4421 طالبا يؤدون امتحانات مُتطلب علم الجودة إلكترونيا وورقيا بجامعة قناة السويس    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    أحمد عيسي يبحث خطوات زيادة حركة السياحة الوافدة لمصر من تونس    قرار جديد من رئيس الوزراء بشأن صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية    "ميناء دمياط" رصيد صومعة القمح يصل 24 ألف طنًا داخل مخازن القطاع الخاص    «شعبة المصدرين»: ربط دعم الصادرات بزيادة المكون المحلي يشجع على فتح مصانع جديدة    خالد عباس: إنشاء وإدارة مرافق العاصمة الإدارية عبر شراكات واستثمارات عالمية    انتشال 31 شهيدا و20 مصابا في مخيم النصيرات بقطاع غزة    مصادر أوكرانية: مقتل 4 وإصابة 8 في هجوم جوي روسي على خاركيف    منتخب السلاح يتأهل لنهائي كأس العالم بإسبانيا    يؤديها 58 ألف طالب، محافظ بني سويف يتفقد لجان امتحانات الإعدادية (صور)    موقف صادم من نادي الصيد تجاه صالون حسين نوح الثقافي، ماذا حدث؟    إعلام إسرائيلي: اغتيال عزمى أبو دقة أحد عناصر حماس خلال عملية عسكرية في غزة    محمد رمضان يشوق جمهوره بأغنية جديدة    مجلس النواب يوافق من حيث المبدأ على مشروع قانون المنشآت الصحية    «متحدث الصحة»: 5 نصائح هامة للحماية من مضاعفات موجة الطقس الحار (تفاصيل)    رئيس هيئة الدواء يشارك في احتفالية إنجازات المرحلة الأولى من التأمين الصحي الشامل    موعد انتهاء الموجة الحارة في مايو .. وبداية فصل الصيف    الجوازات والهجرة تواصل تسهيل خدماتها للمواطنين    المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي يستكمل جلسات مناقشة مشروع قانون العمل    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    دراما الشحاذين.. كوميديا سوداء تبحث عن النور في المهرجان الختامي لنوادي المسرح 31    احتفالات متنوعة لقصور الثقافة بالجيزة في اليوم العالمي للمتاحف    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    وزارة الإسكان تخطط لإنشاء شركة بالشراكة مع القطاع الخاص لتنشيط الإيجارات    مصر والصين تبحثان التعاون في توطين صناعة النقل    توقيع الكشف الطبي على 1531 حالة خلال قافلة طبية بقرية في مركز ملوى بالمنيا    مصدر من نادي إينتراخت فرانكفورت يكشف ل في الجول مصير عملية مرموش الجراحية    أكبر مدن أمريكا تفتقد إلى الأمان .. 264 ألف قضية و4 آلاف اعتداء جسدى ضد النساء    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    بينها «زراعة الأعضاء البشرية».. «جبالي» يحيل 10 مشروعات قوانين للجان النوعية    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل صديقهما لسرقته شقة أحدهما بحدائق القبة ل11 يونيو    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    وزير الداخلية يقرر إبعاد 5 سوريين خارج البلاد لأسباب تتعلق بالأمن العام    أحمد أيوب: لا يوجد بديل في الأهلي يعوض غياب على معلول أمام الترجي    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    بعثة الأهلي تغادر تونس في رحلة العودة للقاهرة بعد التعادل مع الترجي    تشكيل الزمالك المتوقع ضد نهضة بركان في إياب نهائي الكونفيدرالية.. جوميز بالقوة الضاربة    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدو يكره الزيتون ويفسد مواسمه
نشر في المصريون يوم 22 - 10 - 2016

كأن بين الإسرائيليين وشجر الزيتون ثأرٌ قديمٌ، وعداوةٌ مستحكمةٌ، وكرهٌ دفينٌ لا ينسى، وحقدٌ كبيرٌ لا ينتهي، يحملونه معهم كعقيدةٍ من الأجداد، ويورثونه من بعدهم كإيمانٍ للأولاد والأحفاد، فتراهم جميعاً أياً كانت منابتهم ومواطنهم الأصلية يزعجهم وجوده، ويغيظهم صموده، ويربكهم في الأرض ثباتُه وفي السماء علياؤه، وعبر الزمان بقاؤه، فيتمنون زواله ومن الأرض اجتثاثه، رغم أن شجرته قد ترقى إلى حد القداسة لما لها من مكانةٍ عظيمةٍ، وتقديرٍ عالٍ، ولما تلقاه من حرصٍ وعنايةٍ ورعايةٍ كبيرة، وكأنه يغيظهم اهتمام الفلسطينيين بها، وعنايتهم الكبيرة بشجرتها، إذ أنهم يتفاخرون بينهم بعدد أشجار الزيتون التي يملكون، وبحجم إنتاجها وكمية الزيت الذي تعصره ونوعيته، وفي هذه المجالات يتنافسون ويتسابقون، حيث يجرمون قطعها، ويحرمون بيعها، ويعاقبون من يتسبب في إتلافها أو يلحق الأذى بها.
تصب سلطات الاحتلال الإسرائيلي جام غضبها بحقدٍ شديدٍ على شجرة الزيتون وأصحابها، وتتعامل معهما بغلٍ وكرهٍ بادٍ لا يخفى على أحد، فهي تمنع ملاك الأرض وأصحاب شجر الزيتون من الاهتمام به ورعايته، وتتعمد أن تحاصر البساتين والحقول، ولا تسمح لأصحابها بدخولها أو الاقتراب منها، ولا تأذن لهم بتنظيفها وإزالة الفضلات منها، أو تقليم الأشجار وريها، وقص التالف من أغصانها، أو صيانة أسوارها وإعادة تسوية حجارتها التي تحميها وتحصنها، وترصعها وتزينها كأنها قلادةٌ تطوق جيدها، حتى باتت الحقول محرمة على أصحابها، وممنوعة على أهلها، فلا يدخلون إليها إلا بموافقاتٍ أمنية، وأذوناتٍ عسكريةٍ مسبقةٍ، يتم فيها تحديد أسماء من يسمح لهم بالدخول إليها والوقت الممنوح لهم بالبقاء فيها.
أما شجرة الزيتون نفسها فهي محل الغضب وموضع التخريب والتدمير والإفساد، وهي المقصودة بذاتها وعينها، إذ تتعمد سلطات الاحتلال تجريف الأراضي الزراعية الغنية بشجرة الزيتون المثمرة، بحججٍ كثيرةٍ وعديدةٍ، كبناء معسكراتٍ للجيش أو شق طرق سريعة أو شوارع فرعية لخدمة المستوطنات، أو تقوم السلطات العسكرية بأوامر من مجلس المستوطنات وموافقة وزير الحرب أو وزير البنى التحية بمصادرة حقول الزيتون لبناء مستوطناتٍ جديدةٍ أو توسيع القديم والقائم منها، أو يقوم المستوطنون بحرقها وجذوعها أو خلعها من جذورها، ويغير عليها شبانهم ليلاً أو نهاراً، وأحياناً في ظل رعاية وحماية جنود الاحتلال، الذين يرقبون اعتداءات مستوطنيهم ولا يحاولون منعهم أو صدهم، فيخربون ما استطاعوا منها، ويكسرون أغصانها، ويتلفون ثمارها، وإن استطاعوا حرقها فهو أكثر ما يحبون ويفضلون.
يعتقد الإسرائيليون أن الفلسطينيين يرتبطون كثيراً بأرضهم المزروعة، ومساكنهم المبنية، وبيوتهم القائمة ومنازلهم العامرة، وهذه كلها تشكل عندهم أيقوناتٍ مقدسةً، تربطهم بأرضهم، وتشدهم إليها وإن غابوا عنها، وتعيدهم إليها وإن طردوا منها أو أجبروا على الخروج منها بالقوة، ولهذا فإن خلع أشجارهم، وتخريب زروعهم، وحرق محاصيلهم، وهدم بيوتهم يضعف ارتباطهم بأرضهم، ويزعزع انتماءهم إليها، ويدفعهم للتخلي عنها والبحث عن بديلٍ سواها، ولهذا فإن زراعة شجر الزيتون في فلسطين صمودٌ، والحفاظ على بقائه ثباتٌ، والحيلولة دون اقتلاعه مقاومة، والإكثار منه غلبةٌ وحشدٌ.
لكن المصيبة الكبرى أن موسم الزيتون في فلسطين كلها يصادف عيد اليهود "كيبور" أو يوم الغفران، الذي يعتبر من أول أيام السنة العبرية، ومن أهم أعيادهم القومية والدينية على الإطلاق، وفيه تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق المناطق الفلسطينية كلها، وتفرض طوقاً عسكرياً محكماً وطويلاً عليها، وتمنع المزارعين من الاطمئنان على أشجارهم، وهم يعلمون أن هذه الأيام هي قمة أيام قطاف الزيتون، حيث اعتاد الفلسطينيون على قطافه بعد أول سقوطٍ للأمطار في بدايات الثلث الثاني من شهر أكتوبر/تشرين أول من كل عام، حيث يصادف احتفالات اليهود بيوم "كيبور"، وفيه تضيق سلطات الاحتلال على الفلسطينيين في هذه الأيام، وهي تعلم مدى أنها أيام عصيبة ومهمة، وأن المزارعين ينتظرونها بفارغ الصبر مرةً كل عامٍ، إذ أنها تعتبر يوم حصادهم وغلتهم، التي عليها يعيشون، فهي مصدر دخلهم الأساس وسبيل رزقهم الموروث.
وفي المقابل فإنها تهيئ لمستوطنيها كل سبل الراحة والاستمتاع بأيام العيد المقدسة، وتوفر لهم الأجواء المناسبة، وتضمن لهم السلامة والأمن من خلال العديد من الإجراءات الاحترازية التي تتخذها، والتي تقوم أساساً على التضييق على الفلسطينيين وإغلاق مناطقهم، وكأنهم يريدون أن يكون عيدهم الذي يقدسونه لعنةً على زيتوننا وأشجاره، وعذاباً لأصحابه وملاكه، وسجناً وحصاراً لحقوله وبساتينه، في الوقت الذي كان موسمه عند الفلسطينيين أيام عيدٍ وفرحٍ، فيه يعطلون عن الدراسة، ولا يذهبون إلى وظائفهم الرسمية، وإنما يتجهون جميعاً صغاراً وكباراً، ورجالاً وأطفالاً ونساءً، إلى الحقول لجني قطافه وجمع ثماره، وغالباً تنظم المؤسسات الفلسطينية حملاتٍ تطوعية من طلاب وطالبات الجامعات الفلسطينية، الذين ينسقون فيما بينهم لمساعدة المزارعين في جمع زيتونهم في مواسمه، وكثيراً ما كان يلتحق بهم عددٌ من المتطوعين والمتطوعات الأجانب، الذين يصادف وجودهم في فلسطين، أو الذين يأتون خصوصاً في موسم جني الزيتون للمشاركة في قطفه وجمعه.
يدرك الإسرائيليون أن الفلسطينيين ينغرسون في أرضهم كشجر الزيتون في حقولهم، وأن جذورهم عميقة ومتشعبةً في عمق الأرض وسطحها كجذوره، وأن بقاءهم في هذه الأرض هو من بقاء الزيتون والزعتر، الذي كان وسيبقى إلى يوم القيامة، رمزاً لهم وشعاراً يدل عليهم، وآيةً خالدةً في كتاب الله تتلى، ولهذا فإنهم يحاربون الفلسطينيين في شجرهم الباقي ورمزهم القديم، ظانين أنهم إن اقتلعوا شجر الزيتون من تربته فإنهم يقتلون الفلسطيني من أرضه، ويفصلونه عن إرثه ومعتقده، ويسهل عليهم طرده من بلاده، واجتثاثه منها، ولكنهم واهمون بذلك إن ظنوا، وفاشلون في زعمهم إن حاولوا، إذ مهما اعتدوا وقتلوا، وخلعوا وحرقوا، واجتثوا وخربوا، فسنبقى نحن وأشجارنا في أرضنا مزروعين، وفيها إلى يوم القيامة ثابتين، نحيا ونموت فيها، وفي تربتها ندفن ومنها يوم القيامة نبعث.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.