رئيس الوزراء: الرئيس السيسى أكد على ضرورة ترسيخ مبدأ عرض الرأى والرأى الآخر    جنوب السودان ينفي خططا لإعادة توطين فلسطينيين على أراضيه    انتشار حرائق الغابات بجنوب أوروبا.. وفاة رجل إطفاء وتضرر منازل ومصانع    شوبير: توقف مفاوضات تجديد تعاقد ديانج مع الأهلي    ضبط سائق توك توك اصطدم بفتاة في الإسكندرية    الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم يطرح رؤية "دبلوماسية الفتوى" في ختام المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    وزير البترول يتابع تأمين إمدادات الغاز للكهرباء والاستهلاك مع ارتفاع درجات الحرارة    الغرف التجارية: تخفيضات الأوكازيون الصيفي تصل إلى 50%    محافظ الفيوم يبحث تطوير منظومة المتابعة والتقييم للمشروعات بالتعاون مع التنمية المحلية    انطلاق المرحلة الثانية للتقديم بمدارس تمريض قنا.. التفاصيل الكاملة    ندوة بإعلام العريش تطالب رجال الأعمال بتوفير فرص عمل للشباب    فيديو.. قافلة «زاد العزة» ال14 تواصل إدخال مساعدات غزة رغم عراقيل الاحتلال    رئيس الوزراء يؤدي صلاة الجنازة على الدكتور علي المصيلحي بمسجد الشرطة    روبيو: لا أفق للسلام في غزة مع بقاء حماس في السلطة    بن غفير: رئيس أركان الجيش يعارض احتلال غزة بشكل مهووس    رئيس الوزراء: "مصر لن تغفل حقها في مياه نهر النيل فهي مسألة حياة للمصريين"    موراتا: متحمس لبدء مشواري مع كومو    نور اسلام وغزل محمود تحرزان ذهبية تتابع السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث    بالمواعيد.. تعرف على مباريات ربع نهائي بطولة العالم لليد تحت 19 عامًا    طارق السعيد يكشف سبب غياب إسماعيل مسعود عن الأفروباسكت    مدبولي: من الممكن أن يحدث خفض إضافي بالأسعار خلال الفترة المُقبلة    وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعاتها للطلب على النفط الخام    «شرم الشيخ للمسرح» يعلن تفاصيل مسابقة عصام السيد في دورته العاشرة    أحمد حاتم يعيش قصة حب مع مرام علي في «العند»    كنوز| طفولة «المازنى» مع العفاريت وأمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة !    هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟    تفاصيل توقيع بنك القاهرة وجهاز تنمية المشروعات عقدين ب 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر.. صور    استجابة سريعة.. محافظ أسيوط يوجه بعلاج رضيعة تعاني من مشكلة بالشريان    الأكبر في صعيد مصر.. افتتاح وحدة العلاج الإشعاعي الجديدة بمستشفى أورام المنيا الجامعي    محافظ المنوفية يفاجئ مكتب صحة الباجور للتأكد من انتظام سير العمل    "تراجع المستعمل لا يتوقف".. بيجو 301 موديل 2020 ب570 ألف جنيه    مفتي القدس: مصر تسعى جاهدة لتوحيد الصفوف وخدمة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى برِّ الأمان    "المتحدة" تطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    القائمة بأعمال وزيرة البيئة تتابع آخر مستجدات العمل بمصرف المحيط بالمنيا    شروط تقليل الاغتراب لأبناء مطروح الناجحين فى الثانوية العامة    وزارة الرياضة: نسعى لمنظومة خالية من المنشطات.. ونراقب عقوبات الجماهير وعقود اللاعبين    عارضة أزياء عن أسطورة ريال مدريد السابق: «لا يستحم».. ونجم كرة القدم: انتهازية (تفاصيل)    حقق إجمالي 141 مليون جنيه.. تراجع إيرادات فيلم المشروع X بعد 84 يومًا    «مصر وطني الثاني».. راغب علامة ينهي أزمته مع نقابة الموسيقيين بعد لقاء مصطفى كامل    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    كيف نخرج الدنيا من قلوبنا؟.. علي جمعة يضع روشتة ربانية للنجاة والثبات على الحق    بشروط صارمة.. «الإدارة الروحية الإسلامية» بروسيا يُجيز استخدام حقن «البوتوكس»    أوقاف سوهاج تختتم فعاليات الأسبوع الثقافى بمسجد الحق    «غربلة وتغييرات».. إعلامي يكشف قرار ريبيرو المفاجئ تجاه هؤلاء في الأهلي    مجلس الوزراء يوافق على إعفاء سيارات ذوى الإعاقة من الضريبة الجمركية    وزير الصحة يشكر النائب العام على سرعة الاستجابة في واقعة "مستشفى دكرنس"    3 أيام من البحث.. انتشال جثة مندوب أدوية غرق بعد انقلاب سيارته في ترعة بسوهاج    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    «الترويكا الأوروبية» تهدد بإعادة فرض عقوبات على إيران في هذه الحالة    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    الحماية المدنية تنقذ أهالي عقار قديم بعد سقوط أجزاء منه بالجمرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكسب والخسارة في معركة الدستور التركي

أسفرت معركة التعديلات الدستورية التي شهدها البرلمان التركي الأسبوع الماضي‏(1‏ 2010/6/6)‏ عن مكاسب وخسائر لطرفيها الرئيسيين‏,‏ فقد كسب وخسر حزب العدالة والتنمية الحاكم‏,‏ صاحب مشروع التعديلات الدستورية‏. وخسرت وكسبت أيضا أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان‏,‏ وفي مقدمتها حزب الشعب الجمهوري‏,‏ وحزب الحركة القومية‏.‏ ولكن التدقيق في حجم ونوعية المكسب والخسارة لكلا الطرفين‏,‏ يوضح أن ما كسبه الحزب الحاكم أكبر بكثير مما خسره‏,‏ وما خسرته أحزاب المعارضة أكبر بكثير مما كسبته‏.‏
من مواد مشروع التعديلات التي قدمها حزب العدالة والتنمية والحاكم‏(27‏ مادة‏)‏ هناك مادتان أساسيتان دارت حولهما المعركة بضراوة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة‏,‏ وهما‏:‏ المادة رقم‏8(‏ حسب تسلسل المواد في مشروع التعديل‏)‏ التي تهدف إلي تقيد حظر الأحزاب السياسية‏,‏ والمادة رقم‏17‏ التي تهدف لإعادة هيكلة أعلي مؤسسة قضائية وهي الحكمة الدستورية‏,‏ وتحديد اختصاصاتها فيما لا يتجاوز تطبيق القانون‏.‏ وليست المادتان علي درجة واحدة من الأهمية‏;‏ فمادة إعادة هيكلة المحكمة الدستورية العليا‏,‏ أكثر أهمية من وجهة نظر حزب العدالة والتنمية‏,‏ مقارنة بمادة تقييد حل الأحزاب‏.‏ صحيح أن المادتين مهمتان‏,‏ ولكن موازين القوي بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة‏,‏ استلزمت درجة عالية من المهارة والاقتدار السياسي في إدارة معركة التعديلات كي يخرج الحزب بأكبر المكاسب‏,‏ وأقل الخسائر‏.‏ كسبت أحزاب المعارضة بنجاحها في إجبار البرلمان علي شطب م‏/8‏ من مشروع التعديلات‏,‏ وهي التي تستهدف تقييد حل الأحزاب‏.‏ ولكن حلاوة هذا المكسب جاءت بطعم الخسارة المرة‏.‏ لأن أحزاب المعارضة ارتكبت خطأ لن يغفره لها الرأي العام التركي‏;‏ فهو سيظل يتذكر أن هذه الأحزاب وبمقدمتها حزب الشعب الجمهوري‏,‏ اعترضت علي تأمين حق أساسي من حقوقه‏,‏ وهو حق تكوين الأحزاب دون أن تكون عرضة للحل بناء علي رغبة فرد وحد‏(‏ المدعي العام‏)‏ طبقا النظم المعمول به حاليا‏,‏ وجري بموجبه حل‏25‏ حزبا‏,‏ وكاد قبل عامين ان يحل حزب العدالة الحاكم رغم أنه منتخب من حوالي‏16‏ مليونا من المواطنين الأتراك الذين صوتوا لصالحه مرتين في الانتخابات العامة‏(2002‏ 2007).‏ جوهر التعديل الذي أجهضته أحزاب المعارضة هو أنه لا يجوز للمدعي العام أن يقيم دعوي حل أي من الأحزاب الا بعد موافقة مسبقة من لجنة برلمانية تتشكل من خمسة أعضاء من كل حزب ممثل في البرلمان ويرأسها رئيس البرلمان‏.‏ المعارضة رفضت هذا التعديل‏,‏ وهللت لنجاحها في شطبه من حزمة التعديلات الدستورية‏.‏
المفارقة هنا أن أحزاب المعارضة حققت مكسبا علي حساب الشعب بشطب المادة التي استهدفت تأمين إجراءات حل الأحزاب‏,‏ وإشراك الشعب نفسه في قرار الحل عبر اللجنة البرلمانية التي أشرنا إليها‏.‏ بينما مني الحزب الحاكم بخسارة علي حساب نفسه وخاصة أن ستة من أعضائه في البرلمان انحازوا لموقف أحزاب المعارضة في التصويت ضد هذا التعديل الخاص بحل الأحزاب يجعل الحزب الحاكم‏,‏ وكذلك أحزاب المعارضة عرضة للحل حسبما يري المدعي العام‏,‏ ووفق إرادة المحكمة الدستورية‏!;‏ ورغم أن إجراءات الحل المعمول بها حاليا ليست بسيطة‏,‏ ولكن التعديل المجهض كان يعزز جانب الإرادة الشعبية علي إرادة السلطة‏.‏ ولكن خسارة م‏/8‏ من حزمة التعديلات‏,‏ غطي عليها كسب موافقة البرلمان علي م‏/17‏ الخاصة بإعادة هيكلة المؤسسة القضائية‏,‏ وكذلك م‏/23‏ الخاصة بمجلس القضاء الأعلي والمدعين العامين‏.‏ فالتعديل الذي أجازه البرلمان بأغلبية‏336‏ صوتا يقضي بزيادة عدد اعضاء المحكمة الدستوري من‏11‏ حاليا الي‏17‏ عضوا أصيلا‏,‏ علي أن يختار البرلمان أثنين منهم بالتصويت السري‏,‏ أما باقي الأعضاء فيختارهم رئيس الجمهورية وفق إجراءات خاصة‏,‏ علي أن تكون ولاية العضو المنتخب‏12‏ عاما مدة واحدة غير قابلة للتمديد‏,‏ والأهم من ذلك هو أن قرارات المحكمة بحل الأحزاب يجب أن تكون بأغلبية ثلثي عدد أعضائها‏,‏ وليس بالأغلبية المطلقة‏(‏ النصف زائد واحد‏)‏ كما هو معمول به حاليا‏.‏ وهنا مكمن الاقتدار السياسي الذي قلنا إن حزب العدالة قد حققه‏;‏ فشطب مادة الأحزاب من حزمة التعديلات وإن فوت فرصة لغل يد المدعي العام عن تحريك دعوي الحل‏,‏ إلا أن تمرير مادة القضاء فتحت الأمل مة أخري لتحجيم العقلية الإقصائية التي دأبت علي حل الأحزاب حسب هواها‏,‏ وذلك بإشتراط أغلبية موصوفة بالثلثين لصحة قرار المحكمة الدستورية بحل حزب سياسي بناء علي دعوي المدعي العام‏.‏ صحيح أن مادة الأحزاب كانت ستحجم عملية الحجب من المنبع‏,‏ وكان هذا أفضل‏,‏ ولكن مادة القضاء ستحجم الحل أيضا عند المصب وقبل صدور قرار الحل‏,‏ وهذا أفضل من لا شيء‏.‏ واقع الحال أن المعركة لم تنته بعد‏.‏ فإقرار البرلمان لحزمة التعديلات الدستورية لم تتوافر له أغلبية الثلثين كي تسري التعديلات تلقائيا‏,‏ ومن ثم أسرعت الحكومة بإحالة المشروع لرئيس الجمهورية للنظر فيه‏,‏ وله أن يعيده للتصويت عليه مرة أخري في البرلمان‏,‏ وهو احتمال مستبعد جدا‏,‏ أو أن يعيده للحكومة كي تطرحه للاستفتاء الشعبي العام وهو المرجح‏.‏ وترغب الحكومة في إجرائه في يوليو المقبل‏,‏ قبل الدخول في الفترة التي يستحيل فيها تنظيم استفتاء عام بحكم الدستور قبل عام من الانتخابات البرلمانية في يوليو‏.2001‏
أما المعارضة فقررت رفع دعوي بعدم دستورية التعديلات جملة وتفصيلا‏,‏ وتأمل أن تماطل المحكمة الدستورية في نظر القضية حتي يحل الوقت الذي يتعذر فيه الأستفتاء دستوريا‏.‏ وفي هذه الحالة‏,‏ سيكون بإمكان الحكومة الدعوة لانتخابات مبكرة‏;‏ كي تقطع الطريق علي احتمالات انحياز المحكمة الدستورية لصف المعارضة وتجهض التعديلات‏.‏
اقتدار الحزب الحاكم في تركيا يتجلي الآن في أنه ذاهب إلي الشعب كونه مصدر السلطات والولي علي نفسه‏,‏ ليستفتيه في أمر التعديلات التي ستنقله لعهد جديد‏,‏ بينما أحزاب المعارضة ذاهبة لتمسك بالعصا الغليظة للقضاء الدستوري‏,‏ تستقوي بها علي إرادة الشعب‏.‏ وأغلب الظن أنها ستخسر دعواه‏,‏ وستنكسر عصاها‏,‏ لأن الشعب بات في مستوي الولاية علي نفسه‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.