في يوم واحد.. خلال عدة ساعات دق جرس الباب، مندوب الغاز، مندوب المياه، مندوب الكهرباء، وكل واحد وفاتورته.. الغاز مثلاً: قيمة الاستهلاك ستة جنيهات، ثم تحت بند تسويات مدينة: «سبعة جنيهات»، وكالعادة سألت المندوب: مدينة ايه؟ احنا دافعين كله شهر بشهر، قال: لأ.. ده إيجار العداد وسوف يتم تحصيله شهرياً وقابل للزيادة!!.. بعد ذلك وصل الأخ بتاع شركة المياه.. والفاتورة سبعون جنيهاً!! ليه يا سيد.. شهر واحد سبعين جنيه.. قال: لأ .. دي تسعين يا أستاذ!! ليه؟ قال أصل فيه فروق!! يعني ايه؟ أنا ساحب ميه ب40 جنيه بس قال : دي فروق تقسمها علي الشقق وخلاص.. أنا ما ليش ذنب.. روح اشتكي، وبعد سيادته جاء موظف الكهرباء.. مائة وعشرون جنيهاً.. وكالعادة؟! دار الحوار المكرر والمحصلة: روح اشتكي!! وقد كان.. وفي شركة المياه قال المحروس المختص: صحيح أنت سحبت مياه ب40 جنيه لكن اللي بيحصل أن الشركة تضيف علي الفاتورة: نصف المياه.. مقابل الصرف الصحي يبقي 60% وضريبة مبيعات كذا، مزين لقص فردة الخروف كذا، ودمغة كذا ثم الفروق كذا (بطريقة نجيب السرجاني في فيلم أبو حلموس جردل لشرب الخروف كذا، بيطري لعلاج الخروف كذا.. كده نكتب تكاليف الخروف ألف جنيه، المهم يا حضرات.. أخذت أفكر.. 40 جنيه ثمن المياه، ثم 20 جنيه ثمن صرف المياه!! وكان مفروض الناس تحتفظ بالمياه وخلاص، باعتبار أن مصر هبة الفواتير. ثم حكاية تأجير العداد.. وهذه نكتة تجدونها في كل فاتورة حكومية، وهي بدعة مستحدثة سوف يحصل صاحبها علي ترقية وعلاوة وإعادة نظر.. وربما منصب وزاري رفيع. باعتبار أن المبدأ: كلما ازدادت أفكار سلخ جلد المواطن وكلما برع المخترع في ابتكار وسائل قص ريشه ونزع بقايا شعره وتحطيم ذكريات أعصابه.. كلما كان ذلك أفضل جداً.. وكأنه مع القديسين.. عداد ايه يا أسطي؟ ودون مبالغة.. كلما دق جرس الباب قلنا لا شعورياً: فاتورة من الحكومة المحبوبة جداً. ثم: أليس لهذا السلخ» و«الشوي» من نهاية.. كل يوم.. وربما كل ساعة زيادة.. المضحك أن الحكومة تردد: «الباعة المستغلين»، «التجار الجشعين»، الوسطاء المتاجرين بقوت الشعب.. وحلم شعارات ليفية (من الأخ أبو الليف) ثم يصلك المندوب الحكومي بفاتورة الشر التي تتضاعف قبل الأكل وبعده. زمان كان يقول لك : «كيلو الكهرباء حا يبقي 3 مليم (عملة تاريخية) يعني 3 علي ألف جنيه الجنيه الموكوس بعد السد العالي، بعدها قيل لنا: الغاز حايبقي بقروش، وقبلها الميه حاتبقي هدية تقريباً.. وخلالها سمعنا: التليفون حايبقي سهل ويسير ورخيص.. حاجة ببلاش كده.. الخ السواد المعروف. إلي آخر هرش المخ الذي أجهد عقولنا وأصابنا بالبلة وربما البلل، مع تزايد وتواتر العلل!! الآن.. لا يوجد فقط تجار جشعين، لكن تسمع رداً مكرراً: روحوا اشتكوا.. ارفعوا قضية علي الشركة.. ويأتي رد المواطن المطحون: حاارفع قضية بايه؟! ثم حانرفع علي مين ولا مين؟ وبواقع تجربة شخصية.. أقول، هذا صحيح.. لقد جربت رفع قضية من هذا النوع.. طلب الباشمهندس المحامي 75 ألف جنيه (خمسة وسبعين)!! بما يذكرك بحكاية المستجير من الرمضاء بالنار أو العكس. والمؤلم أن الممارسة مستمرة.. ليس لها سقف.. كلما ضاقت الحال بأحدهم يقوم بمضاعفة الفاتورة خاصة وما بينه وبين ذلك المواطن مجرد عقد اذعان.. ليس لدي الغلبان بديل.. لازم الميه والنور والغاز ولازم يرضخ وهو يلطم.. ويستسلم وهو يصرخ.. ولا من مستمع.. وكلها آذان في الشقيقة مالطة. ويعني أنا مش فاهم.. كيف ادفع مائة جنيه مقابل نفس الخدمة التي كنت ادفع فيها 50 جنيه أو أقل العام الماضي وربما منذ شهور فقط.. يعني الفاتورة تضاعفت فعلاً خلال 4 شهور وأتساءل: أليس لهذا التصاعد من نهاية؟ الخدمة كما هي.. ولنكن أكثر صراحة.. تزداد سوءاً حتي المحصل بتاع الشركة ازداد بروداً.. ربما من كثرة سماعه نفس الشكوي والأسئلة.. هذا بينما المرتبات والدخول عامة لدي 95% من المصريين تزداد انخفاضاً.. بفعل التضخم البشع هذا بينما.. عذرا جرس الباب يدق.. أقوم افتح لمحصل رابع.. بعد اذنكم، أراكم مع فاتورة أخري، وعلي رأي الأخت رزان المغربي في لعبة الحياة لسه عندنا حاجات كثير بكل أسف.. بكل حسرة.. بكل فاتورة. ملحوظة: عندي فكرة عبقرية تحولني إلي وزير: اقترح فاتورة للهواء: للشهيق والزفير كمان).