يتقاسم الخريطة السياسية ثلاث قوى اساسية ، المجلس العسكري الحاكم ، والتيار الاسلامي الذي منه تتشكل الاغلبية البرلمانية ، ثم الشارع المصري ، وبفتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسية وسط حالة قلقة بشأن الخطيئة الدستورية المتمثلة في المادة 28 من الاعلان الدستوري ، المحصنة لأعمال اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة من كل مطعن أمام أي جهة ، بجانب الغموض المسيطر على مواقف القوى السياسية ، ينتاب الشارع المصري حالة من التوجس والريبة ، بسبب غياب الشفافية والمعلومة الموثوقة ، وهو ما يجعل الناس تميل الى القطع بوجود صفقات معقودة بين المجلس العسكري وبعض قوى البرلمان ، يغيب عنها الشعب صانع الثورة ومصدر السلطة ، كتلك التي كان يعقدها الحزب الوطني المنحل مع بعد بعض القوى من اجل اسباغ الشرعية على تعيين أعضاء البرلمان ورئيس الجمهورية . وهو ما يجعلنا نتساءل اذا كان المجلس العسكري له اسبابه ، التي لا يمكنه وضعه من البوح بها ، في طرح مرشح يتماهى مع رغباته ، ويحفظ له وضعاً خاصاً في الفترة القادمة ، فما هي الموانع التي تحول دون أن يكون للتيار الاسلامي المُشٍَكل للأغلبية رؤيته التي يصرح بها ويسعى لفرضها من خلال ما يطرحه على الشعب ؟؟؟ وهل كانت وصاية الحزب الوطني على الشعب أمراً مستحباً لكي نستبدلها بوصاية الاخوان أو غيرهم ؟؟ إن الفساد في حقبة المخلوع كان يحميه الفساد رغم أنف الشعب ، أما الان فالمفترض أن الثورة وطنت للاماني أن تعلو لترسيخ الحقوق والحريات العامة والخاصة ، ليمارسها الشعب بالأصالة عن نفسه ، ويحاسب من يستلبها منه . فالإصرار على المركزية المتطرفة للقرار في الاحزاب الجديدة استدعاء لتجارب فاشلة أطاحت بأصحابها وراء القضبان عودة للوراء وردة لما هو أسوأ ، خاصة وأن للشباب توجهاتهم المتباينة ، وسوف تفضي هذه المركزية الى سياسة عقيمة خرقاء تحرك الجماهير تحرك القطيع كما كان يفعل سدنة النظام السابق ، أو تهدد تلك الاحزاب بالتصدع من الداخل بسبب بسط الولاية والوصاية السياسية على الناس ! لماذا لا يحل كل حزب انصاره في هذه المرحلة الحرجة من ربقة الالتزام الحزبي والطاعة العمياء للولي الفقيه القابع في الظلام يحرك العرائس من وراء حجاب ، ويدع الناس تنتخب من تشاء بإرادة حرة وبلا املاء ؟ اذا كانت الامور قد وصلت الى التأثير على بعض اعضاء البرلمان لغل ارادتهم عن تأييد مرشحيهم الذين اختاروا ويقف هؤلاء الاعضاء مكتوفي الايدي لصدور التعليمات فماذا تغيير وما المأمول ان يتغير ؟! على صناع القرار في الاحزاب أن يفرقوا بين شيخ يعظ وفقيه يوجه وبين سياسة لا نستقل وحدنا بصنع مفرداتها بل تؤثر وتتأثر بالمحيط الهادر الذي يموج بالمخاطر من حولنا. ولعل هذا الموقف الملتبس من جانب تلك القوى والأداء المتردي من جانب البرلمان الذي لم يتعاطى مع مشكلة بحلول حقيقية ويكتفي فقط بتشكيل اللجان العقيمة ما سيجعل للشعب كلمة تطيح بأحلام المرتجفين من الداخل أو الخارج ، لان الشعب سئم السياسات الغامضة التي يخصم كل يوم من رصيد الشعب وثورته لمصالح ضيقة لا ترقى للعبث بمصالح البلاد . والله من وراء القصد وهو الهادي الى سواء السبيل