطلاقتها لا يجب أن تختصر حركة كفاية نفسها في نفسها، وإلا فقدت أنفس ما فيها، وهو أن تكون ضمير وطن يتوجع من الاستمرار، ويتطلع إلى الانعتاق الذي طال انتظاره. كفاية ليستبيان إلى الأمة كتبه البعض، ووقع عليه آخرون، بقدر ما هي صرخة الأمة في وجه كل من طال بقاؤهم أكثر مما يجب، بل وأكثر مما تتحمله طبائع الأمور. كفاية هي التلخيص العبقري لمطالب شعب طال انتظاره لتحقيق مطالبه بلا أمل في أن تتحقق، فانفجر في وجه القاعدين فوق قلوب الناس يصرخ كفاية: كفاية ظلم، كفاية فساد، كفاية احتكار للسلطة، كفاية ما نهبتموه من أقواتنا! جلال عارف على عكس المرشحين لموقع نقيب الصحفيين يمكن تلخيص النقيب جلال عارف في كلمة واحدة هي: الضمير، وإن شئت كلمة أخرى فهي: المصداقية. ------------------------------------------------------------------ صحيفة العربي