رسائل ل«التأسيسية» (17): الشريعة الإسلامية

مواد الشريعة الإسلامية فى مشروع الدستور من أكثر الأمور التى احتملت جدلاً، وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من المجتمع تؤيد تطبيق الشريعة إلا أن المغالاة فى التطبيق دون مراعاة ظروف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية وتنوعه الداخلى أدت دائماً إلى حالة من اللغط، وإذا أضيف إلى ذلك محاولة التيار السلفى التحدث باسم الإسلام وحده دون غيره، رغم حصوله على ما لا يزيد على 127 مقعداً فى مجلس الشعب لاتضح الأمر، خاصة أن هذا التيار يدعى أنه وحده حامى حمى الشريعة.
والسؤال الآن: ما المواد المختلف عليها والمتصلة بشكل أو بآخر بالشريعة، وكيف يمكن الخروج من المأزق الذى شكله وجودها؟
المادتان 2 و3 تخصان مبادئ الشريعة الإسلامية وهما منقولتان من الدستور السابق، ومتفق عليهما من جميع القوى والتيارات السياسية والدينية باستثناء التيار السلفى، ومن ثم فإن التوافق يجعل هناك ضرورة لبقائهما كما هما، وكذلك احتكام المسيحيين واليهود لشرائعهم، وهو أمر من محامد المشروع التى نحسب أنه تم التوافق عليها.
المادة 221، وتنص على أن مبادئ الشريعة «تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة»، وهى بلا شك تلغى ما سبق أن ذكرته المادة 2، لأن الصحيح فى الأمر هو «.... مصادرها المعتبرة المجمع عليها فى مذاهب ....».
المادة11، وتنص على «... وتعمل (الدولة) على تعريب العلوم والمعارف»، وهذه المادة تضعنا فى مأزق، لأن التعريب كان أمراً قائماً فى العصور الوسطى، حيث كانت حضارة العرب فى مجدها، وحضارة الغرب فى أدنى مكانة، اليوم لا يمكن لهذا الأمر أن يحدث بعد أن تبدلت المواقع مع أشد الأسافى.
المادة 38: «يحظر الإساءة أو التعرض إلى الرسل والأنبياء كافة»، ما معنى التعرض، ومن يحدد الرسل هل شرع الإسلام أم المسيحية أم اليهودية أم كل ذلك؟! الأمر يكفى أن يتم تناوله بإعمال الشرائع السماوية فى المادتين2و3، ولا داعى لأكثر من ذلك، لأن الشيطان يكمن فى التفاصيل.
المادة 68 التى تتحدث عن المساواة بين المرأة والرجل «دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية». أيضاً يكفى حديث المادة 2، ولا داعى لكثرة القيل والقال، فالمعروف أن للمرأة وضعاً غير متساوٍ مع الرجل فى الزواج والميراث.
وعلى الله قصد السبيل.