«حرب أكتوبر» على خريطة الترندات .. كيف يقرأ المصريون انتصارهم فى ذاكرة «جوجل»؟

حين كتب فؤاد حداد: «أجمل ما فى الدنيا.. أكتوبر اللى انتقم ليونيه»، كان يعبر عن وجدان أمة، أكثر مما كان ينظم بيتًا من الشعر.
وبعد أكثر من نصف قرن، يأتى «جوجل» ليخبرنا بالأرقام لا بالشعر أن المصريين على موعد مستمر لاستدعاء تلك اللحظة فى ذاكرتهم الرقمية.
من 2004 إلى 2025.. أرشيف مفتوح
منذ عام 2004 وحتى أكتوبر 2025، تواصل مؤشرات «جوجل» الخاصة بعالم الترندات رصد كلمة «حرب أكتوبر».
ما ستراه عبر هذه السطور رحلة ممتدة منذ بواكير الألفية الرقمية، حين أصبح الويب موسوعة مفتوحة تزدحم بالصور والمقاطع والوثائق، لكنها تكشف أيضًا أن المصريين ما زالوا يقرأون ماضيهم عبر شاشة الحاضر.
خريطة المحافظات.. من الوادى إلى سيناء
فى عالم الويب الرقمى كانت ترتيب المحافظات المصرية التى تبحث عن «حرب أكتوبر» يشهد صدارة من الوادى الجديد، ثم كفر الشيخ ودمياط وأسيوط، والبحيرة خامسًا.
ومن بعدهم أسوان والفيوم وبنى سويف والمنوفية، فيما جاءت الشرقية عاشرًا.
وتتوالى المراكز بوجود قنا والدقهلية والغربية وسوهاج، فالسويس والإسماعيلية والمنيا. أما شمال سيناء فكانت فى الترتيب رقم 18 ثم بورسعيد (19)، والجيزة (20)، والقليوبية (21).
وحين تبحث عن العاصمة المصرية القاهرة، ستجدها فى المركز 22، قبل الأقصر والبحر الأحمر والإسكندرية ومطروح، بينما ختمت جنوب سيناء القائمة.
وراء الأرقام.. موضوعات تتكرر
قوائم البحث ذات الصلة ب«حرب أكتوبر» لم تقتصر على اسم العبارة فقط.
بل جاءت محملة بذكريات مدرسية بين موضوعات تعبير، وإذاعات مدرسية صباحية، ورسومات بألوان النصر، وكلمات إلقاء أمام زملاء الفصول.
كما امتد البحث إلى صور المعركة، وخطابات الرئيس الراحل محمد أنور السادات صاحب قرار الحرب والحائز على جائزة نوبل للسلام، واسم الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان الجيش المصرى وقت المعركة، فى تعبير يجسد لقطات من محطات لذاكرة شعب لا تزال تعيد إنتاج نفسها عبر جيل بعد جيل فى أرجاء المحروسة التى تعيش مع حلاوة النصر ببسالة رجال سطروا البطولة التى أفقدت العدو توازنه فى 6 ساعات.
وقائمة البحث لم تخل من التنقيب عن النتائج المترتبة عن ذلك التاريخ المشرف الذى سجلته مصر فى «يوم الغفران» 6 أكتوبر 1973 الذى تتجرع فيه تل أبيب آلام الهزيمة فى كل عام.
ولم تغب عن المشهد مدينة 6 أكتوبر التى حملت اسمها تيمنًا بهذا التاريخ العظيم الذى سجل ملاحم البطولات المصرية التى حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يُقهر.
كل ما قرأته فيما مضى يتعلق بما يدور فى دماغ المصريين حين يبحثون عن حرب أكتوبر فى نطاق الويب.. فماذا عن عالم الفيديو؟
من الويب إلى الفيديو.. ذاكرة مصوّرة
مع بداية 2008، يدخل «يوتيوب» المشهد فى قائمة مؤشرات «جوجل» لعالم الترندات وفق البيانات التى يتيحها وتراها مكتوبة ومصممة بصريًا وقت كتابة تلك السطور.
وهنا تتصدر المنوفية مؤشرات البحث عن «حرب أكتوبر»، تليها كفر الشيخ وجنوب سيناء ودمياط والشرقية ثم البحيرة فى المركز السادس.
قبل أن تتوزع المراتب التالية بين الدقهلية وقنا والفيوم والغربية وسوهاج والسويس وأسيوط والمنيا والبحر الأحمر.
أما القليوبية فجاءت فى المركز 16، ثم الإسكندرية عروس البحر المتوسط، ومن بعدها الإسماعيلية، وبنى سويف، وشمال سيناء فى المركز ال(20)، والجيزة، ثم القاهرة فى نفس المركز رقم (22)، الأقصر، وأخيرًا بورسعيد.
الفيديوهات وقائمة ما يبحث عنه المصريون
كما فى الويب، تظهر قائمة البحث مع عالم الفيديوهات قائمة بالعديد من الموضوعات بينها مدينة 6 أكتوبر، رسومات واحتفالات، وثائقيات وأفلام عن خط بارليف، خطابات السادات، وشخصية الشاذلى بمذكراته ولقاءاته، وقصائد شعرية تخلد المعركة.
حتى كلمة «دبابة» دخلت إلى قائمة البحث عن المقاطع المصورة الخاصة ب«حرب أكتوبر».
وكأن المصريين يعيدون صياغة نصهم الوطنى من جديد عبر شاشة صغيرة فى هواتفهم والأجهزة الإلكترونية المتاحة لديهم.
لغة رقمية
هذه ليست مجرد قصة مكتوبة ومدفوعة بالبيانات الرقمية بل تحمل لغة لها دلالتها وتفسيرات يدور حولها النقاش.
فعندما يستخدم طالب فى الفيوم المحرك العملاق «جوجل» بشأن «موضوع تعبير أكتوبر»، أو يبحث شاب من دمياط عن «خطاب السادات»، أو يطلب أحد أبناء الجيزة «وثائقى خط بارليف»، فإن ما يحدث ليس مجرد نقرات على لوحة مفاتيح، بل عملية استدعاء مستمرة لذاكرة وطنية تحتفى بأمجد أيام التاريخ فى مصر.
وإذا كانت إسرائيل تستحضر «يوم الغفران» كذكرى لديها بمحاولات طمس وتحريف، فإن مصر تستعيد حرب أكتوبر 1973 وأيامها التى أطاحت بأسطورة «الجيش الذى لا يُقهر».