أستغرب كثيرا أن تمر تصريحات الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ، رئيس حزب مصر القوية والمرشح الرئاسي السابق ، مرور الكرام ، على الدولة وعلى القضاء وعلى الأحزاب وعلى الرأي العام على حد سواء ، أبو الفتوح عندما سألوه في حوار صحفي نشر قبل عدة أيام عن احتمالات ترشحه لرئاسة الجمهورية منافسا للسيسي ، قال أنه لو فعل ذلك سيتم اغتياله ، ليس معنويا ، بل اغتياله بالرصاص ، وكان يتحدث عن الحملة التي شنها عليه الإعلام الموالي للسلطة بعد عقده اجتماعا محدودا في حزبه لمناقشة انتخابات الرئاسة المقبلة وفكرة أن يدفع الحزب بمرشح فيها ، وللدقة أنقل نص ما قاله حرفيا ، حيث قال : (مجرد هذا الاجتماع أدى إلى هذه النتيجة، والهدف منها اغتيالي معنويا، في ظن لديهم أنني سأترشح، فإذا تحول هذا الظن إلى حقيقة سيتحول الاغتيال المعنوي إلى اغتيال جسدي برصاصة) ، هذا كلام بالغ الخطورة . أبو الفتوح تكلم في الحوار عن أن السيسي نجح في صناعة ما أسماه "جمهورية الخوف" ، لكن الأخطر في الحوار أن يقول رئيس حزب مصري شرعي كبير ، ومرشح رئاسي سابق حصل على أكثر من أربعة ملايين صوت انتخابي في الجولة الأولى ، أنهم سوف يقتلونه بالرصاص إذا فكر في منافسة الرئيس ، لا أعرف كيف مر هذا الكلام الخطير مرور الكرام ، كيف لم تهتم أي جهة بفتح تحقيق فيه ، وكيف لم تعبأ الدولة من أول رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الوزراء إلى البرلمان إلى الأحزاب بالرد على هذا الكلام أو حتى تفنيده ، لماذا سلم الجميع به كأنه "كلام عادي" ، أو مفهوم ، أو طبيعي في ظل الأوضاع الحالية ، هل ما قاله أبو الفتوح كلام عادي وطبيعي وليس مفاجئا . أعرف ، ويعرف غيري ، أن السنة المقبلة قلقة وغامضة وخطيرة ، وأعرف أن هناك مقدمات سلوكيات طائشة تحدث الآن ، وقد تحدث بصورة أكثر عنفا مستقبلا ، في ظل التوتر والخوف من المجهول ، وشك السلطة في كل ما حولها ، في الداخل والخارج ، وتفسيرها القلق لنوايا الآخرين ، حتى المتضامنين معها الآن وسابقا ، كل هذا مفهوم ، ولكن أن يصل الأمر بشخصية سياسية من الوزن الثقيل لتعلن أنها سيتم اغتيالها بالرصاص إذا قررت بشكل جدي منافسة السيسي في الانتخابات الرئاسية ، فهذا ما يمكن وصفه بجرس إنذار لما يمكن أن يحدث في مصر خلال المرحلة المقبلة ، لأن هذا الكلام يعني أن عمليات الاغتيال المعنوية التي بدأت في الظهور لكل من يتوقع منه أن يكون منافسا ، يمكن أن تتحول إلى حملة تصفيات غامضة ، أو أن البلد قد تشهد موجة من التصفيات الجسدية للمعارضين ، والغريب أن هذا الكلام لم تجد فيه السلطة أي اتهام أو غرابة تستحق التعليق . محاولات اغتيال أبو الفتوح معنويا بدأت باتهامه بالتنسيق مع التنظيم الدولي للإخوان ، وأنه سافر إلى لندن الشهر الماضي للاجتماع مع قيادات التنظيم ، وهو ما نفاه تماما وسفه القائلين به ، وهدأت الحملة عليه مؤقتا بعد أن قال أنه لن يترشح ، ثم بدأت حملة الاغتيال الجديدة الآن ضد الفريق أول سامي عنان ، الرجل الثاني في المجلس العسكري الذي أطاح مبارك ، ورئيس أركان الجيش المصري وقتها ، وقد تسربت أخبار عن تفكيره في الترشح للرئاسة ، وأنه يستطلع آراء مقربين منه وأصدقاء ، فبدأت حملات الهجاء والاغتيال المعنوي التي وصلت إلى حد وصفه بالمريض الذي ينبغي الكشف على قواه العقلية ، وأعتقد أن هذه طلقات تحذير أولية ، وأن حملة الاغتيال المعنوي لعنان ستتسع وتتشعب إذا تحولت إلى قرار جدي وعلني بالترشح ، وكان الفريق أحمد شفيق ، المرشح الرئاسي السابق والذي حقق أكثر من اثني عشر مليون صوت انتخابي في نزال صعب قد تعرض لمحاولة اغتيال معنوي أخرى ، عندما تسربت أنباء عن تفكيره أو تفكير بعض المقربين منه في الترشح ، ووصل الحال إلى حد اتهامه بأنه أصيب بمرض الزهايمر ! . ما الذي يجري بمصر الآن ، وما الذي تحمله الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة ، نسأل الله السلامة واللطف . [email protected] https://www.facebook.com/gamalsoultan1/ twitter: @GamalSultan1