واضح أن كتبة السلطان يتبارون في سب الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي ؛ ويرفضون ضمنا المفاهيم الإسلامية من خلال انتقاداتهم التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة لدى الإخوان إلا ووجهوا إليها سهام نقدهم اللاذع ؛ بل مدفعيتهم الثقيلة التي يؤازرها جهاز دعاية ضخم يتكون من الصحف القومية وقنوات التلفزيون المصري وموجات الإذاعة الحكومية ... ومن يحاول منهم أن يبدو موضوعيا فإنه يبدأ في القول إنه ليس ضد الدين ، وإنه مسلم ؛ وإنه يؤمن بحق الناس في الاعتقاد بما يشاءون .. ثم يثني على ذلك بهجاء الجماعة " المحظورة " ويتحدث عن موقفها من المرأة والنصارى والربا واليهود الغزاة في فلسطين والإبداع والغناء ، وغير ذلك من القضايا ، وينتهي إلى أن الإخوان إذا كانوا يشبهون الأحزاب الأخرى في موقفهم من هذه القضايا فما الفارق بينهم وبين غيرهم ؟! كلام كثير أطلقه كتبة السلطان على الورق وعبر الأثير ؛ منذ بدأت الجولة الأولى للانتخابات التشريعية ، ومازال مستمرا حتى بعد انتهاء الجولة الثالثة و الأخيرة منها، ويبدو أن بعض هؤلاء الكتبة من الجيل العجوز الذي أحيل على التقاعد ، ويشعر أن الزمان ولى عنه، مازال حريصا على أن يلفت إليه الانتباه ليحظى بنعيم السلطة وذهبها ، فدخل المعركة متأخرا بعض الشيء - بعد أن اطمأن إلى أن الإخوان لم يصلوا إلى الحكم – وأراد أن يكون لكلامه صدى أكبرمن صدى كلام الأجيال الجديدة نسبيا ؛ وهى التي تعبت من التطوح في حلقات الذكر الاستبدادي ، وأرهقتها أناشيد النفاق والتملق والكذب في مولد الحزب المستبد الحاكم .. فراح يضرب في الأعماق ، واتهم الشعب المصري بالجهل ؛ لأنه اختار" الدينوقراطية " بدلا من "الديمقراطية " ، ورأى أن شعبا ينتخب الإخوان المسلمين الساعين إلى إقامة دولة " دينية " (!) هوشعب لاغلاقة له بالعلم ؛لأنه لايعرف مصلحته ، وبالتالي فهو لايستحق الحرية ولا الكرامة ! هذه الاتهامات من العيار الثقيل للشعب المصري المسكين ، تأتي بعد اتهامات أقل حدة أطلقها فريق من كتاب السلطة الأصغر سنا في مقدمتها " عدم الوعي " لدى الشعب المصري مما دفعه لتصديق من يرفعون شعارا إسلاميا أو دينيا يغازل عواطفهم ، وعدم تصديق السادة الأفاضل أقطاب الحزب الوطني! بالطبع ؛ فإن كاتب السلطة وكل سلطة ، العجوز سنا وفكرا ، يعلم جيدا أن " الدينوقراطية " – كما يسميها – هي تعبير عن إرادة شعب مسلم ، سرقها اللصوص الكبار والجلادون المستبدون على مدى نصف قرن من الزمان، واختيار الشعب لنوابه الإسلاميين هو رسالة قوية تعلن عن وعيه الحاد بما يجري حوله من فساد وإفساد على يد حكومة إرهابية ظالمة تحكم بالحديد والنار ، لاتعرف الرحمة ولا الشفقة . لو كان الشعب المصري شعبا جاهلا كما يقول خادم السلطة وكل سلطة ؛ لرضخ لما تقوله أجهزة الدعاية الكاذبة التي يطلقها عليه النظام البوليسي الفاشي .. ولكن شعبنا - الذي يفهمها وهي طايرة – لاتنطلى عليه ألاعيب الطغاة وخدامهم ، وفي الوقت نفسه يرفض تلك الاتهامات الوقحة التي يوجهها إليه هؤلاء الذين أفنوا حياتهم في خدمة الفراعين ، والكذب على الناس ، وتزوير الحقائق كي يعيشوا أمراء على عتبات الفساد والفاسدين ، وقد عبر شعبنا "الجاهل" – في نظر كاتب السلطة – عن إرادته الحرة بانتخاب عشرات الإسلاميين في ظل الخوذات العسكرية والرصاص المطاطي والرصاص الحي والدعاية الكاذبة والأموال المنهوبة من دماء الناس ، فضلا عن التزوير العلني الغشوم! وتحيا" الدينوقراطية " إذا كانت تعبيرا عن أشواق الناس إلى الحرية والعدل والشورى والأمل.