ليس بحماس الكلام وجميل المعانى، يتم العمل، وتنجز الأمانى، وليس بمئات المقالات الداعمة لواحد من المرشحين الذين كانوا رؤوس حراب فى مواجهة نظام مبارك، يمكن أن يفوز من تتمناه، فالشوارع والمقاهى، تبدو مختلفة عن الفضائيات والملاهى، ويبدو أن شفيق ضمن المقدمة، وأن سِلّمه فى تصاعد، وأنه يدير حملته وفق نظام أمنى يعرف أبجديات المجتمع المصرى، ويقيس بدقة مدى رضاء الناس عن الثورة والثوار، وسأضرب لك مثالاً، ففى إحدى مناطق القاهرة الشعبية، فوجئت بكل كوادر الحزب الوطنى المنحل، قد استيقظوا، وتأهبوا، ووصلوا لبيوت كثيرة، وبإنفاق دون حساب، حتى عاد مصطلح "يِقْفِش" بمعنى يأخذ المال من حساب مفتوح، هو لسان حال صغار الفاسدين. الفريق شفيق، ينقم مناصروه على الثورة، ولا تعنيهم كل تضحيات الشباب، بل يفتخر بعضهم بأن شفيق هو أحد أركان نظام مبارك، وأنه قد أنجز فى تطوير مطار القاهرة، ولا يقتنعون، بل يذهب صوتك سدى، لو قلت لهم، إنه قد ترك شركة بحجم مصر للطيران مديونة بالمليارات، وأنه أنفق فى تطوير المطار من قروض البنوك الدولية، وليس من مكاسب وأرباح حقيقية، وأنه آخر رئيس وزراء لمصر قبل سقوط النظام، وأمام عينيه جرت مشاجرة الجمل. على الرغم من كل قصائد المديح فى الثورة، فالناس لم تتغير، والوضع الاقتصادى قد ازداد ضراوة، وعقيدة الناس الثابتة، أنهم قد مالوا إلى من عنده مالُ، ناهيك عن مجموعة محسوبة أنها من قيادات الثورة من كل التيارات، قد تعالت فى خطابها وتعاملها مع الناس، وأصبحت تمن عليهم بالمواقف والبطولات، كل ذلك يستغله شفيق، ويستفيد منه. الأمر الأكثر خطورة، هو تصريحات شفيق أمس الأول ردًا على اتهامات النائب عصام سلطان له بتسهيله حصول نجلى مبارك على مساحات شاسعة من أراضى الدولة، فتصريحات الفريق، بدت وكأنها صادرة من داخل أروقة جهاز أمن الدولة، وأن ضمن حملته، من لديه القدرة على تلفيق الاتهامات، واللعب بمهارة لتلويث سمعة المعارضين، لدرجة وصوله إلى هذه الثقة من الكلام عند اتهامه الأجوف للنائب سلطان بأنه كان مرشدًا لأمن الدولة. أضف لتلك الحملة المنظمة ذراعًا رهيبة، ممثلة فى معظم القنوات الفضائية والجرائد اليومية والأسبوعية، المسماة زورًا واستهبالاً بالمستقلة، فتجد الرقة والشفقة فى وجه مذيعة، اعتدنا رؤية مِلاءتها المفروشة، وسماع صوتها المبحوح الأقرب إلى ردح ربات السوابق، ثم تقترب الكاميرا من وجه الفريق وتتوغل وتقترب، وتتسرب، فينتشر وجهه ويسد الشاشة، حتى تشعر أنه يجلس جوارك على الأريكة وداخل غرفة المعيشة، وكأنه واحد من الناس، كل تلك أساليب إعلانية مكشوفة ومفضوحة. بينما لا يزال التفتيت جاريًا على قدم وساق بين الدكتورين أبو الفتوح ومحمد مرسى، مع استمرار المناوشات، وأحيانا الردح، من شخصيات نحسبها كبيرة وما هى بكبيرة, لبعضها البعض، من قبيل (فلان آخره يغسل ميت)، بينما عمرو موسى يجلس متلقفًا ضحايا الأصوات التى تنقم من حدة منافسة الرمزين الإسلاميين، ويرتفع السلم ويرتفع.