بين ضفاف التاريخ العريق وأحلام الحاضر الممتد إلى المستقبل، يقف المتحف المصري الكبير كأيقونة حضارية وثقافية طال انتظارها. فهذا الصرح العالمي، الذي شُيِّد ليكون أضخم متحف للآثار المصرية في العالم، يتهيأ أخيرًا لاستقبال زائريه بكنوز نادرة لم تُعرض من قبل. قبل أسابيع قليلة من الافتتاح الرسمي، أزاح المتحف الستار عن عدد من القطع الأثرية الفريدة، لتكون بمثابة نافذة أولى على ما ينتظر العالم من روائع الحضارة المصرية القديمة في أبهى صورها. ويأتي هذا الحدث في ظل استعدادات غير مسبوقة على المستويين المحلي والدولي، حيث تتابع الحكومة المصرية والجهات المعنية أدق التفاصيل التنظيمية والفنية، لضمان أن يكون الافتتاح حدثًا عالميًا يليق بتاريخ مصر الممتد لآلاف السنين. ◄ خلفية عن المشروع بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير منذ تسعينيات القرن الماضي، لتوفير مساحة ضخمة تستوعب الكنوز الأثرية المتزايدة التي لم تعد المتاحف التقليدية قادرة على احتوائها. وفي عام 2002 وُضع حجر الأساس للمشروع على مساحة تبلغ نصف مليون متر مربع بالقرب من أهرامات الجيزة، بتمويل مشترك بين الدولة المصرية وقروض ميسرة من اليابان. منذ ذلك الحين، تعاقبت مراحل الإنشاء والتجهيز، حتى أصبح المتحف اليوم واحدًا من أكبر المشاريع الثقافية في العالم، بتكلفة تجاوزت 1.2 مليار دولار. ويضم تصميمه الحديث مساحات عرض مبتكرة، ومراكز أبحاث، وقاعات تعليمية، ومرافق سياحية متكاملة. ◄ تحضيرات الافتتاح الكبير ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعات متواصلة لمتابعة التحضيرات النهائية للحدث. شملت الاجتماعات وزراء ومسؤولين بارزين من وزارات السياحة والآثار والخارجية، إلى جانب رؤساء هيئات السياحة والترويج، وممثلين عن شركة أوراسكوم المتحدة المكلفة بالتنظيم. وأكد مدبولي أن الحكومة تضع هذا الافتتاح على رأس أولوياتها، بوصفه "رسالة حضارية" من مصر إلى العالم، وتم استعراض ملفات عديدة، منها: - استكمال تطوير الساحات الخارجية والممشى السياحي الرابط بين المتحف ومنطقة الأهرامات. - تنفيذ الإنارات الذكية لتوفير تجربة ليلية استثنائية للزوار. - متابعة أعمال الهوية البصرية الخاصة بالمتحف. - تنسيق إرسال الدعوات الرسمية لكبار الشخصيات العالمية لحضور الحفل. ◄ برنامج الحفل المرتقب من المتوقع أن يكون حفل الافتتاح واحدًا من أضخم الفعاليات الثقافية في العالم، حيث سيجمع بين الفن والتاريخ والتكنولوجيا. وتشير المصادر إلى أن البرنامج سيشمل: - عروضًا ضوئية وموسيقية باستخدام أحدث تقنيات الصوت والليزر. - مشاركة فنانين عالميين ومصريين في لوحات فنية تجسد الحضارة المصرية. - بثًا مباشرًا للحفل بلغات متعددة عبر قنوات عالمية. - حضور وفود رسمية وشخصيات دولية بارزة، بينها ممثلو منظمة اليونسكو. ◄ أبرز الكنوز الأثرية في المتحف يضم المتحف المصري الكبير ما يزيد على 100 ألف قطعة أثرية تغطي مختلف العصور المصرية القديمة، ومن أبرزها: - مجموعة توت عنخ آمون الكاملة: والتي تضم أكثر من 5,398 قطعة، تُعرض لأول مرة منذ اكتشافها عام 1922 على يد هوارد كارتر. - تمثال رمسيس الثاني: الذي يتصدر البهو الرئيسي بارتفاعه المهيب الذي يستقبل الزوار. - المراكب الملكية: زورقان ملكيان اكتشفا بجوار الهرم الأكبر عام 1954، يعكسان براعة المصريين القدماء في البناء البحري. - الكنوز الذهبية والعاجية: مثل القناع الذهبي الشهير، والكراسي الملكية، والتوابيت المزخرفة. ◄ تصميم معماري عالمي حازت شركة "هينيغان بينغ" الأيرلندية على شرف تصميم المتحف، حيث قدمت رؤية معمارية تمزج بين الأصالة المصرية والحداثة العالمية. ويتميز التصميم بواجهات زجاجية وحجرية ضخمة، ومساحات داخلية مفتوحة تسمح بعرض القطع في بيئة تفاعلية. اقرأ أيضا| بالصور.. مصر تضع اللمسات الأخيرة قبل افتتاح المتحف المصري الكبير كما زُوّد المتحف بأنظمة تكنولوجية متقدمة لعرض القطع الأثرية بطريقة تحاكي الواقع الافتراضي، ليتيح للزوار تجربة تعليمية وثقافية متكاملة. ◄ أهمية دولية واقتصادية لا يقتصر دور المتحف على كونه مخزنًا للآثار، بل يُعد مشروعًا استراتيجيًا لتعزيز مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية. فمن المتوقع أن يجذب المتحف ملايين الزوار سنويًا، مما يسهم في دعم الاقتصاد المصري وتنشيط السياحة الثقافية. كما يمثل المتحف منصة دولية للحوار الثقافي والعلمي، حيث سيحتضن مؤتمرات وأبحاثًا وورش عمل مشتركة مع كبرى الجامعات والمراكز العلمية. ◄ شهادات وردود فعل أعرب عدد من الخبراء الدوليين عن إعجابهم بالمشروع، إذ وصفته منظمة اليونسكو بأنه "أضخم مشروع ثقافي يشهده العالم في القرن الحادي والعشرين". فيما أكد مؤرخون غربيون أن افتتاح المتحف يمثل نقلة نوعية في حفظ وعرض التراث المصري. على الصعيد المحلي، عبر المواطنون عن فخرهم بالمتحف الذي يعكس قوة مصر الناعمة وريادتها الحضارية. يقف المتحف المصري الكبير اليوم كجسر يربط بين الماضي العريق والحاضر المتجدد والمستقبل الواعد. ومع اقتراب لحظة الافتتاح الرسمي، تترقب أنظار العالم أجمع ما سيقدمه هذا الصرح من تجربة ثقافية فريدة، تفتح صفحة جديدة في سجل الحضارة المصرية الممتد عبر آلاف السنين.