منذ انطلقت بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1930 فى أوروجواى بفكرة فرنسية وبمشاركة 13 منتخباً وطنياً، تحول لقب البطولة إلى حكر على القارتين الأعظم كروياً على مستوى العالم وهما أوروبا القارة العجوز وأمريكا الجنوبية معين المواهب الذى لا ينضب. وتنظم القارة السمراء أولى بطولات كأس العالم على أراضيها البكر فى جنوب أفريقيا فى صورة النسخة التاسعة عشرة التى لا تنتظر أن تكون استثناء لهذه القاعدة، فالمرشحون لا يزالون كما هم، حتى إن زادوا اسماً أو أكثر فهم لا يخرجون عن نفس القارتين. وبين 18 بطولة أقيمت إلى الآن، اقتسمت القارتان الألقاب بالتساوى، حيث ذهبت تسعة ألقاب إلى أمريكا الجنوبية بواقع خمسة للبرازيل (رقم قياسى) واثنين لأوروجواى ومثلهما للأرجنتين، وتسعة لأوروبا، احتكرت إيطاليا حاملة اللقب أربعة منها، وثلاثة لألمانيا ولقب لكل من إنجلتراوفرنسا. الطريف فى الأمر، هو أن عامل التكافؤ بين شاطئى الأطلنطى كان ساريا حتى فى تبادل الحصول على الألقاب، فلم يسبق لقارة أن تقدمت على الأخرى بفارق لقبين قط. فأوروجواى تقدمت مبكراً لأمريكا الجنوبية على أرضها عام 1930، وما لبثت إيطاليا أن عوضت هذا التأخر ثم تقدمت لأوروبا فى بطولتى 1934 و1938. ونشبت الحرب العالمية الثانية بعد ثالث المونديالات بعام، وعندما وضعت أوزارها عام 1045 احتاجت دول العالم إلى خمسة أعوام أخرى لاستئناف البطولة، لتعادل أوروجواى لقبى إيطاليا ولتبقى احتفالات الكأس حكراً على روما ومونتفيديو حتى ذلك الحين. وفى خامس المونديالات، أعادت أوروبا تفوقها بلقب كان يبدو مكتوباً للمجر وتوجت به ألمانيا، قبل أن تعوض البرازيل فشلها فى قلب ملعب «ماراكانا» الأسطورى أمام أوروجواى عام 1950 بلقبين متتاليين عامى 1958 و1962 ليعود التفوق أمريكياً جنوبياً. وأضحت البرازيل أول منتخب فى العالم يتوج باللقب ثلاث مرات، عقب أن تقدمت لأمريكا الجنوبية مجدداً فى 1970، بعد أن سرقت إنجلترا «تحكيمياً» لقب 1966 على أرضها من ألمانيا التى كانت تستحق التتويج للمرة الثانية فى تاريخها. لم ينتظر منتخب «المانشافت» كثيراً لتحقيق لقبه الثانى، وناله عام 1974 على أرضه تحت اسم ألمانياالغربية، وظل التقدم فى هذه الفترة ومنذ عام 1962 إلى الآن للاتينيين تاركين إدراك التعادل للأوروبيين، وجاء الدور على الأرجنتين لتنوب عن كل من أوروجواى والبرازيل فى رفع راية أمريكا الجنوبية محرزة لقبها الأول على أرضها عام 1978، لتستمر لعبة إحراز الدول المنظمة للقب قبل أن تغيب لمدة عقدين كاملين. فى 1982 أجهض الحلم الإسبانى بتحقيق اللقب الأول لمنتخب المتادور، بيد أن هداف منتخب «لى أتسورى» الشهير باولو روسى ضمن إدراك التعادل على الأقل للقارة العجوز، لتعادل إيطاليا ألقاب البرازيل الثلاثة، قبل أن تعاود الأرجنتين التألق بمنتخب الثلاثى المرعب (مارادونا وبوروتشاجا وفالدانو) محرزة ثانى ألقابها. أصبحت ألمانيا ثالث المنتخبات التى تحرز اللقب ثلاث مرات، وآخرها إلى الآن، بعد أن توجت فى إيطاليا عام 1990، وردت إيطاليا الدين فى آخر البطولات بألمانيا عام 2006 وبينهما توجت فرنسا عام 1998 على أرضها فى آخر ألقاب الدول المنظمة، وبين كل بطولة والأخرى تكفلت البرازيل بصنع خماسيتها التاريخية وبالإبقاء على تقدم أمريكا الجنوبية فى بطولتى 1994 فى الولاياتالمتحدة و2002 فى كوريا الجنوبية واليابان. ولو حافظت أوروبا على اللقب الإيطالى فى جنوب أفريقيا، ستكون المرة الأولى التى تعاود فيها القارة العجوز التقدم على منافستها منذ اللقب الألمانى الأول عام 1954، وستفتح الباب أمام إمكانية تقدم أحد الجانبين بفارق لقبين للمرة الأولى فى التاريخ، فى إنجاز لو تحقق سيكون مستحقاً، وكيف لا ومونديال 2014 سيكون فى البرازيل على وجه التحديد. لكن قبل أن تحاول البرازيل التصدى لمخالفة القاعدة فى 2014، عليها أولاً الوقوف فى وجه الطموحات الأوروبية على أرض جنوب أفريقيا، خاصة أنها المرشح الوحيد لرفع الراية اللاتينية فى المنافسة على نيل لقب البطولة فى ظل تراجع الأداء الأرجنتينى ونغايش أوروجواى على أطلال الماضى، ورغبة تشيلى وباراجواى فى إثبات الذات فحسب. فى المقابل، هناك أكثر من مرشح أوروبى فى الصورة أبرزهم إيطاليا الساعية إلى تكرار الفوز باللقب فى إنجاز سبق أن صنعته عامى 1934 و1938 ونسخته البرازيل عامى 1958 و1962، وألمانيا التى تهدد الجميع بانضباطها التكتيكى الدائم وإسبانيا بطلة أوروبا الطامعة فى تعويض ما فقدته فى النسخ الماضية، وأخيراً إنجلترا بمنتخب يريد تحقيق لقب كبير قبل اعتزال أغلب نجومه.