العراق يسحق «داعش» فى «تلعفر»

فى انتصار جديد للعراق خلال معركته ضد تنظيم «داعش»، أعلن رئيس الوزراء العراقى، حيدر العبادى، «تحرير» مدينة تلعفر من سيطرة «داعش»، والتى تُعتبر آخر معاقله فى محافظة نينوى، وقال: «ها قد اكتملت الفرحة وتم النصر وأصبحت محافظة نينوى بكاملها بيد قواتنا البطلة»، وأكد عزم العراق على المضى للقضاء على جميع عناصر التنظيم على أراضيه.
وكانت القوات العراقية أطلقت الأسبوع الماضى معركة تحرير المدينة، بعد تحرير الموصل مركز محافظة نينوى من سيطرة التنظيم، وقال العبادى فى بيان وجهه للشعب العراقى: «أعلن لكم أن تلعفر الصامدة التحقت بالموصل المحررة وعادت إلى أرض الوطن، حيث تم خلال الأيام الماضية القضاء على إرهابيى (داعش) وسحقهم فى العياضية والمناطق الأخرى وعدم السماح لهم بالهرب»، وأضاف: «لقد تحررت تلعفر العزيزة وارتفعت راية العراق مرة أخرى بسواعد المقاتلين العراقيين الأبطال من الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب والحشد الشعبى والرد السريع وأبناء تلعفر»، ووجه العبادى رسالة لعناصر «داعش»، قائلاً: «أينما تكونوا فنحن قادمون للتحرير وليس أمامكم غير الموت أو الاستسلام».
من جهتها، نقلت قيادة العمليات المشتركة العراقية عن قائد عمليات «قادمون يا تلعفر»، الفريق الركن عبدالأمير رشيد يار الله قوله: «بهذا النصر الكبير تنتهى عمليات تحرير تلعفر وإكمال تحرير محافظة نينوى بالكامل».
وتشكل استعادة تلعفر، التى تحظى بموقع محورى بين الموصل والحدود السورية، انتصارا جديدا فى المعركة لانتزاع الأراضى التى سيطر عليها التنظيم فى العراق وسوريا منتصف 2014، ولايزال «داعش» يسيطر على منطقة الحويجة فى كركوك، ومنطقة القائم الحدودية مع سوريا فى الأنبار غرب العراق.
فى غضون ذلك، بدأ العد التنازلى لإجراء إقليم كردستان العراق استفتاء حول «الاستقلال» أو البقاء مع الأراضى العراقية، والمقرر إجراؤه فى 25 من سبتمبر المقبل، رغم تزايد المعارضة المحلية والدولية للاستفتاء غير الملزم، والذى تكمن أهميته فى أنه يشكل نواة لإقامة دولة مستقلة كحلم يسعى الأكراد إلى تحقيقه منذ نال الإقليم المكون من 3 محافظات فى شمال العراق حكما ذاتيا، عام 1991، لكن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزانى أكد أنه «لن يؤجل التصويت دقيقة واحدة».
كان العبادى وصف الاستفتاء بأنه «أكثر من خطير وسيخلق مشاكل جديدة، ولا يقتصر الأمر على عدم قانونية الاستفتاء، بل يتعداها إلى خلق مشاكل جديدة»، مشددا على أن أى خطوة جديدة يجب أن تكون ضمن الدستور العراقى، الذى يعتبر ميثاقا وطنيا للجميع، ولفت إلى أن مصالح الأكراد «لا تكمن فى الانفصال والخروج من وحدة العراق، ولاسيما بوجود الفيدرالية الحاكمة».
ودعا عادل مراد، سكرتير المجلس المركزى لحزب «الاتحاد الوطنى الكُردستانى»، بزعامة رئيس الجمهورية السابق جلال طالبانى، فى بيان، القيادة الكردية إلى «الاعتراف بفشلها»، مشيراً إلى أن «الاستقلال لا يمكن تحقيقه برد الفعل والمزاج الشخصى للقادة»، ووصف القيادة الكردية ب«عدم الفهم وقلة الخبرة والغطرسة»، وحذر من أن «المكاسب الكردية التى تحققت خلال السنوات الماضية تواجه خطر الانهيار».
ورفض ممثلو العرب والتركمان فى كركوك، موافقة أكراد المحافظة على المشاركة بالاستفتاء على الاستقلال، وذلك فى تصويت نظمه مجلس محافظة كركوك وسط مقاطعة عربية وتركمانية، ولا تتبع محافظة كركوك الغنية بالنفط التى يقطنها عرب وتركمان وأكراد، لكردستان إداريا، لكنها من أبرز المناطق المتنازع عليها بين كردستان والحكومة المركزية.
وتتابع إيران وتركيا الاستفتاء بترقب، لأنه سيخلق مشكلة لهما، إذ إن لدى كل منهما أقلية كردية، حيث يشكل الأكراد فى تركيا حوالى خمس السكان، كما يمثلون 10% من سكان إيران، ونتيجة لذلك يبدو قلق أنقرة وطهران مبررا من أن يثير توجه أكراد العراق نحو تقرير المصير زخما مماثلا بين الأكراد فى البلدين، وزاد من المخاوف ترحيب جميع الفصائل الكردية الإيرانية المعارضة بالاستفتاء.
وهذه المخاوف قادت البلدين إلى مضاعفة جهودهما فى قمع أى طموحات كردية محتملة على أراضيهما، فقد قامت حكومة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بتشديد القيود المشددة أصلا على أى نشاط يعبر عن ثقافة الأكراد وتقاليدهم، كجزء من حملتها المستمرة لاستئصال المعارضة السياسية فى أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضى.
وتفعل إيران الشىء ذاته تقريبا، ويوضح أحدث تقرير للخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية، أن أكراد إيران يواجهون «قمعا من القضاء وأجهزة الأمن، ويتعرضون للقتل خارج إطار القانون والاعتقال التعسفى والتعذيب فى أماكن الاحتجاز، وغياب الخدمات الحكومية الأساسية ونقص التمويل لمشروعات البنية التحتية».
وجددت تركيا معارضتها الشديدة للاستفتاء، وأعلن وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو عن توقعاته بأن تلغى حكومة أربيل الاستفتاء، ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمى، قرار مجلس محافظة كركوك، بالمشاركة فى الاستفتاء بأنه «قرار خاطئ واستفزازى ومرفوض»، وكان رئيس الأركان العامة فى القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقرى قد زار تركيا، وأكد أن بلاده تعارض الاستفتاء.
أمريكيا، نقل وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس للمسؤولين الأكراد، خلال زيارته الأخيرة إلى أربيل، مخاوف واشنطن من أن الاستفتاء يشكل عائقاً أمام الحرب ضد «داعش»، فيما قال رئيس وكالة المخابرات الدفاعية الأمريكية الجنرال فنسنت ستيوارت إن مساعى استقلال الأكراد تمثل تحديا كبيرا لاستقرار البلاد.