عندما انتفض الشعب الليبى يوم 17 فبراير شيبا وشبابا رجالا ونساء سطر ملحمة تاريخية رائعة أخذت مكانها بجدارة واقتدار فى مسيرة كفاح الشعوب ضد الاستبداد والفساد ونزع حريتها من جلاديها ....وزادت روعة وقيمة هذه الانتفاضة العظيمة عندما واجهها النظام الفاسد المستبد بالاستعمال فوق المفرط للقوى وسقط شبابنا شهداء للوطن ولحريته ولكنهم أصروا على مواصلة التحدى بنفس الأسلوب الذى عوملوا به فتنادوا من كل أنحاء البلاد وحملوا السلاح وتجسدت روح الإصرار فى الانتصار من خلال الكفاح المسلح ضد كتائب القذافى ومرتزقته،هؤلاء الثوار المقاتلون رفعوا قاماتنا عاليا وأصبح علم وشأن ليبيا متابعا فى كل مكان من العالم الذى تعرف على مدننا وقرانا وشبابنا الثائر المسلح وغير المسلح ومن خلال الإعلام العالمى تعرفوا أيضا برجال ليبيا بمختلف تخصصاتهم وتوجهاتهم ..وتعجبوا بل أشاد الكثير منهم بهذا العمل الجبار إلا القلة الجاحدة التى كانت مرتبطة بشكل أو آخر بالأسرة الحاكمة فى ليبيا. وانتصرت إرادة الشعب وتحطمت الأصنام وتحررت البلاد وكانت الفرحة عارمة بشكل ملحوظ ولكن من خلال المتابعة فوجئنا بضهر تنظيمات وكتائب ثورية أو هكذا أطلق أصحابها عليها بعد التحرير والسؤال الذى كان يفرض نفسه إذا كان هؤلاء ثوريون حقيقيون لماذا لم ينخرطوا مع الكتائب الثورية التى حررت البلاد لماذا أقاموا هذه التنظيمات الجديدة ؟ والإجابة هنا تأخذ اتجاهين الأول أنهم نفترض حسن النية فيهم ونقول إنهم قاموا بهذه التشكيلات سعيا للوصول إلى السلطة والفائدة الخاصة التى قد تعود فى اعتقاد قياداتهم بالنفع عليهم (وهذا فى حد ذاته تفكير سلبى). والثانى أن يكونوا من بقايا المتطوعين كما كان يطلق عليهم النظام السابق وبعضا من الموالين له وبعضا من كتائبه وأضافوا لهم البعض الآخر لكى يكون لهم موقع قدم فى البلاد أو تنفيذ لما سمى أيام الثورة خطة الانتقام بعد سقوط النظام ونبهنا عليها فى حينها. المهم الآن أن بعض من هذه التنظيمات أثارت مشاكل عديدة بدأ من كتيبة نداء ليبيا فى بنغازى إلى الكتائب المشابه والتى تحرس الآن بعض أصحاب رؤوس الأموال من رجالات القذافى حتى وإن ساعدوا الثورة ( وهذا موضوع تناولناه وسنتناوله مستقبلا بأكثر تفصيلا) ومنهم من يرعب الناس ويقوموا بأفعال مخالفة للقانون فى طرابلس وبنى وليد وفى بعض مناطق الجنوب وأتوقع ارتدادات فى أماكن أخرى إذا لم تحسم الأمور. ولا بد لنا من وقفة حقيقية قوية نراجع فيها خلفيات كل التنظيمات التى ظهرت بعد التحرير ونتحرى جيدا عن كل منتسبيها ونعيد النظر فيها ولا يسمح لمن حمل السلاح ضد الثورة والثوار الحقيقيين بأن يدخل للجيش الوطنى أو الأمن الوطنى بجلابية اسمها ثوار ما بعد التحرير انتبهوا الأمر جد خطير ومهم. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى علينا أن نشرح للشباب الذين حاربوا مع صفوف كتائب القذافى أنهم كجنود سيعاملون معاملة مختلفة عن معاملة قادتهم الذين أصدروا لهم الأوامر ولكن ليعلموا بوضوح أن ليبيا بلادهم وممكن لهم أن يعيشوا فيها بأمان دون حمل السلاح أو العمل فى أى مرفق مسلح وأن الدولة مستعدة لإعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا ومهنيا للعمل المدنى. هذه الأمور يجب أن تساهم فى إيضاحها المجالس المحلية والإعلام بكل أدواته ورجال ونساء منظمات المجتمع المدنى وأن يصدر بها قرار من مجلس الوزراء وأضح ويكلف جهات معينة بتنفيذه وأن يسعى كل من لهم دور فى هذا المجتمع من كتاب ومفكرين ومثقفين وسياسيين بأن يقودوا حملة يقنعوا فيها هؤلاء وقبائلهم بأهمية هذا الإجراء فى خلق الاستقرار بالوطن الحبيب ختاما علينا فعلا أن نعطى موضوع من قاموا بتنظيم تشكيلات ثورية بعد التحرير أهمية قصوى لأننا تأخرنا وتعاطفنا بحجة المصالحة كثيرا معهم ومع غيره. [email protected]