تعالت طرقات الباب إيذاناً بقدوم أحد الضيوف الثقلاء الذين ينحصرون عادة فى أربعة: محصل النور، أو حارس العقار حاملاً معه فاتورة التليفون، أو ابن صاحب العمارة حاملاً معه وصل إيجار الشقة - مع الأسف قانون جديد - وأخيراً محصل اشتراك الإنترنت الذى أصبح محدود السعة.. كانت هذه المرة من نصيب محصل النور الذى أصبحت أُصاب بحالة من الهلع بمجرد سماع «نحنحته»، التى يليها عادة رقم يتجاوز المائتى جنيه كفاتورة الكهرباء.. أنا أقبل هذا بطيب خاطر لأنى بالطبع مقتنع أن هذه الفاتورة الباهظة نتيجة استهلاكى للكهرباء أو أحاول إقناع نفسى بهذا، وكما توقعت تنحنح المحصل ثم أبلغنى بمبلغ الفاتورة بصوته الملائكى الساحر وهو ينطق كلمة «مائتى جنيه يا باشا»، فقبلت الأمر الواقع وأخذت الفاتورة لأتأكد، فمن الممكن أن يكون أخطأ وقرأ ال20 على أنها 200 لكنى قرأت شيئاً آخر جعلنى أستشيط غضباً فى وجهه حينها.. لاحظت أن مبلغ القمامة أصبح ثمانية جنيهات، أى بزيادة 3 جنيهات عن الشهر الماضى!! فصرخت فى وجهه صرخة كادت تسقطه أرضاً: «إيه السرقة دى؟ هى الحكومة بتشيل الزبالة أصلاً!!! فحاول الرجل أن يهدئ من روعى قائلاً: «هى جت يعنى يا بيه على التمانية جنيه دول وهتعصب نفسك»!! وليته ما حاول تهدئتى فقد نزلت كلماته علىَّ كالبنزين على النار.. وفى تلك اللحظة قررت أن أنفذ ما طالبتنا به حكومتنا النظيفة فى إعلاناتها الرمضانية «المصرى اللى على حق.. يقول للغلط لأ».. - مش دافع فلوس الزبالة.. إزاى يعنى يا باشا.. هدفع فلوس استهلاكى للكهرباء، لكن زبالة مش دافع.. ماينفعش يا بيه يا تدفع كله يا مش واخد.. خلاص إحنا نروح القسم نعمل محضر نقول فيه إن حضرتك مش عايز تستلم فلوس الكهرباء وبتمتنع عن تطبيق عملك الذى ينص عليه الدستور والقانون.. وفى القسم ابقى قولهم يا كله يا بلاش براحتك.. (ويبدو أنى كنت مقنعاً فى أدائى).. خلاص يا باشا أدفع اللى تدفعه براحتك!! هى كانت فلوس أمى.. وبالفعل دفعت مائتى جنيه إلا 8 جنيهات.. حقاً إحساس رائع أن تشعر أنه لم ينصب عليك كالعادة.. هو ده هيبقى نظامى مع أى حد فى البلد دى.. واللى مش عاجبه نسحبه على القسم.. أول مرة أحس إن إعلانات الحزب الوطنى ليها لازمة.. من النهارده مش هضيع حقى مع الحكومة لأن «المصرى اللى علي حق.. يقول للحكومة لأ»!! أحمد رباح webedmgr@almasry_alyoum.com