ب19 معمل ترميم و52 ألف قطعة أثرية.. خبراء: المتحف الكبير يجسد عبقرية المصري القديم ورؤية الجمهورية الجديدة

يترقب العالم بعد أيام افتتاح المتحف المصري الكبير، المقرر يوم السبت 1 نوفمبر 2025، وسط احتفالية كبرى تمتد لثلاثة أيام متتالية، يحضرها عدد من الرؤساء والملوك من جميع الدول، حيث من المرتقب أن يستقبل المتحف المصري الكبير الجمهور رسميًا اعتبارًا من يوم الثلاثاء 4 نوفمبر 2025، عقب الانتهاء من مراسم الافتتاح الرسمية وبرامج العروض والفعاليات.
قال محمد حمزة إسماعيل الحداد، المؤرخ وخبير الآثار الدكتور، عميد كلية الآثار ومساعد رئيس جامعة القاهرة السابق، إن افتتاح المتحف المصري الكبير، والذي يعد صرحا معماريا وأثريا وفنيا يقدر الحضارة المصرية للعالم في القرن الحادي والعشرين، مؤكدًا أن المشروع يعد أحد أبرز إنجازات مصر الحضارية والفنية في العصر الحديث.
وأشار الحداد في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم»، إلى أن المتحف يعكس العمق الحضاري والتاريخي لمصر، التي تعد من أقدم الحضارات الإنسانية وأكثرها استمرارية على مدار أكثر من ستين ألف سنة، من عصور ما قبل التاريخ وحتى الدولة المصرية القديمة وفترة الإسكندر الأكبر.
وأضاف أن المتحف سيعرض ثروة هائلة من منجزات الحضارة المصرية عبر العصور، ويجسد قدرة مصر على الجمع بين الأصالة والمعاصرة في آن واحد، موضحا أن عبقرية مكان المتحف تأتي من موقعه المتميز على هضبة الأهرامات، بالقرب من أعظم عجائب الدنيا السبع القديمة، وخاصة الهرم الأكبر للملك خوفو، حيث يبعد المتحف نحو 3.2 كيلومتر عن الأهرامات، ما يجعله جزءًا من المشهد الحضاري الفريد للجيزة.
وتابع: «المتحف يعكس القوة الناعمة لمصر، فهو يجمع بين أصالة الموقع التاريخي وتطبيق أحدث التقنيات العلمية في التصميم وطرق العرض والإنارة، كما يضم مركز ترميم متقدمًا يضم 19 معملًا متخصصًا وحاصل على شهادة (ISO) العالمية».
وأكد الحداد أن المتحف يضم أكثر من 52 ألف قطعة أثرية معروضة حاليًا، مع تصميم لاستيعاب أكثر من 100 ألف قطعة مستقبلًا، من أبرزها مجموعة توت عنخ آمون التي لم تُعرض كاملة من قبل، والتي تضم أكثر من 5.500 قطعة أثرية، بالإضافة إلى تماثيل ضخمة وآثار حجرية مهمة مثل البهو الرئيسي لرمسيس الثاني وعمود مرن بتاح، والمجموعة الخاصة بالملك خوفو، والمسلة المعلقة وغيرها من الكنوز التي تبرز براعة المصري القديم في الفن والهندسة والنحت.
وأضاف الحداد أن المتحف لن يكون مجرد مكان لعرض الآثار، بل سيكون مركزًا حضاريًا متكاملًا، يضم قاعات سينما ومؤتمرات، مكتبات، مرافق ترفيهية، وممشى سياحيًا يربط المتحف بالأهرامات، إلى جانب مواقف سيارات واسعة وشبكة طرق ومحاور مرورية رئيسية تسهّل الوصول إليه من شوارع هرم وفيصل والطريق الصحراوي وطريق الفيوم والمحور الدائري ومطار سفنكس.
وأكد الحداد أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح أثري، بل مشروع حضاري وسياحي وثقافي متكامل، يجسد الهوية المصرية، ويضع مصر في مقدمة الدول التي توظف التراث الحضاري في خدمة التنمية السياحية والثقافية الحديثة.
فيما أكد مجدي شاكر، كبير الأثريين، أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل نقلة حضارية وثقافية غير مسبوقة، تعكس قوة مصر الناعمة وقدرتها على صياغة مشروع فكري متكامل يربط بين ماضيها المجيد وحاضرها المزدهر في إطار «الجمهورية الجديدة».
وأوضح شاكر ل«المصري اليوم »، أن المتحف لا يُعد مجرد مبنى ضخم أو حدث احتفالي يقتصر على عرض الكنوز الأثرية، بل هو رسالة فكرية عميقة موجهة إلى العالم تؤكد أن مصر، رغم ما يشهده العالم من تحديات اقتصادية وجيوسياسية، ما زالت قادرة على قيادة المشهد الحضاري والفكري، تمامًا كما كانت في عصورها الذهبية.
وأشار إلى أن المتحف المصري الكبير، الذي يُعد الأكبر من نوعه في العالم، تم إنشاؤه في واحدة من أهم المناطق الأثرية عالميًا بالقرب من أهرامات الجيزة، ليقدم تجربة متكاملة تجمع بين عبق التاريخ وروح الحداثة.
وأضاف أن تصميم المتحف ومقتنياته يعكسان رؤية الدولة في إبراز تواصل الحضارة المصرية عبر العصور، وترسيخ الهوية الوطنية في قالب معاصر يليق بمكانة مصر، متابعا: إن ما يميز هذا المشروع العملاق أنه يقدّم للعالم صورة شاملة لمصر الحديثة، بما تمتلكه من مقومات حضارية وتنموية، من العاصمة الإدارية إلى المشروعات القومية الكبرى، مؤكدًا أن المتحف يجسد رؤية مصر في أن تكون حاضنة للثقافة والفكر والسلام.
وأضاف كبير الأثريين أن المتحف يضم أكثر من 57 ألف قطعة أثرية تمثل محطات متنوعة من تاريخ مصر الممتد منذ مئات الآلاف من السنين، بينها أقدم قطعة أثرية في العالم وهي «الفأس الحجرية» التي اكتُشفت في صحراء العباسية، إلى جانب تمثالين نادرين من الخشب المغطى بالذهب عُثر عليهما في تل الفرخة بمحافظة الدقهلية، يعود تاريخهما إلى ما قبل توحيد القطرين بستة آلاف عام.
وأوضح أن المتحف المصري الكبير ليس فقط مشروعًا ثقافيًا، بل هو أداة استراتيجية لاستعادة الهوية الوطنية في ظل ما وصفه ب حروب الفكر والهوية، التي تشهدها المنطقة، مؤكدًا أن من يمتلك الفكر والوعي هو من يمتلك الأرض والمستقبل.