فى منطقة المؤسسة بشبرا الخيمة وتحديداً أسفل الكوبرى، تعبر الحياة عن أكثر معانيها قسوة. هناك حيث يعيش 4 شباب محرومين من دفء الأسرة، قرروا أن يكون أسفل الكوبرى بيتهم، وأن يصبح التسول مهنتهم الوحيدة. أسفل كوبرى المؤسسة يعيش الشباب الأربعة ويروون حكاياتهم. «ياسر» شاب من الأربعة كان أحد ضحايا مرض شلل الأطفال، ولد لأسرة فقيرة لم تستطع الإنفاق عليه، فذهب إلى الشارع. من شارع لآخر، ومن مهنة عشوائية إلى أخرى لا تسد الرمق عاش ياسر محاصرا بالإعاقة والفقر معا: «لفيت كتير أوى، وفى الآخر لقيت إن الشحاتة هى الحاجة الوحيدة اللى بتأكلنى». التسول لم يكن فقط وسيلة «أكل عيش» لكنه وسط الظروف التى يعيشها الشباب الأربعة يصبح أيضا وسيلة للكيف، خاصة استنشاق «الكلة». نفس «الفرشة» تضم شابين آخرين، مجدى وحسين، اللذان احترفا التسول أيضا، هذه المرة ليس باستدرار حنان المارة على شاب معاق، لكن بملابس نظيفة مهندمة. يقول مجدى: «هى دى الطريقة الجديدة، الناس تشوف واحد ابن ناس وبيشحت، يقولك أكيد الدنيا بهدلته والناس بتتعاطف معانا أكتر من أى حالة تانية». «عصام» رابع المجموعة، وأكثرهم حذرا فى الحديث عن نفسه، اكتفى بالقول «الدنيا وحشة.. وماحدش بيعمل كده إلا لما يكون مضطر.. واحنا شباب ومضطرين ومافيش عندنا حلول تانية». مؤخراً انضم إلى الأربعة طفل يدعى محمد ويبلغ من العمر 12 عاماً. ودون مقدمات اعتبر الشباب الأربعة محمد ابناً لهم، يحرصون عليه ويدافعون عنه من «البلطجية اللى ماليين الميدان، وكلنا بنتعامل معاه كده وماحدش دلوقتى يقدر يهوب ناحيته عشان عارفين إن فيه 4 رجاله وراه وبيحموه». فى الفرشة التى يشاركهم فيها محمد حاليا، يتعلم الصغير أصول الكار «الشحاتة محتاجة تعليم بردو، مش أى واحد من عيال الشوارع ينفع يبقى شحات، الشحات ده لازم يتعلم إزاى يجيب القرش، لأنه مش بياع بضاعة، ولا حرامى، ده حاجة تانية خالص». «محمد» فى الأصل من المنيب، ترك والديه بعد أن فشل فى التعلم وطلبت منه أمه أن يعمل فى إحدى ورش تصنيع الملابس الجاهزة حتى تستفيد من راتبه وتنفق على إخوته، لكنه وكما كان يهرب من المدرسة هرب أيضا من العمل، وبدأت رحلته مع «الدخان» بسجائر «فرط» وشيئا فشيئا تطور الأمر حتى وصل لعلب السجائر المستوردة. «أمى كانت بتضربنى، ولما عرفت إنى بقيت بشرب سجاير بهدلتنى، وحبستنى فى البيت.. فقعدت مش عارف أعمل إيه لحد ما لقيت فرصة فهربت من الشقة ونطيت فى المترو لحد ما نزلت هنا قريب وخرجت للميدان قلت أدور لنفسى على شغل، لكن ما لقيتش، كل أصحاب المحلات شكوا فيا وقابلت مجدى وعصام والجماعة دول وقالوا لى تعالى معانا، فرحت معاهم على الأقل هنا فيه أكلة وشربة ونومة ولو تحت الكوبرى». الشباب الأربعة حاولوا مع محمد كى يذهب لإحدى الجمعيات ليتعلم ويواصل حياته لكنه فى كل مرة كان يرفض «بصراحة أنا خايف من الجماعة بتوع الجمعيات دول، وقبل ما آجى هنا رحت جمعية وهربت منها عشان المشرف كان بيضربنى ويحبسنى».