ربما لا يعرف معظم المصريين شيئا عن النوبة والنوبيين، الا عرضا في سياق ذكر السد العالي، وما أحاط ببنائه من احداث علي المستويين السياسي والعسكري، فالنوبي عاش ممتزجا بنهر النيل، او قل ان نسائم الغرام جمعت بينهما، لا يهمك منها الوقوف علي مصدره، أو طرف البداية فيه، وهل من النهر الابيض نبع الخير والبركة لمن يجاوره، كما في موروثاتنا القديمة، كان اول مرسال، أم من ذاك الاسمر.. الشهم.. مؤسس دولة الجنوب؟ النوبي كغيره من بني لبشر، يعشق بالفطرة ارضه ووطنه، فمال الحال اذا ما اقصي مواطن عن تلك الارض وذاك الوطن الذي مزجهما ببعض حتي يصعب عليك حصر خطوط التوحد في ملامحهما، حين يصادف وجههما عينيك في رواية "جبل الكحل" للروائي النوبي الكبير يحي مختار- اصدار كتاب اليوم- بعد ان اعادني المشهد الحكومي الاخير والمؤسف لالتقاطها من بين ارفف مكتبتي، وقراءتها في حسرة والم، علي خلفية تفاقم الازمة الحالية بين الحكومة واهالي النوبة بعد حصار الامن لاكثر من 200 نوبي بالطريق الدولي، بسبب مطالباتهم بالعودة الي قرية " فورقند" النوبية، التي تم طرحها في المزاد العلني ضمن مشروع المليون ونصف مليون فدان، وهو مارفضه النوبيون، باعتبارهم الأحق بهذه الاراضي. .تهجير اهل النوبة من قراهم بدأ، كما يعلم الكافة، منذ التعلية الاولي لخزان اسوان عام 1912 وحتي بناء السد العالي في ستينيات القرن الماضي، وهو ثمن دفعه النوبيون غاليا عن طيب خاطر، لتعيش مصر في رخاء ورفاهية من جراء بناء السدود، فيما كان المفترض مقابلة الصنيع -- بحسب الاديبة الكبيرة ثناء ابو الحمد في تقديمها للكاتب والكتاب- بتقدير مواز، لكن لم يحث شيء من هذا، بما اضطر معه النوبيون، لتنظيم المظاهرات والمؤتمرات تباعا، فضلا عن رفع الدعاوي القضائية لأجل العودة. ينفخ في النار، من يروج للتصعيد ضد االدولة.. النوبيون فقط يحتكمون الي الرئيس والمادة 236 من الدستور، فالسيسي وجه في بداية الازمة الي أن تكون أولوية تملك الأراضي لأهالي النوبة، فيما قضي الدستور بحقهم في العودة خلال 10سنوات، ورغم ذلك حقهم تائه.. معقول ؟! [email protected]