طايع: القرار هدفه التنظيم والترشيد وليس المنع.. حمروش: ظاهرة فردية والأغلبية ملتزمة بتطبيقه.. وكبير الأئمة: الجميع ملتزم بالقرار لأنه من صحيح الدين قُبيل حلول رمضان بأيام، جددت وزارة الأوقاف، تعليماتها بمنع استخدام مكبرات الصوت بالمساجد أثناء صلاة التراويح، ما أثار جدلاً بين المصريين، فيما انتفض الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بالوزارة، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، للدفاع عن القرار، قائلاً إنه يهدف لمنع حدوث تشويش بين المساجد، لقرب المسافات بينها، ولراحة السكان حول المساجد. وأضاف، أن هناك دوريات تم تشكيلها داخل كل إقليم، ستقوم بمتابعة المساجد والمرور عليها لرصد أي مخالفات، أو خروج عن القرار الملزم للجميع لمنع وقوع سلبيات أعوام ماضية خلال شهر الصيام. وتوعد بأنه ستتم إحالة أي إمام يخالف تعليمات الوزارة للتحقيق مباشرة، وعدم التهاون مع أي مخالفة تقع خلال شهر رمضان. بيد أنه عاد لاحقًا لينفي ما نسب إليه من تصريحات بشأن ما تردد بشأن منع بث صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت في شهر رمضان. وتابع: "هذا ما نقوله كل عام، أما منع بث صلاة التراويح وقراءة القرآن عبر مكبرات الصوت فهذا لا يقول به عاقل، لكن ماذا نقول لهؤلاء الذين يشوشون الحقيقة، والذين يعطون للقنوات المغرضة مادة خصبة للتطاول على مصر بأنها تحارب الدين؟". وصرح طايع ل"المصريون": "ليس هناك منع، فهذا كلام غير معقول ولا مقبول، بل الترشيد هو الحل الأمثل"، ضاربًا المثل بأنه ربما يكون هناك مسجدان متقاربين، وكلا المسجدين يستخدم مكبرات الصوت خلال صلاة التراويح، وربما لا يجد بعض المصلين مكانًا داخل المسجد من شدة الازدحام فيصلون في الشارع، فأي إمام سيتبعونه، وهم لا يرونه؟". ورفض طايع، إعطاء تفسير أكثر من ذلك، أو الحديث بشأن كيفية الترشيد أو طرقه، مكتفيًا بقوله "الترشيد هو الأمر الممكن". غير أنه وعلى الرغم من ذلك، رصدت "المصريون"، استخدام مكبرات الصوت في المساجد بمختلف المناطق والمحافظات. ففي مدينة القناطر الخيرية، وبالتحديد المسجد الكبير بالمدينة الواقع بمنطقة السوق، والمحاط بكثافة سكانية كبيرة بجانب عدد من المحال والشركات التجارية، لوحظ انبعاث صوت القرآن خلال أداء صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت. وقال "أحمد عتمان"، صاحب محال لبيع الملابس الجاهزة، حول تأثير الميكروفونات عليه وعلى زبائنه: "جميع أصحاب المحال هنا يضعون عقب صلاة التراويح سماعات كبيرة ويشغلون مهرجانات وأغاني شعبية طوال شهر رمضان، لجذب انتباه الزبائن أو المارة ومن ضمنهم أنا". وأضاف: "أؤكد لك أنك لو استمررت بعض الوقت هنا حتى انتهاء صلاة التراويح سوف تهرب من المكان من كثرة الصداع والإزعاج"، معتبرًا صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت، "فرصة لالتقاط الأنفاس والإحساس بروحانيات الشهر الفضيل، ورحمة من الله للسكان والمارة من كوكتيل المهرجانات التي تعمل حتى السحور أمام جميع المحلات". وانتقلنا من مدينة منشأة القناطر التي رصدنا بها ما يقارب من 6 مساجد كبرى، بخلاف الزوايا الصغيرة، التي لم تلتزم بتطبيق منع صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت. وقال "م.جورج"، صاحب مقهى ملاصق لأحد المساجد، إنه لا يتضرر أبدًا من مكبرات الصوت الخاصة بالمسجد سواء في رمضان أو غيره، لأنه "ببساطة المقاهي والمحلات تصدر أصواتًا أعلى من ذلك بكثير وطوال النهار، وتصادف مباريات للأهلي والزمالك، وليفربول، أثناء صلاة التراويح، وكنت كالعادة أرفع مستوى صوت السماعات الخارجية لأعلى مستوى، سواء في توقيت الصلاة أو غيرها، ولم يشكُ رواد المقهى من صوت التراويح، بل يطالبونني في بعض الأحيان بخفض صوت المباريات". ومن منشأة القناطر إلى الوراق، حيث المساجد المتراصة على الكورنيش، تصدح بالقرآن في صلاة التراويح، عبر مكبرات الصوت الخارجية، مختلطة بأصوات أبواق السيارات، وأصوات بائعي الملابس المستعملة وبائعي الفاكهة. وانتهينا إلى المدينة حيث الحي القديم والشعبي، ورصدنا 4 مساجد في منطقة مكتظة بالسكان ومربع سكني صغير جدًا، جميعها غير ملتزمة بالقرار. وقال محمد صاحب محل اتصالات، مقابل لأكبر مساجد المنطقة: "لا يؤثر كثيرًا على عملي، لأن معظم الأيام أصلي التراويح ولا أفتح المحل وقتها، لكنه لا أصلي في المسجد المقابل للمحل، لأنه يطيل في الصلاة، أصلي في مسجد آخر ينتهي من صلاة التراويح الساعة التاسعة بالضبط، عكس المسجد المقابل الذي ينتهي ما بين 9:30 أو إما 9:45، واستغل هذه المدة في فتح المحل وقراءة جزء من القرآن حتى تأتي الزبائن". وقال أحد العاملين بالمسجد: "طالما لا توجد شكاوى من السكان، فلا مشكلة المهم راحة جميع الجيران، وعندما حدثت إحدى المشاكل العام الماضي واشتكت زوجة دنماركية لأحد سكان المنطقة، وكانت في إجازة قصيرة بمصر، من علو الصوت وعدم راحتها، خاصة في صلاة التهجد جاء زوجها إلى شيخ المسجد وطالبه بمنع التراويح طوال فترة إقامته هنا عبر مكبرات الصوت، وإلا تقدم بشكوى لإدارة الأوقاف ونفذ الإمام طلبه، ما أثار استغراب السكان، فعقدوا جلسة مع الشاب، وتوصلوا إلى اتفاق بعدم تشغيل مكبرات الصوت، المواجهة لمنزله وخفض باقي المكبرات، ونفذنا الاتفاق ومر الأمر على خير، ولو جاء أحد السكان واشتكى من أن عنده مريضًا يتأذى نخفض الصوت أو نقلل عدد مكبرات الصوت، أو نمنعه فلا توجد مشكلة، فالمنطقة شعبية والجميع يعرف بعضه". ومن الوراق إلى منطقة "ساحل السوق"، وجدنا ثلاثة مساجد كبرى بشارع السوق، أحدها لا يلتزم بقرار الوزارة، والآخران متلزمان بالقرار. وبسؤال عامل بالمسجد الذي يستخدم مكبرات الصوت، قال: "بالعكس نحن ننفذ القرار الذي ينص على عدم الإفراط في استخدام مكبرات الصوت، والتشويش والتداخل بين مكبرات المساجد المختلفة، وتم الاتفاق بين المساجد الثلاثة على أن يذيع كل مسجد صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت الخارجية الخاصة به، لمدة أيام في الشهر الفضيل، وبهذه الفكرة طبقنا القرار حرفيًا". ودلنا أحد المواطنين الذي سمع الحوار بيننا والعامل، على أحد أطباء الأسنان بالمنطقة الذي يعارض فكرة بث صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت قلبًا وقالبًا، وذهبنا إلى عيادته، وسمح لنا من وقته بدقائق معدودة، قال خلالها: "الحمد لله هذا العام خفوا علينا شوية، ومسجد واحد فقط سوف يذيع التراويح ويحجب الباقي، فهم يتمسحون بالدين والدين بريء منهم، وأنصح وزارة الأوقاف، بتطبيق تجربة تونس في إعطاء مؤذنيها وأئمتها دروسًا في الصوت ودرجاته الموسيقية". وأضاف: "أنا مسلم ومؤمن بالله وأصلي التراويح، لكن العيادة تفتح أبوابها للمرضى عقب الإفطار مباشرة، وينتظرني المرضى، ولا يخفى على أحد أن مرضى الأسنان يعانون من صداع كبير وألم رهيب، فيجب ألا نزيد عليهم صداع التشويش بتداخل الأصوات عبر مكبرات الصوت". وانتقلنا إلى محافظة المنوفية، بالتحديد إحدى القرى التابعة لمركز تلا وبها مسجدان، واللذين يتزمان بالقرار ويمنعان بث صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت الخارجية. وعند سؤال إمام أحد هذه المسجدين، قال: "الطبيعة هنا ريفية معظم أهالي القرية ينامون مبكرًا ويستيقظون مبكرًا، للسحور وصلاة الفجر، إضافة إلى وجود إخوة مسيحيين هنا، صحيح لم يشتكوا في يوم من الأيام ويشاركوننا المعازي والمآتم التي يُقرأ فيها القرآن والعكس صحيح، لكننا فضلنا الالتزام بالقرار". ولدى سؤال إمام أحد العاملين بالمسجد الآخر قال: "إمام المسجد من قرية بعيدة، وهو رجل كبير يتبقى له شهور معدودة ويخرج إلى المعاش، فلا يحضر إلى صلاة الجمعة فقط، ويتناوب شباب القرية الإمامة في صلاة التراويح، ونفضل الالتزام بالقرار حتى لا نتعرض للأذى أو نعرض الإمام المريض للأذى في آخر أيام عمره الوظيفية". وفي قرية أخرى تتابع محافظة الغربية، رصدنا بها مساجد لا تلتزم بالقرار، وعلل أحد الأئمة هذا بأن المساجد بعيدة عن بعضها، إضافة إلى عدم تأثير الأصوات الخارجية على المصلين مثل صوت سائقي التوكتوك في الموقف المجاور، ومشاجراتهم المستمرة وأصوات المهرجانات الشعبية المزعجة من جانب آخر، فعندما يسمعون صوت القرآن والصلاة يلتزمون بالآداب العامة مؤقتًا، ولا يخفى على أحد إزعاج التوكتوك والسيارات. من جانبه، قال الدكتور منصور مندور، كبير الأئمة بوزارة الأوقاف: "القرار نُفذ منذ العام الماضي والأمر مطبق". وأضاف ل"المصريون"، "وأنا أرى أن الهدف منها منع التشويش على المرضى، وكبار السن المجاورين للمساجد، ومن الجيد أن نكتفي بالسماعات الداخلية بالمسجد فقط". وقال النائب عمرو حمروش، وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان ل"المصريون": "القرار طبق بسلاسة ويسر ولم يكن هناك أي مشاكل، أو شكاوى سوى عدد محدود للغاية، وتم تدارك الأمور، والحالات التي ظهرت غير مطبقة للقرار، تعتبر حالات فردية وغير مؤثرة، وبشكل عام الوضع العام الأمور طبيعية جدًا، وكمسلم أرى أن صلاة التراويح بالسماعات الداخلية داخل المسجد، يوجد بها روحانيات أكثر أما لو امتد الأمر إلى مكبرات الصوت الخارجية، فتفقد بريقها وروحانياتها". من جهته، تقدم النائب ثروت سويلم، عضو مجلس النواب، عن دائرة أبوحماد بالشرقية، ببيان عاجل لرئيس مجلس النواب، حول قرار وزير الأوقاف بمنع مكبرات الصوت فى المساجد أثناء الصلوات وصلاة التراويح خلال شهر رمضان. وطالب "سويلم"، فى البيان العاجل، بإلغاء هذا القرار فورًا، لأنه ضد العادات والتقاليد والقيم المصرية خلال الشهر المبارك. وأشار النائب، إلى أن القرار أثار استياء الشارع المصرى لعدم وجود أى مبرر مقنع بحرمان المواطنين من التمتع بشعائر ينتظرها المصريون من العام للعام. وطالب "سويلم"، بمثول وزير الأوقاف أمام البرلمان لمعرفة مبرراته فى هذا القرار، وكذلك سبب إلغاء مسابقات تحفيظ القرآن فى المساجد.