الزراعة: المجازر تستقبل 9700 أضحية.. و«الصحة الحيوانية» يواصل تقديم خدماته    «حياة كريمة» تتكفل برعاية بائع غزل البنات وأسرته.. ودعمه بمشروع تمكين اقتصادي    حل كابينيت الحرب في إسرائيل.. نتنياهو يشكل مجلسا جديدا للمشاورات الحساسة    عماد البشتاوي: العنصر الأساسي في مجلس الحرب هو "جانتس"    الأسلحة النووية تسيطر على الصراع بين موسكو والناتو.. وتهديدات بمواجهة قوية    رئيس وزراء الهند يهنئ الرئيس السيسي: عيد الأضحى يذكر بقيم التضحية والرحمة    مباشر .. الزمالك 0-1 المصري    سر سقوط أمطار في ظل ارتفاع درجات الحرارة.. قد نلاحظ البرق والرعد    "Inside Out 2" يسجل أعلى افتتاحية بشباك التذاكر هذا العام    هل تجوز زيارة القبور في أيام العيد؟.. اعرف الحكم الشرعي    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    الرئيس الروسي يعفي ثلاثة نواب لوزير الدفاع من مناصبهم    مرض العصر.. فنانون رحلوا بسبب السرطان آخرهم الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    تفاصيل جديدة حول الطيار المصري المتوفى خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    أسقف السويس يهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    حقق حلمه.. إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس رسميًا    في اول تعليق له على شائعة وفاته .. الفنان حمدي حافظ : أنا بخير    "تضامن الدقهلية" تواصل توزيع اللحوم على الأسر الأولى بالرعاية    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    مصر تحصد المركز الخامس عربيا في تصدير البطيخ    حماس: إقدام الاحتلال على إحراق مبنى المغادرة بمعبر رفح عمل إجرامى فى إطار حرب الإبادة    سميرة عبد العزيز تكشف مفاجأة عن سبب تسميتها «فاطمة رشدي الجديدة»    تفاصيل إنقاذ طفل اُحتجز بمصعد في عقار بالقاهرة    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ارتفاع حالات البكتيريا آكلة اللحم في اليابان    حصول مركز تنمية قدرات جامعة أسيوط على رخصة تدريب معتمد من الأعلى للجامعات    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    وزارة المالية: تخفيف الأعباء الضريبية عن العاملين بالدولة والقطاع الخاص    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    حمامات السباحة مقصد الأطفال هرباً من درجات الحرارة في كفر الشيخ    إيقاف عمرو السيسي لاعب فيوتشر مباراتين وتغريمه 20 ألف جنيه    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    لبيك اللهم لبيك    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    القبض على شخص بحوزته أقراص مخدرة بالخصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    26 عامًا على رحيل الشيخ الشعراوي.. تصدى لنقل مقام سيدنا إبراهيم ورفض شياخة الأزهر وتزوج في الثانوية    الصين تتهم الفلبين بتعمد انتهاك مياهها الإقليمية    كيفية تنظيف الممبار في المنزل بسرعة وبطريقة فعالة؟    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    30 مليون مستفيد من خدمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    سعر الريال السعودي في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان المسلمون.. وجمال مبارك
نشر في المصري اليوم يوم 02 - 02 - 2010

قبل سنتين تقريبا سألت قيادياً بارزاً فى «الإخوان المسلمين» عن أسباب قسوة النظام الحاكم على الجماعة، وعن إفراطه فى التنكيل بها، فقال وابتسامة عريضة تكسو ملامحه حتى انبسطت إلى أوسع مدى لها: «لأننا رفضنا أن نحمل على أكتافنا مشروع جمال مبارك». يومها أمعنت النظر فى عينيه مليا، وسألته بجدية ظاهرة: «هل ستتمسكون بموقفكم هذا إلى النهاية؟» فأجاب من دون تردد: بكل تأكيد، لأن مشروع التوريث مرفوض شعبيا، ولا يمكن للإخوان أن يتحملوا أوزاره، أو يتصدوا لتسويقه، فينالهم من أدرانه الكثير.
ولأن النوايا لا يحيط بها خبرا إلا علام الغيوب، فقد أخذت كلامه على محمل الجد، وتناسيت تاريخا طويلا من تعاون الإخوان مع السلطة، أيام الملك وإسماعيل صدقى وعبدالناصر والسادات، وهو تعاون لم يورثهم إلا محنة تلو أختها، وعذاباً بعد أخيه.
ومرت شهور تناثرت فيها تصريحات قيادات الجماعة، لكنها كانت تتجمع فى مجرى واحد، لا يصب أبدا فى مشروع التوريث، حتى اهتز كل شىء حين اعترف الأستاذ مهدى عاكف المرشد السابق ب«صفقة» بين الجماعة والأمن قبيل الانتخابات التشريعية التى جرت عام 2005.
وما إن ترجل عاكف، بناء على طلبه، واختير الدكتور محمد بديع خلفا له، حتى تطلع الجميع إلى المرشد الجديد، ليسمعهم قوله فى قضية «مستقبل الحكم فى مصر».
وكانت هذه التطلعات مغلفة بكل الاستنتاجات التى أوجدتها انتخابات الإخوان الأخيرة، والتى دفعت القطبيين إلى واجهة الجماعة، مما جعل أغلب التحليلات تنتهى إلى أن الجماعة انحازت إلى الحفاظ على تماسكها واستمرارها على قيد الحياة، وأعطت هذا أولوية عن أى مزيد من الانخراط فى الحياة السياسية، أو التقرب من القوى الوطنية المطالبة بالإصلاح السياسى.
وتحدث بديع، فكشف عن خبايا مطمورة تحت المناورات والمداورات والتحايل والتمايل، ونطق بكلام أشبه بما يردده رجال الحزب الوطنى عن الانتخابات التى تنزع التوريث عن الإتيان بجمال مبارك، أو استنطقه إياه صديقنا الأستاذ عمرو عبدالحميد، مدير مكتب تليفزيون «بى. بى. سى» فى القاهرة، خلال حواره معه.
ومهما حاول الإخوان أن يخففوا من الصدمة التى أوقعوها فى صدور كل من ظنوا أن الجماعة لن تكون فى يوم من الأيام نصيرا للتوريث،
فإن محاولاتهم هذه قد لا تنجح فى بناء أى جسور للثقة بينهم وبين شعب يرفض هذا المشروع الذى سيودى بمصر إلى مزيد من التراجع، أو بينهم وبين القوى الوطنية وقطاع من المثقفين يتعاطف معهم من منظور حقوقى، لذا يرفض التمييز الواقع ضدهم فى الوظائف العامة، وتحويل المدنيين منهم إلى محاكم عسكرية، ويأبى حصارهم والتضييق عليهم ومطاردتهم وملاحقتهم، والزج بهم فى غياهب السجون، بلا هوادة.
وما قاله الدكتور بديع إما أنه أحد خيارات الإخوان منذ البداية، لكنهم كانوا يدخرون الإعلان عنه إلى الوقت المناسب، أو هو توجه عارض صنعته الظروف القاسية التى تعيشها الجماعة، لاسيما بعد أن تيقنت من أن السلطة تسعى إلى تفكيك الإخوان أو إزاحتهم، ولو مؤقتا، من الحياة السياسية المصرية. وقد يكون هذا كله بالون اختبار يريد منه المرشد الجديد أن يقف على نية السلطة حيال الجماعة مستقبلا، أو أنه طُعم يرمى به أمام عيون أهل الحكم لعلهم يلتقطونه ويبلعونه،
لاسيما أنهم جوعى إلى أى طرف لديه شعبية عريضة، يهديها لمشروع بلا جمهور.
وبالطبع فلن يكون بوسع أحد أن يفسر رأى بديع فى «التوريث» على أنه ناجم عن لسان زل، أو خاطر شرد، أو أنه من قبيل الثرثرة الفارغة، التى تشغل الفراغ، أو تُسوّد بعض سطور الصحف، التى باتت تلهث وراء الإخوان وتتتبع أخبارهم.
إن الإخوان فى موقفهم هذا أسرى آراء مرشدهم الأول ومؤسس جماعتهم، الشيخ حسن البنا، حيث كان الرجل لا يؤمن بأى تغيير جذرى، ولا يثق فى قدرة المصريين على التمرد، ولا يطمئن إلى أن الثورة بوسعها أن تصنع واقعا جديدا وجيدا، وهو أمر بالغ الغرابة من رجل عاصر ثورة 1919، وأطلق رجاله ليذهبوا إلى حرب فلسطين 1948. كما أن الإخوان أسرى تجاربهم المريرة التى جعلت «ثقافة المحنة» تسكن صدورهم، وتسرى تحت جلودهم، فتآلفوا مع طرق باب السلطان، ولم ييأسوا من أن يفتح لهم يوما،
وهى مسألة عبر عنها أحد قيادييهم ذات يوم حين قال من دون مواربة: «ستظل أيادينا ممدودة إلى الرئيس مبارك».
فى الوقت نفسه لا يمكن النظر إلى رأى بديع فى توريث الحكم بعيدا عن المرض الإخوانى العضال، الذى يجعل الجماعة، تفكر وتدبر، كفصيل سياسى واجتماعى يقدم مصلحته على المصلحة العامة، ويُسخّر كل الوسائل الممكنة لخدمة غرضه، ويبنى مجده على أى أكتاف بوسعه أن يعتليها، وأى أجساد بإمكانه أن يقف فوق أجذاعها.
إن وقوف الإخوان إلى جانب مشروع التوريث قد يضمن لهم تجميدا مؤقتا لإعمال المادة الخامسة من الدستور، بما يمكّن الجماعة من أن تخوض الانتخابات المقبلة فى أجواء من الحرية النسبية، وقد يجعل السلطة تغض الطرف عن احتفاظهم بعدد مناسب من مقاعد البرلمان،
وقد يوفر لهم قدرة على التحرك بحرية فى الشارع والجماعات والأندية والمنتديات والمؤسسات، ومن الممكن أن يدفع السلطة إلى تجميد قضايا مرفوعة ضدهم، وإخراج بعض قيادات الجماعة من السجن، والكف عن ملاحقتهم المستمرة، لكن كل هذا لن يجعل «الإخوان» قادرين على أن يقولوا ويفعلوا كرجال يثق الناس فيهم، بل سيضافون إلى ملحقات النظام الحاكم وذيوله،
وستلقى بهم هذه النفعية، التى تعارض أشواق المصريين إلى الحرية والعدالة والكفاية والنظام الجمهورى، فى التهلكة، وسيجدون أنفسهم فى نهاية المطاف قابضين على الريح، وساعتها سيبكون بدلا من الدموع دما، يلطخ وجوههم، وسيلعنهم اللاعنون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.