ميمي جمال: تكريمي في المهرجان القومي حقنة فتامين | خاص    ملك البحرين يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة يوليو المجيدة    إزالة 17 حالة تعد على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    الجنيه المصري يواصل تعزيز مكاسبه مقابل الدولار    «المشاط»: الاقتصاد المصري حقق 4.2% نموًا خلال 9 أشهر    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    وزير قطاع الأعمال: حريصون على تعزيز التكامل مع هيئة الشراء الموحد لتلبية احتياجات السوق المحلي من الأدوية    وزير الخارجية يتوجه إلى بوركينا فاسو المحطة الثانية من جولته بغرب أفريقيا    زيلينسكي يعرض مجددا لقاء بوتين: نريد إنهاء الحرب    تقارير تونسية: علي معلول يقترب من العودة إلى الصفاقسي بعد نهاية رحلته مع الأهلي    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    ضبط 4 مخابز لتصرفهم في 2 طن دقيق مدعم وتحرير 228 مخالفة بالإسماعيلية    فى ضربة قاضية لتعليم الانقلاب …أولياء الأمور برفضون الحاق أبنائهم بنظام البكالوريا    حملات مكثفة على مخابز الوادي الجديد ومتابعة تطبيق مبادرة حقك بالميزان    وزير الصحة: إجراء أكثر من 183 ألف عملية جراحة مخ وأعصاب ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    بمشاركة رجال الشرطة.. حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن أسيوط    وسائل إعلام سورية عن مصدر أمني: اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء يجري تطبيقه في معظم المناطق بلا خروقات    التربية والتعليم تعلن فتح باب التقدم الكترونيا لمدارس المتفوقين للعلوم والتكنولوجيا "STEM"    افتتاح نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير بالجامعة الألمانية في برلين (صور)    كريم نيدفيد لميركاتو : الإصابة وزحمة نص الملعب عرقلت مشواري مع الأهلي..تريزيجيه رجع بدري وزيزو انهى مقولة المستحيل في الكرة    «هو لازم تبقى لوغاريتمات».. شوبير ينتقد الزمالك بسبب عرضي دونجا وصبحي    يضم 24 مدرسة، قيادات الأزهر يفتتحون المقر الرسمي لأكاديمية «مواهب وقدرات» للوافدين    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    وزير قطاع الأعمال وسفير الهند يبحثان تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية    الصحة: إغلاق خمسة فروع لعيادة "بيلادونا ليزر كلينك" للتجميل والعلاج بالليزر    «امنعوا الناس تحبه».. ندى بسيوني تطالب «الموسيقيين» بإعادة النظر في منع راغب علامة    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    تنطلق اليوم.. قصور الثقافة بجنوب سيناء تحتفل بذكرى ثورة 23 يوليو بعروض فنية متنوعة    خاص| دنيا سامي: نفسي أعمل "أكشن كوميدي".. ومبسوطة بنجاح مصطفى غريب    ظاهرة ألبومات ال15 أغنية .. مغامرة فنية فى زمن ال «السينجل»    تفاصيل تجربة يوسف معاطي مع الزعيم عادل إمام في الدراما    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    في ذكرى 23 يوليو، حكاية زعيم وفدي كان سببا في دخول عبد الناصر الحربية    وزير التعليم العالي والبحث العلمى يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    ضبط شخص لإدارته كيانا تعليميا دون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    "كتالوج" يتصدر الأعلى مشاهدة في مصر والسعودية والدول العربية    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق أسيوط الغربي    اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية لبحث الوضع الكارثي في غزة    موعد مباراة المغرب وغانا في نصف نهائي أمم إفريقيا للسيدات والقناة الناقلة    لجنة فنية من قطاع النقل البحري تواصل أعمالها بموانئ جنوب سيناء    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    الصحة تكشف حقيقة نقص الأنسولين داخل مستشفيات التأمين الصحي    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل 3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    مسجلة 3.9 مليار دولار.. 194% ارتفاعا في صادرات الذهب بالنصف الأول من 2025    «أونروا»: سكان غزة يصابون بالإغماء من شدة الجوع    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    وزير خارجية فرنسا: ما يحدث في غزة فضيحة.. ولا مبرر لعمليات إسرائيل العسكرية    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    العش: معسكر تونس مفيد.. ونتطلع لموسم قوي مع الأهلي    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    «أزمات في أوضة اللبس؟».. رد صريح من نجم الأهلي    «مستقبلك مش مُشرق يعني».. مدحت شلبي يصدم مصطفى محمد بسبب تصرفه مع الأهلي    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان المسلمون.. وجمال مبارك
نشر في المصري اليوم يوم 02 - 02 - 2010

قبل سنتين تقريبا سألت قيادياً بارزاً فى «الإخوان المسلمين» عن أسباب قسوة النظام الحاكم على الجماعة، وعن إفراطه فى التنكيل بها، فقال وابتسامة عريضة تكسو ملامحه حتى انبسطت إلى أوسع مدى لها: «لأننا رفضنا أن نحمل على أكتافنا مشروع جمال مبارك». يومها أمعنت النظر فى عينيه مليا، وسألته بجدية ظاهرة: «هل ستتمسكون بموقفكم هذا إلى النهاية؟» فأجاب من دون تردد: بكل تأكيد، لأن مشروع التوريث مرفوض شعبيا، ولا يمكن للإخوان أن يتحملوا أوزاره، أو يتصدوا لتسويقه، فينالهم من أدرانه الكثير.
ولأن النوايا لا يحيط بها خبرا إلا علام الغيوب، فقد أخذت كلامه على محمل الجد، وتناسيت تاريخا طويلا من تعاون الإخوان مع السلطة، أيام الملك وإسماعيل صدقى وعبدالناصر والسادات، وهو تعاون لم يورثهم إلا محنة تلو أختها، وعذاباً بعد أخيه.
ومرت شهور تناثرت فيها تصريحات قيادات الجماعة، لكنها كانت تتجمع فى مجرى واحد، لا يصب أبدا فى مشروع التوريث، حتى اهتز كل شىء حين اعترف الأستاذ مهدى عاكف المرشد السابق ب«صفقة» بين الجماعة والأمن قبيل الانتخابات التشريعية التى جرت عام 2005.
وما إن ترجل عاكف، بناء على طلبه، واختير الدكتور محمد بديع خلفا له، حتى تطلع الجميع إلى المرشد الجديد، ليسمعهم قوله فى قضية «مستقبل الحكم فى مصر».
وكانت هذه التطلعات مغلفة بكل الاستنتاجات التى أوجدتها انتخابات الإخوان الأخيرة، والتى دفعت القطبيين إلى واجهة الجماعة، مما جعل أغلب التحليلات تنتهى إلى أن الجماعة انحازت إلى الحفاظ على تماسكها واستمرارها على قيد الحياة، وأعطت هذا أولوية عن أى مزيد من الانخراط فى الحياة السياسية، أو التقرب من القوى الوطنية المطالبة بالإصلاح السياسى.
وتحدث بديع، فكشف عن خبايا مطمورة تحت المناورات والمداورات والتحايل والتمايل، ونطق بكلام أشبه بما يردده رجال الحزب الوطنى عن الانتخابات التى تنزع التوريث عن الإتيان بجمال مبارك، أو استنطقه إياه صديقنا الأستاذ عمرو عبدالحميد، مدير مكتب تليفزيون «بى. بى. سى» فى القاهرة، خلال حواره معه.
ومهما حاول الإخوان أن يخففوا من الصدمة التى أوقعوها فى صدور كل من ظنوا أن الجماعة لن تكون فى يوم من الأيام نصيرا للتوريث،
فإن محاولاتهم هذه قد لا تنجح فى بناء أى جسور للثقة بينهم وبين شعب يرفض هذا المشروع الذى سيودى بمصر إلى مزيد من التراجع، أو بينهم وبين القوى الوطنية وقطاع من المثقفين يتعاطف معهم من منظور حقوقى، لذا يرفض التمييز الواقع ضدهم فى الوظائف العامة، وتحويل المدنيين منهم إلى محاكم عسكرية، ويأبى حصارهم والتضييق عليهم ومطاردتهم وملاحقتهم، والزج بهم فى غياهب السجون، بلا هوادة.
وما قاله الدكتور بديع إما أنه أحد خيارات الإخوان منذ البداية، لكنهم كانوا يدخرون الإعلان عنه إلى الوقت المناسب، أو هو توجه عارض صنعته الظروف القاسية التى تعيشها الجماعة، لاسيما بعد أن تيقنت من أن السلطة تسعى إلى تفكيك الإخوان أو إزاحتهم، ولو مؤقتا، من الحياة السياسية المصرية. وقد يكون هذا كله بالون اختبار يريد منه المرشد الجديد أن يقف على نية السلطة حيال الجماعة مستقبلا، أو أنه طُعم يرمى به أمام عيون أهل الحكم لعلهم يلتقطونه ويبلعونه،
لاسيما أنهم جوعى إلى أى طرف لديه شعبية عريضة، يهديها لمشروع بلا جمهور.
وبالطبع فلن يكون بوسع أحد أن يفسر رأى بديع فى «التوريث» على أنه ناجم عن لسان زل، أو خاطر شرد، أو أنه من قبيل الثرثرة الفارغة، التى تشغل الفراغ، أو تُسوّد بعض سطور الصحف، التى باتت تلهث وراء الإخوان وتتتبع أخبارهم.
إن الإخوان فى موقفهم هذا أسرى آراء مرشدهم الأول ومؤسس جماعتهم، الشيخ حسن البنا، حيث كان الرجل لا يؤمن بأى تغيير جذرى، ولا يثق فى قدرة المصريين على التمرد، ولا يطمئن إلى أن الثورة بوسعها أن تصنع واقعا جديدا وجيدا، وهو أمر بالغ الغرابة من رجل عاصر ثورة 1919، وأطلق رجاله ليذهبوا إلى حرب فلسطين 1948. كما أن الإخوان أسرى تجاربهم المريرة التى جعلت «ثقافة المحنة» تسكن صدورهم، وتسرى تحت جلودهم، فتآلفوا مع طرق باب السلطان، ولم ييأسوا من أن يفتح لهم يوما،
وهى مسألة عبر عنها أحد قيادييهم ذات يوم حين قال من دون مواربة: «ستظل أيادينا ممدودة إلى الرئيس مبارك».
فى الوقت نفسه لا يمكن النظر إلى رأى بديع فى توريث الحكم بعيدا عن المرض الإخوانى العضال، الذى يجعل الجماعة، تفكر وتدبر، كفصيل سياسى واجتماعى يقدم مصلحته على المصلحة العامة، ويُسخّر كل الوسائل الممكنة لخدمة غرضه، ويبنى مجده على أى أكتاف بوسعه أن يعتليها، وأى أجساد بإمكانه أن يقف فوق أجذاعها.
إن وقوف الإخوان إلى جانب مشروع التوريث قد يضمن لهم تجميدا مؤقتا لإعمال المادة الخامسة من الدستور، بما يمكّن الجماعة من أن تخوض الانتخابات المقبلة فى أجواء من الحرية النسبية، وقد يجعل السلطة تغض الطرف عن احتفاظهم بعدد مناسب من مقاعد البرلمان،
وقد يوفر لهم قدرة على التحرك بحرية فى الشارع والجماعات والأندية والمنتديات والمؤسسات، ومن الممكن أن يدفع السلطة إلى تجميد قضايا مرفوعة ضدهم، وإخراج بعض قيادات الجماعة من السجن، والكف عن ملاحقتهم المستمرة، لكن كل هذا لن يجعل «الإخوان» قادرين على أن يقولوا ويفعلوا كرجال يثق الناس فيهم، بل سيضافون إلى ملحقات النظام الحاكم وذيوله،
وستلقى بهم هذه النفعية، التى تعارض أشواق المصريين إلى الحرية والعدالة والكفاية والنظام الجمهورى، فى التهلكة، وسيجدون أنفسهم فى نهاية المطاف قابضين على الريح، وساعتها سيبكون بدلا من الدموع دما، يلطخ وجوههم، وسيلعنهم اللاعنون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.