هل صحيح أن انتخابات الرئاسة سوف يتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى, الأخبار المتداولة حتى كتابة هذه السطور تقول إن المجلس العسكرى دعا القوى السياسية إلى اجتماع عاجل أمس، ولم يكن مقدرًا قبل ذلك. نفهم أن المجلس العسكرى قد يرى بصفته السلطة التى تدير البلاد من موقع الرئيس أن أمور البلاد لا تسير فى الاتجاه الصحيح ومن ثم يطلب المشورة من القوى السياسية بعد اطلاعها على المستجدات والوقائع الجديدة التى لم تصل إلى علمها. نتوقع مثلاً أن يعرض المجلس العسكرى للحالة المتأزمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وحالة التربص التى يقودها حزب الحرية والعدالة تجاه حكومة الجنزورى, وكذلك رفض اللجنة التشريعية بمجلس الشعب لمعايير اختيار أعضاء تأسيسية الدستور والتى استقر عليها المجلس العسكرى مع القوى السياسية، مما سيؤدى إلى تأجيل إنجاز الدستور ثم ننتهى إلى انتخاب رئيس جمهورية بدون دستور, وهى حالة غريبة لم تشهدها دولة أشعل شعبها ثورة كبيرة. القضية الثالثة التى سيناقشها المجلس العسكرى مع القوى السياسية هى الأحداث المأساوية التى تجرى فى محيط وزارة الدفاع ومنطقة العباسية منذ ما يقرب من أسبوع، والتى أسفرت عن عدد من القتلى والمصابين بسبب حالة الصراع الموجودة فى الشارع واستعراض بعض القوى السياسية لأنصارها وحشدهم فى الميادين. استمرار الأوضاع على هذا المنوال قد يدفع بالبلاد إلى سيناريو الفوضى, حيث لا يزال العقل غائبًا عن معظم التيارات السياسية التى تتصدر المشهد السياسى ولا تزال غلبة المصالح الحزبية الضيقة هى الأعلى وتراجعت المصلحة العليا للبلاد. بعد أن يعرض المشير دقائق الصورة أمام القوى السياسية، فربما يقترح ضرورة تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى فترة من الوقت, وسوف يعرض المجلس العسكرى عددًا من الأسباب التى تدفعه إلى طلب الاجتماع بالقوى السياسية للموافقة على هذا الاقتراح. المؤكد أن الآراء سوف تنقسم بين مؤيد ومعارض، وتقديرى أن فريق معارضى تأجيل الانتخابات الرئاسية سوف يضم كل مرشحى الرئاسة، خاصة بعد أن استعدوا جميعًا لخوض معركة الانتخابات وحشدوا الأنصار وعقدوا المؤتمرات وأنفقوا الأموال, وربما يرى بعض هؤلاء المرشحين أن تأجيل الانتخابات قد يقلل فرص فوزهم, أيضًا نرى أن حزب الأكثرية بالبرلمان (الحرية والعدالة) سيرفض تأجيل الانتخابات حتى لا يخسر دعم القوى الثورية وحتى لا يؤكد ثبوت اتهامه بعقد الصفقات مع العسكرى, بينما نرى أن حزب النور سيطلب مزيدًا من الوقت لدراسة المقترح. أما أصعب الرافضين فسوف يكون ممثلاً فى شباب الثورة، حيث سيدعون إلى مليونيات فى ميادين مصر لإجبار العسكرى على ترك السلطة, وربما زاد حجم وقوة الصدام بين المجلس وشباب الثورة. إذا بحثنا عن موقف الشعب من هذا الاقتراح فإنه سيكون فى دوامة، لأنه راغب فى إنهاء حالة عدم الاستقرار التى تمر بها البلاد والتى انعكست على أحواله وظروفه المعيشية، لكن إذا قام الإعلام بشرح الأحداث كاملة من وجهة نظر المجلس العسكرى فربما يؤيد المواطنون هذا الاقتراح. إذا سألتنى عن الخاسر الأكبر إذا جرت الموافقة على هذا الاقتراح، فسأقول مباشرة إنه الاقتصاد المصرى حيث سيزداد معدل التضخم وسيرتفع الدين العام بسبب إطالة الفترة الانتقالية والتى تعنى عدم الاستقرار, وعندما سيقدم المجلس العسكرى اقتراحه فإنه سوف يقدم معه الجزرة أيضًا للقوى السياسية. فما هى تلك الجزرة؟ وما عددها؟ وهل ستقبل القوى السياسية اقتراح العسكرى؟.. دعونا نرى.