قال الدكتور سعيد توفيق، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة الأسبق، إن تيار الفلسفة العلمية على طريقة الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل وما تمخّض عنها من الوضعية المنطقية أثرت في عدد من مفكري الوطن العربي، فقد كان المفكر زكي نجيب محمود أشد أنصار هذا التيار في مصر، ومن خلاله نشأ جيل من التلاميذ تأثروا بهذا التيار في واقع الثقافة المصرية. وأضاف توفيق، خلال حواره مع الإعلامية قصواء الخلالي ببرنامج «في المساء مع قصواء»، المذاع على فضائية «CBC»، اليوم الجمعة، أنه لا حضور لتيار الوضعية المنطقية الآن في الفكر والثقافة والغربية، مشيرًا إلى أن زكي نجيب محمود تحرر من تأثيرها فيما بعد. وحول الأنماط الفلسفية الأكثر شيوعا في أوروبا الآن، تابع أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن التيار الهايدغري نسبة إلى الفيلسوف مارتن هايدغر من أهم الأنماط السائدة، ويعتبر هذا الفيلسوف أحد فلاسفة القرن العشرين، ورغم أن عمره لم يكن طويلا مقارنة براسل إلا أن تأثيره كان أعظم في الفكر المعاصر، فمنه انبثقت الوجودية وتيار التأويل الفلسفي الذي أسسه جادامار وعاش 102 سنة، إذ أصبحت لهذه التيارات تأثيرات كبيرة في الفلسفة والثقافة وخارج حدود هذه المجالات في الأدب والفن واللسانيات والعلوم الإنسانية عموما. وأشار سعيد توفيق إلى أن عمق الفكر الفلسفي يقاس بمدى تأثيره في الفلسفة وقدرته على الامتدادا خارجها إلى مجال العلوم الإنسانية في معظمها: «راسل فيلسوف موسوعي ولا يشق له غبار، لكنه يظل محدودا في مجال العلم وفلسفة العلم وفلسفة الرياضيات لكن لا انعكاس له خارج هذه الأطر». وأكد أن راسل كان يعتقد أن الفلسفة العلمية هي الفلسفة الوحيدة المشروعة، حيث يجب أن تعتمد المنهج العلمي في الفيزياء والرياضيات، وهو خطأ كبير، إذ إن هايدغر تحدث عن فلسفة الوجود بوجه عام، وتحدث آخر عن نهج دراسة الظواهر الإنسانية بوجه عام، لذلك فإن هذه المناهج مازالت صالحة للعلوم الإنسانية مثل الاجتماع.
