حالة من الإحباط تهيمن على الكثيرين ، وكلما يحتث عن السبب تأتيني إجابة واحدة " فقدنا الرغبة في كل شيء وأي شيء " فالجهل يتربع في البلاد ، والفساد يرتع بين العباد ، والمنظومة التعليمية مهترئة ' والصحية بالية ، والحوارات عنيفة جارحة صادمة ، والإعلام يثير الغثيان ، والضجيج يلفنا في كافة الأمكنة ، والأوضاع الاقتصادية متردية ، وزمن الأحلام توقف ويأبى الدوران ، وصارت كل أمورنا الحياتية ثقيلة على النفوس والأكف والرقاب ، ومع دخول الشتاء هُيىء للبعض أننا سنتدثر بليل أسود بارد طويل . كثيرون علقوا آمال الإصلاح على ثورة 25 يناير وما يستتبعها من تطورات حتمية من تطهير وإصلاح ، وحين تسألهم الأن يعلنون أن الثورة فشلت بكل المقاييس ، والحقيقة لا تعجبني هذه النبرة البائسة اليائسة ، أوَ حقا فشلت الثورة ؟! إذن كيف قضينا على خرافة جمود الشخصية المصرية وأنها غير قابلة للتغيير وخانعة ولا تثور وقابلة للامتطاء ؟ كيف خسر المراهنون على غباء شعب يعاني أميته ؟ كيف تيقنا أن داخل كل مصري وحشا لا يقبل الانحناء ولا يجب أن ننخدع بصبره ولا بوداعته ، فكهنة فرعون كانوا أول النهار سحرة فجرة وآخره شهداء بررة ؟ كيف تفشل ثورة شباب ولوا وجوههم شطر وطنهم وفاجأوا العالم بعبقرية معهودة متلهفة لتحقيق الحلم لتتبوأ الأوطان ما تليق وتستحق ؟ وكيف نفضوا عن كاهلهم أوصافا طالما دمغناهم بها كالاستهتار واللامبالاة حين حاول البعض قاصدا متعمدا إلهاءهم بممارسة التفاهات والتحرش والجنون بل والهروب من ذاته ونزع روح الانتماء للوطن ، فإذا بهم يثورون لينتزعوا الوطن من سفود تجاره ونخاسيه ؟ أقولها بيقين الثورة لم تفشل ولم تنته ولن تخبو جذوتها ، كيف وقد مزجت بذواتنا وعقولنا وثقافتنا حتى الأمي فينا صار ثائرا واعيا ، ربما لم نتمكن من قبض وهجها كاملا ، ولكن في يد كل منا جمرة وقبس من نورها ونارها ونهارها ، يعلن بها كل وطني حر أن البحر اللجي بظلماته الثلاث لم يسطع أن يطفيء نار قعره الموقدة المستعرة ، فقد غلب المصري خوفه واستوثق من ذاته وأضحى قادرا على بسط سطوته وسلطانه على كل من لا يرعى مصلحة الوطن وإن بدا للمتوهمين غير ذلك . يهتف قلبي هتفته عن بينة " كفوا عن إقامة سرادقات العزاء لثورة 25 يناير بل واهدموها ، فوالله لكأن تباشير فجر التغيير تدق الأبواب طال انتظارها أم قصر ، ومهما تصدر البلهاء والانتهازيون والمنافقون الشاشات واكتظت بهم الساحات يتمطون فيها كيفما يشاؤون ، فالوطن أطول قصيدة عشق عصية على الكتمان ، عصية على النسيان ، لن يتخلى الجميع عن ترديدها ، ولا عن تحقيق مطامح وطن يليق بقامة المصري كريم العنصرين . المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية 2