كان زعيمًا عظيمًا

فى قرية سياحية هادئة بالقرب من فايد، وفى إحدى ندوات بريد الأهرام عام 1996 دخلت فى مناقشة حامية مع الأستاذ الفاضل د. كمال متولى، وكان موضوعها أن الزعيم جمال عبدالناصر لم يكن قائدًا استراتيجيًا، بل كان ساذجًا سياسيًا، وهو ما وصل بنا إلى الهزيمة الساحقة البشعة فى يونيو 1967، حتى قيض الله لنا الرئيس السادات بشجاعته وحكمته، وتحقق لنا نصر أكتوبر 1973.. وللمناسبة فقد كان الدكتور كمال متولى يعمل قريبًا من دائرة الرئيس السادات بل ربما كان مديرًا لمكتبه!!
 والدكتور كمال رجل شهم ذو مروءة، وقد اتصل بى تليفونيًا للسؤال عنى حين أصبت بذبحة صدرية.. وفى يوم 15 ديسمبر وتحت عنوان (رؤية شاهد على العصر) عاد الدكتور وكرر أن عبدالناصر لم يكن قائدًا استراتيجيًا، لأنه لم يحصل أبدًا على إجازة أركان حرب!
 وفى اليوم التالى أجرى تصويبًا على ذلك، وأفاد بأنه كان يقصد تشرشل وأن عبدالناصر قد حصل بالفعل على إجازة أركان حرب!! وأنا لن أتحدث فيما إذا كان عبدالناصر رجلاً استراتيجيًا أم أنه رجل غير استراتيجى!
 ولكنى أقول بأعلى صوتى ولمن لم يعرف الزعيم عبدالناصر من الأجيال الحالية، إن عبدالناصر هو أول مصرى يحكم مصر منذ ثلاثة آلاف سنة، وقد كان رحمه الله مصريًا صعيديًا مخلصًا نزيهًا شريفًا، ترك الدنيا ورصيده فى بنك مصر مائتا جنيه!!
 وأستطيع أن أقرر بكل الثقة، أن معظم أبناء الطبقة المتوسطة من أبناء الفلاحين والعمال والموظفين، الذين تعلموا بالمجان فى الخمسينيات والستينيات، والذين شغلوا مناصب الوزراء ورؤساء الوزارات، ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات، ورؤساء تحرير الصحف، ومديرى البنوك، ورؤساء الشركات، وما كان لأحد من هؤلاء أن يصل إلى ما وصل إليه لولا ظهور عبدالناصر.. وكيف كان يتسنى لمثلى أن يجلس مكان الخواجة كوهينكا مديرًا لإحدى الشركات.. لقد كان عبدالناصر زعيمًا عظيمًا بحق.
محمد السيد رجب
مدير عام سابق - الإسكندرية