العاقل لا يدخل محكمة!

لا نريد أن نعتمد فى كل شىء على رئيس الجمهورية، ولا نجد العدل إلا عنده. لا ينفع أيضاً أن نقرأ كل يوم استغاثة بالرئيس من ذوى الحاجات، يطلبون منه التدخل شخصياً لإنصافهم.
هذا شىء لا مثيل له فى بلاد العالم المتحضر، فرئيس الدولة وحده لا يستطيع أن يفعل كل شىء، فإذا تعرض مواطن لمظلمة فى الوجه القبلى أو البحرى، فعليه أن يعيد له حقه ويُقيله من عثرته. المفروض أن يكون القانون هو ملاذنا جميعاً. الرئيس مشغول فى مسائل كبيرة تستغرق كل وقته واهتمامه، والوصول إلى الوزير والمحافظ أسهل. ويجب أن يكون ضمن واجباتهم الأساسية الاستماع إلى شكوى المواطن والعمل على حلها. كل شكوى يجب أن تُبحث وتُدرس ويُبَتّ فيها فوراً، فلا نطلب من المواطن «أن يفوت علينا بكرة» لأننا كلنا نعلم أن «بكرة» لن يجىء. يجب أن يتم تخصيص موظفين فى كل وزارة ومصلحة لبحث شكاوى المواطنين لحظة وصولها، فلا يضطر المظلومون إلى التسكع بين المصالح والإدارات، فيتوهون بين صغار الموظفين وكبارهم، ليسمعوا وعوداً لا تُنفذ وقرارات لا تصدر.
القانون يجب أن يكون ملاذ الناس جميعاً، فهو المحامى الذى يدافع عنهم، وهو القاضى الذى يحتكمون إليه. ولكى يكون القانون محترماً، يجب أن يكون واضحاً مفهوماً، وأن يجىء من تحت، ولا يُفرض من فوق، فالقانون العادل يُطبق على الجميع لا على فئة معينة من الناس. وليس فى القانون وساطة ولا استثناء، وإلا أصبح القانون فى إجازة!.
المواطن البسيط يصعب عليه الوصول إلى صاحب القرار.. إذن، فالحل الحاسم لمشاكله هو القانون العادل، الذى يصبح رسوله إلى الحاكم ووسيطه إلى الحكومة!.
كل القضايا فى مصر تتحرك بنفس بطء السلحفاة، والمواطن يحتاج لأن يعيش مائة سنة لينال حقه.. فليس معقولاً مثلاً أن يأتى شخص ويستولى على بيتك، فترفع قضية أمام المحاكم وتبقى عشرات السنين، ويظل المغتصب يعيش فى بيتك وأنت تعيش فى الشارع. وإذا تحددت جلسة يطلب خصمك التأجيل، وإذا صدر حكم يقدم استئنافاً، وإذا رُفض يطلب رد القضاة.
العاقل فى بلدنا لا يدخل محكمة.. لأنه إذا دخل محكمة فلن يخرج منها!.
Safia_mostafa_amin@yahoo.com