تفاقمت الأزمة الحالية بين الحكومة وأهالي النوبة بمحافظة أسوان، مرة أخرى، بعد حصار الأمن لأكثر من 200 نوبي بالطريق الدولي، فضلًا عن إطلاق النار على عدد من الشباب النوبي، مما أدى إلى إصابة ثلاثة منهم أحدهم في حالة خطيرة، بسبب مطالبتهم بالعبور إلى قرية "فورقند" النوبية، والتي تم طرحها في المزاد العلني ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان، وهو ما يرفضه النوبيون باعتبارهم الأحق بهذه الأراضي. وتتلخص مشكلة أهالي النوبة منذ أكثر من 50 سنة، في رغبتهم في العودة لأراضيهم القديمة التي هجرهم منها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لإنشاء مشروع السد العالي، ومنذ ذلك الحين نظم أهالي النوبة مئات التظاهرات والمؤتمرات، وأقاموا العديد من الدعوات القضائية دون كلل أو ملل، حتى جاء الدستور الأخير ليروي ظمأهم بالمادة 236 التي تقضي بحق النوبيين في العودة لأراضيهم في مدة لا تتعدى 10 سنوات منذ إقرار الدستور في يناير 2014. وتنص المادة 236من الدستور 2014 على "أن تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية، والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة، وذلك بمشاركة أهلها في مشروعات التنمية وفى أولوية الاستفادة منها، مع مراعاة الأنماط الثقافية والبيئية للمجتمع المحلى، خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون". ورأى النائب ياسين عبد الصبور، عضو مجلس النواب، أن الدولة خدعت المواطنين النوبيين ببيع أراضيهم في مزاد علني، بجانب نشرها إعلانًا كاذبًا، فقد أعلنت عن وجود 27 ألف فدان بأراضي توشكى للبيع، رغم وجود 12 ألف فدان منها ضمن أراضى منطقة فورقند النوبية. وطالب عبد الصبور، من رئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال، بتشكيل لجنة للذهاب إلى النوبة والاستماع إلى الأهالي وعرض تقرير بالأزمة على مجلس النواب يتضمن توصيات اللجنة والبرلمان، موضحا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه في بداية الأزمة بأن تكون الأولوية في تملك الأراضى لأهالي النوبة، لكن المعلومات التي وصلت إليه حول الأزمة مغلوطة، فالرئيس على قدر المسؤولية ويشعر بالمواطنين، ولو وصلت له المعلومات صحيحة سيمنح حق تملك الأراضى للنوبيين فقط. ومن جانبه قال أحمد عبد الحميد، أحد القيادات النوبية، إن أهل النوبة لم يريدوا التصعيد ضد الحكومة خلال الفترات الماضية على الرغم من عدم التزام الدولة بتطبيق المادة 236 من الدستور بتنمية سكان نوبة خلال عشر سنوات، مؤكدا أن هناك مسئولين يريدون تصعيد الأزمة بالرغم من وجود حلول كثيرة لحلها. وأضاف عبد الحميد ل"المصريون"، أن هؤلاء المسئولين يستفيدون من الثروات الطبيعية بالنوبة، فضلا على وجود ذهب بهذه المناطق، مشيرًا إلى أن هناك مسئولين في بعض الجهات السيادية ورجال أعمال مقربين من النظام يسيطرون على منطقة النوبة، ويقفون عقبة في تملك المواطنين النوبيين الأراضي التي تعتبر حقًا أصيلاً لهم منذ زمن بعيد، حتى يستطيعوا التمتع بالثروات النوبة. وطالب القيادي النوبي، الرئيس بالتدخل وتطبيق المادة 236 من الدستور حتى يتم تحقيق العدالة داخل المجتمع النوبي، وإبعاد كل مسئول يريد إشعال الفتنة بين النوبيين والنظام. وفى السياق نفسه، قال الدكتور يسري العزباوى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاسترانيحية، إن الدستور ألزم الدولة بالتنمية في المناطق النوبية وسيناء والصعيد، لكن الدولة تمر بأزمات الاقتصادية كبيرة في الوقت الراهنة وهذا سبب رئيس في عدم تنفيذ هذه التنمية في تلك المناطق. وأضاف العزباوى ل"المصريون"، أن الدولة ستفشل في تنفيذ هذه التنمية لعدم وضع توقيت محدد لهذه المشروعات القومية بمنطقة النوبة، حتى لا تتكرر الأزمة من جديد، مؤكدًا أن المؤسسة العسكرية ستحل محل الحكومة للحد من تصعيد أهل النوبة ضد النظام. وأشار الخبير السياسي، إلى أن هناك حلولا وبرامج حقيقية للتنمية وحل الأزمات العالقة بين المواطنين النوبيين والنظام الحاكم.