التقيت بهما فى جلسة من جلسات البلاج بالساحل الشمالى، شابين فى مقتبل العمر.. تزوجا منذ حوالى عشر سنوات وأنجبا طفلين. هو ناجح فى عمله ولكنه يشكو أن زوجته متذمرة لأنه يعمل كثيرًا، وتقول له إنها كانت تُفضل أن ينجح أقل ويعمل أقل، فهى متفرغة له وللابنين ولا تعمل.. وترى أنها يمكن أن تكون أسعد حالًا لو كان متوسط النجاح، ويمضى معها وقتًا كافيًا يُحدِّثها ويُناجيها ويهتم بمشاكل الأسرة. يراها زوجة أنانية تصلح أن تكون زوجة موظف حكومة، يعود إلى بيته فى ميعاد منتظم كل يوم حاملًا البطيخة والجرنال، لا زوجة موظف ناجح يسعى للوصول إلى أعلى المناصب. قال الشاب: كنت أتمنى أن تحب زوجتى عملى وتحترم مهنتى، فإنى كنت أتصور أننا شخص واحد نعمل معًا لإسعاد أسرتنا الصغيرة. أنا أضحى من أجلها وهى تبادلنى التضحية، فلا تنتظر منى أن أترك مهام الوظيفة لأستصحبها فى زيارات ودعوات أقاربها أو أصدقائها. أحيانًا أُفاجَأ بموعد عمل ضرورى، يضطرنى لتأجيل فُسحة أو سفرية معها أو مع الابنين!. كنت أتصور أن تفهم أن النجاح لا يأتى على طبق ذهب، وتفهم أنه نتاج كفاح وعمل شاق متواصل، يتطلب تركيزًا واهتمامًا وانشغالًا. يحدث أحيانًا أن تحدث مشكلة فى العمل لا تنتهى بعودتى إلى البيت، فتغضب زوجتى إذا رأَتْنى سارحًا أو منشغلًا عن أحاديثها، وتتوهم أننى أمُر بحالة حب جديدة، ولا تخطر على بالها الضغوط التى أتعرض لها لكى أوفر لها ولولدينا مستوى المعيشة الذى تريده، فتفكيرها غالبًا ما يذهب إلى تفاهات وأفكار لا تخطر لى على بال!. العمل عند الرجل الناجح ليس له ساعات محددة. هو شىء مقدس يستولى على عقله وكيانه، وقد يُنْسِيه كل شىء حوله. ويجب أن تفهم الزوجة العاقلة هذه الحقيقة وتحترمها، بل عليها أن تُظهر رضاها عنها لأنه لو شعر بأنها تكره عمله أو تغار من نجاحه سوف يكرهها هى ويتوهم أنها عقبة فى طريق تقدمه وانطلاقه!. قلت له: أتفق معك فى معظم ما قلت، ولكنى لا أريدك أن تنسى أن زوجتك ليست ملاكًا من السماء، عليها واجبات وليس لها حقوق. صحيح أنها قررت ألا تعمل وتتفرغ لك وللبيت وللابنين.. ولكن من حقها أن تستمتع بالحياة معك ومع ابنيها. من حقها أن تشعر بالحنان والحب والاهتمام مهما تقدم بكما العمر. ليس مهمًا كم الوقت الذى تقضيه معها ولكن نوع الوقت، فيمكن أن تأخذها فى إجازة قصيرة من وقت لآخر، أو تدخل عليها بهدية فى المناسبات، أو تجاملها بكلمة حلوة فى الوقت المناسب. المهم أن تحاول أن تُنْسِيها عذاب الانتظار والوحدة والقلق. الاهتمام والحنان يجعلان الزوجة تصبر ويعوضانها عن حرمانها من زوجها لساعات طويلة.. ولا تنسَ أبدًا أن وراء كل رجل ناجح امرأة تدفعه إلى الأمام أو تشده إلى الخلف!. Safia [email protected]
