[email protected] أخيرًا تألفت الوزارة الجديدة. وضعت حدًا للشائعات التى ملأت الجو السياسى طوال الشهور الماضية، ولم تترك مسؤولًا فى مقعده. كان التأليف مفاجأة، فقد بقى الوزراء الذين أكدت الشائعات أنهم سيخرجون من الوزارة، وخرج الذين كان منتظرًا بقاؤهم. كنا نتمنى أن تؤلَّف الوزارة الجديدة من سياسيين حتى نبدأ عهدًا ديمقراطيًا جديدًا. لكن يبدو أنه تم البحث من حولنا عن سياسيين فلم يوجد. يبدو أنهم قد انقرضوا بسبب غياب الديمقراطية لسنوات طويلة، وضعف أداء البرلمان الذى يُعتبر فى جميع أنحاء العالم الديمقراطى جامعة يتخرج فيها السياسيون، فهم يولدون من خلال المناقشات البرلمانية ومعارك الرأى وتصادم الأفكار. ولكن- للأسف- أصبح الوزير يدخل الوزارة، ويخرج منها دون أن نتذكر اسمه أو نعرفه لأننا لم نسمع له رأيًا أو اتجاهًا أو سياسة محددة. وكانت النتيجة أن خلَت البلاد من السياسيين وأصحاب التجربة. وفى نفس الوقت سُد الطريق أمام الشباب، صاحب الشخصية القوية المتعلم، الذى يعرف تاريخ بلاده الحقيقى، وقصة نضال شعبه على مدى التاريخ.. ولذلك يتمسك برأيه ولا يمشى فى الطابور. أتمنى أن يسود بين أعضاء الوزارة الجديدة الانسجام، ولا تحدث خلافات بين أعضائها.. لكننى فى نفس الوقت أتمنى ألّا تكون الوزارة الجديدة وزارة تقارير، فيُقدم وزير الخارجية فى اجتماع مجلس الوزراء تقريرًا عن الشؤون الخارجية، يليه تقرير يقدمه وزير التموين، ثم تقرير تقدمه وزيرة التضامن. نريد أن يناقش مجلس الوزراء السياسة العامة ولا ينشغل بالمسائل الروتينية. نتمنى أن نحصر أعمال المجلس فى القضايا التى تتعلق بمعاناة الشعب وبالإصلاح وبتحقيق ديمقراطية أكبر للأمة. عزيزى الوزير الجديد: أرجو ألّا تنسى، فور دخولك مكتبك، أنك وزير مؤقت، وأنه لا توجد مناصب دائمة، ولا وزراء مدى الحياة. تَذَكّر أنك ستخرج من الوزارة فى يوم قريب أو بعيد. اكسب الناس ولا تخسرهم. لا تُشْقِهم بظلمك، لكن أَسْعِدْهم بعدلك. ابعد عن المحسوبية، فلا تجامل أقاربك وأنسباءك بامتيازات وسلطات منصبك، فإن مصارع الكثيرين ممن سبقوك كانت بسبب الأصهار والأقارب والأصدقاء. لا تنسَ أبدًا أنك وزير الأمة، الذى يخلع مصالحه وأغراضه الشخصية على باب الوزارة! احذر الذين ينافقونك ويلقون بين يديك قصائد المديح، فهؤلاء يُضلِّلونك ويضعون عصابة على عينيك. الأفضل لك أن تُقرب الذين يواجهونك بأخطائك، ويعترفون بفضل مَن سبقوك. حاول أن تقترب من الخبراء والمتخصصين وأصحاب التجارب لأنهم الدروع التى سوف تحميك من السقوط فى هاوية الغرور! افتح بابك للمظلومين. ولا تفكر أن تتعالى بسلطانك على الناس، خاصة البسطاء منهم. كثيرون ممن أهملوا شكاوى الناس وتجاهلوا أنينهم لقوا نفس المصير بعد زوال المنصب! اهتم بالصغير قبل الكبير.. ولا تَخَفْ أن تعمل وتخطئ، فخطأ العاملين أشرف من صواب الكسالى. مبروك يا معالى الوزير!
