دخلت المشروعات العقارية التى تنفذها وزارة الإسكان، منعطفا آخر يعتبره البعض مظلماً، ويهدد بعض المشروعات سواء فى التنفيذ، أو إحجام البعض عن الحجز فيها، بما يهدد السوق العقارية، فقد لجأ عدد كبير من مستفيدى وطالبى الوحدات السكنية، والمصيفية سواء من المشروعات الحكومية، أو الخاصة إلى تقديم بلاغات إلى النائب العام، وهيئة الرقابة الإدارية، فيما لجأ آخرون إلى الاعتصام، للحصول على حقوقهم التى قالوا إن قانون التمويل العقارى سلبها منهم، وكذلك المعارض العقارية الضخمة، التى يقام بعضها فى فنادق 5 نجوم أو فى قاعة المؤتمرات، دون مجيب. جاء أول الاعتراضات العقارية، عن طريق تقديم 11 مواطناً بلاغات إلى اللواء محمد فريد التهامى، رئيس هيئة الرقابة الإدارية- حصلت «المصرى اليوم» على نسخ منها - يتهمون فيها شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير التابعة لوزارة الاستثمار، بالتلاعب فى بيع الوحدات السكنية التى أعلنت عن بيعها رسميا فى إحدى الصحف القومية منتصف الشهر الماضى، بسبب فتح باب الحجز مساء الأربعاء 17 مارس الماضى، فى الوقت الذى أعلنت فيه أن الحجز يبدأ يوم الخميس 18 مارس فى الثامنة والنصف صباحا. وقال المهندس محمد فوزى، أحد مقدمى البلاغ، إنه سحب كراسة الشروط من الشركة مجانا يوم الثلاثاء 16 مارس، وأن مدير أمن الشركة أكد له أنه سيتم فتح باب تسجيل الأسماء بأسبقية الحضور اعتبارا من الساعة العاشرة مساء اليوم التالى وهو يوم الأربعاء، على خلاف ما نشر فى الإعلان، مشيراً إلى أنه اعترض على ذلك، وقابل رئيس قطاع الشؤون العقارية، الذى أكد له أن التسجيل سيبدأ فى الساعة السابعة صباح الخميس لتسجيل الأسماء بأسبقية الحضور. وأضاف فوزى: «توجهت لمقر الشركة فى العاشرة إلا الربع مساء الأربعاء، فوجدت رئيس قطاع الأمن يسجل الأسماء عند الباب الخلفى للشركة، منذ الساعة السادسة مساءً، كما قال أحد موظفى الشركة، ووجدت الكشف مسجلاً به 27 اسما قبل العاشرة مساء، منهم الستة الأوائل أقارب وهذا مثبت من عقود البيع، فسجلت اسم زوجتى فى الكشف، على أمل الحصول على شقة مميزة كما قيل فى الإعلان، لكننى قدمت شكوى إلى رئيس الشركة، الذى أكد أن رقمى فى الكشف يقضى بحصولى على وحدة سكنية، والتى وجدتها صغيرة المساحة وليست مميزة، فرفضت التعاقد، وقدمت بلاغاً إلى هيئة الرقابة الإدارية». وقالت ليلى حسنى إنها تعرضت للموقف نفسه، حيث إنها ذهبت فى الصباح الباكر يوم الخميس المحدد كموعد للتسجيل، وسجلت اسمها فى الكشف برقم 57، لكنها لم تحصل على شقة، وهو ما يعتبر مخالفة إدارية صارخة من شركة كبيرة، مطالبة رئيس هيئة الرقابة بإلغاء التعاقدات، التى وصفتها بأنها مشبوهة، وإعادة الطرح مرة أخرى بالطرق القانونية تحت مراقبة الهيئة. ووصفت الدكتورة سناء عبدالمنعم، فى بلاغها، ما حدث بأنه إهدار لمبدأ تكافؤ الفرص، مشيرة إلى أنها تنتظر حاليا اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ حقوق المتقدمين، والتأكيد على أنه لم يكن هناك تلاعب فى بيع الوحدات. كانت الشركة أعلنت فى إحدى الصحف القومية عن طرح الوحدات السكنية الموجودة فى البرج (أ) بالمربع 524 بجوار سنترال مصر الجديدة، منتصف الشهر الماضى. ولم تقف البلاغات عند هذا المشروع فقط، وإنما تعدتها «استعدادات» لتقديم بلاغات أخرى للنائب العام لعدد من الحاجزين فى مشروع القرية السياحية «جنة العريف»، بسيدى عبدالرحمن، والتى حجزوا فيها منذ عام 1996، عن طريق أحد المعارض العقارية الكبيرة فى فندق 5 نجوم، ولم يتم تسليمها حتى الآن، وتعد «استعداداتهم» هى الثانية للنائب العام، حيث سبق لهم تقديم بلاغات عام 2008 وتم الحكم على أحد شركاء المشروع بالسجن سنتين وكفالة 2000 جنيه، ولهم عدة قضايا أخرى منظورة أمام المحاكم حالياً. وقال عدد من مقدمى البلاغات إنهم قدموها بعد أن أغلقت جميع الأبواب أمامهم، خاصة أنهم دفعوا مئات الجنيهات فى هذه الوحدات المصيفية المتنوعة بين شاليهات وفيلات، مشيرين إلى أنه تم الإعلان عن المشروع عام 1996، بسعر 500 جنيه للمتر، رغم أن مكان المشروع فى ذلك الوقت لم يكن يباع بهذا السعر، ومع ذلك التزموا بدفع الأقساط التى حددتها إحدى الشركات الثلاث المشاركة فى المشروع. وأضاف المتضررون: «جميعنا كنا مغتربين عن مصر، ودفعنا مبالغ حتى الآن تفوق ملايين الجنيهات، والغريب أن هناك من تعاقد بالفعل على تسليم الوحدة ولم يستطع الحصول عليها، بسبب البلطجية التى وزعها أحد الشركاء فى المكان لمنع دخول أحد»، مشيرين إلى أنه رغم توقف المشروع وفشله حتى الآن فإن أحد الشركاء يحصل على أراض من الدولة فى مدن كبيرة مثل القاهرةالجديدة وينفذها، لافتين إلى أن الشركة التى اشتروا منها عرضت عليهم استبدال هذه الشاليهات بوحدات سكنية فى مدينة القاهرةالجديدة، على أن يدفعوا 200 ألف جنيه للتسليم، لكنهم رفضوا، وتشبثوا ب«أمل» بلاغات النائب العام للمرة الثانية. ولفت الحاجزون إلى أن هناك من أكد لهم أن الموقع الذى حجزوا فيه يتصارع عليه عدد كبير من رجال الأعمال المعروفين وبالتالى من الصعب الحصول على حقهم، حتى ولو كان عن طريق القضاء، إلا أنهم أعربوا عن أملهم فى الحصول على حقوقهم الضائعة منذ نحو 14 عاما. من جانبه، أكد محمود عبدالمنعم، المستشار القانونى للشركة المشكو فى حقها، أن أحد شركاء المشروع استولى عليه بالكامل، وطرد العاملين التابعين للشركتين الأخريين، وهذا مثبت بمحضر رقم 641 لسنة 2005 عرائض نيابة مرسى مطروح، مشيراً إلى أنه تم إثبات اعتداء صاحب الشركة على شاليهات الحاجزين وتغيير معالم المشروع وترقيم الوحدات بأرقام تختلف عن التقسيم للمشروع، ومع ذلك حفظ المحامى العام لنيابات غرب الإسكندرية المحضر، وتم إثبات الواقعة «إدارى» دون معرفة الأسباب وراء ذلك. وفى الوقت الذى قارب فيه المشروع القومى للإسكان الاجتماعى الذى يدخل ضمن برنامج الرئيس مبارك الانتخابى على الانتهاء، عادت مشاكله فى الظهور من جديد، وإن كان هذه المرة بسبب قانون التمويل العقارى، حيث رفض نحو 300 مستفيد من المشروع فى مرحلتيه الثالثة والرابعة، إنهاء إجراءات تسليم الوحدات فى 6 أكتوبر، بسبب ما سموه «الشروط التعسفية» ومنها وجود ضامن، تلقى المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، أول بلاغات ضد المشروع منذ بدايته فى 2006، حيث قدم أحد المستفيدين من مشروع «ابنى بيتك» بلاغاً اتهم فيه جهاز 6 أكتوبر بالتواطؤ مع إحدى الشركات الهندسية ومقاول فى محاولة لسحب الأرض منه. وقال عدد من المستفيدين إن وزارة الإسكان تتشدد فى شروطها عند تسليم وحدات المشروع للمستفيدين والتى قام البعض منهم بحجزها منذ نحو 4 سنوات، مشيرين إلى أن بنك التعمير والإسكان والمختص بحجز وحدات المشروع، لم يعلمهم عند الحجز بضرورة وجود ضامن عند التسليم، وعندما جاءوا للتسليم فوجئوا بأن البنك حول طلباتهم إلى بنك مصر، الذى رفض التسليم إلا مع وجود الضامن أو دفع 30 ألف جنيه نقدا. واعتبر المستفيدون أن هذا الشرط تعسف من قبل مسؤولى البنك والوزارة، لافتين إلى أن حاجزى المرحلتين الأولى والثانية لم تطبق عليهم هذه الإجراءات، مؤكدين فى الوقت نفسه أن مثل هذا الشرط يهددهم بعدم الحصول على الوحدة السكنية، خاصة أن الكثيرين يتخوفون من ضمان أى شخص حتى ولو كان من الأقارب. من جانبه، أكد المهندس صلاح حسن، نائب مدير المشروع، أن شرط الضامن يعد أحد بنود قانون التمويل العقارى الذى يتم تطبيقه على وحدات المشروع القومى، نافيا أن يكون هذا الشرط تم تطبيقه على مستفيدى المرحلتين الثالثة والرابعة فقط، دون الأولى والثانية. وقال حسن: «قانون التمويل العقارى لا يسمح بعدم وجود ضامن عند الحصول على وحدة سكنية سواء فى المشروع القومى أو غيره من مشروعات الإسكان»، مشيرا إلى أن هؤلاء المستفيدين يحق لهم التفاوض مع البنوك المشاركة فى المشروع لمعرفة البدائل التى قد توافق عليها هذه البنوك، كما فعل من قبل بنك التعمير والإسكان، الذى تساهل مع شرط الضامن مقابل شروط أخرى وفقا لإجراءاته، وبما لا يخل بالقانون، مشدداً على أن الوحدات لن تباع لغير الحاجزين وسيتم تأجيل التسليم لحين توفيق أوضاعهم. على صعيد متصل، قدم الحسينى محمد فتحى البغدادى، أول بلاغ للنائب العام ضد جهاز مدينة 6 أكتوبر بسبب الأرض الخاصة به فى مشروع «ابنى بيتك»، اتهم فيه الجهاز بالتواطؤ مع إحدى الشركات الهندسية ومقاول بناء، لإثبات حالة الغش التى قام بها مسؤول الشركة فى بناء الأرض الخاصة به، فى محاولة لسحب الأرض منه، رغم أن أحد الأساتذة فى كلية الهندسة - جامعة القاهرة ويعمل مستشارا لمحافظ الجيزة أثبت هذا التلاعب فى البناء. وأكد مصدر مسؤول أن البلاغ لا يدين الوزارة أو جهاز المدينة وإنما هى قضية «قلة ضمير»، مطالبا صاحب البلاغ بسرعة البناء مع شركة أخرى قبل انتهاء المدة المحددة له وإلا سيتم سحب الأرض منه.